رغم ان هناك أصواتاً تنادى بعدم المصالحة مع جماعة الإخوان وشقيقاتها ويلتف حول هؤلاء الرافضون قطاع عريض من المواطنين حيث أن موقفهم قائم على وجهة نظر يرونها السليمة والصحيحة باعتبار انها مبنية على ممارسات الإخوان الخاطئة خلال تولى الرئيس المعزول الحكم والمتمثلة فى الاستحواذ على السلطة واقصاء الآخرين ويدللون على ذلك بالإعلان الدستورى الذى أصدره واحتكر فيه كل الصلاحيات. الا ان ذلك لن يكون الحل الناجز للأزمة السياسية والمستمرة منذ تسعة أشهر والتى انعكست على كل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية أضف الى ذلك العنف الذى أصبح للأسف كأنه سمة من سمات الشارع المصرى الذى لم يكن يعرفه من قبل،، وان الذى يتحمل تداعيات هذه الأزمة الشرطة بأجهزتها المختلفة وأصبحنا نواجه الأزمة السياسية بالحل الأمنى وهذا لا يكفى نظراً لتكلفته العالية على كافة المستويات. لذا اننى أرى ان المؤتمر المقرر عقده اليوم السبت للتحالفات الشبابية المنشقة عن الإخوان فى قاعة الأزهر لطرح مبادرة للمصالحة أطلقوا عليه »الفرصة الأخيرة« جديرة بالمساندة والدعم من القوى السياسية المختلفة حيث انها تفتح الباب لاعادة الاستقرار إلى البلاد. فما تضمنته بنود المبادرة يمثل أسساً وركائز مهمة للتصالح مع جماعات تيار الاسلام السياسى وعلى رأسها »الإخوان« فهى تتضمن ان يعترفوا بأخطائهم وإعلان مراجعات فكرية للجماعة مقابل الالتزام بخارطة الطريق على ان تتم مشاركتهم فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتعهد بالانفصال عن التنظيم الدولى للإخوان والتبرؤ من قياداته المحرضين ضد مصر. قيادات هذه التحالفات المنشقة قاموا باتصالات مع الدكتور محمد سليم العوا محامى الرئيس السابق »المعزول« لتوصيل مبادراتهم إلى القيادات المحبوسة ومرسى لاتخاذ قرار حولها على ان تقوم هذه التحالفات بتشكيل مجلس يمثلها للاتصال والتفاوض مع حكومة المهندس محلب لتحقيق مصالحة عادلة. وإذا كانت المبادرة والتى يتردد انها تشمل 9 بنود تتضمن الافراج عن المحبوسين احتياطياً على ذمة القضايا وغير المتورطين فى تهم جنائية وتشكيل لجنة لتقصى الحقائق فى أعمال العنف وايضاً ان تتقدم الجماعة باعتذر رسمى عما بدر منها خلال الثلاث سنوات الماضية ووقف المظاهرات والتنازل عن الدعاوى القضائية الدولية ضد المسئولين بالدولة. اننى أرى ان هذه المبادرة بما تضمنته من بنود تمثل تطوراً ايجابيا فى اتجاه حل الأزمة السياسية والمصالحة وعلى الحكومة ان تفتح قنوات اتصال مع هذه »التحالفات« للتواصل معها من أجل اثبات حسن النوايا. وهناك عنصران مهمان يجب ان يستوعبهما ويفهمهما الجميع أولا.. فيما يتعلق بجماعة الاخوان وشقيقاتها ان معظم المصريين بمختلف مشاربهم السياسية لن يقبلوا ان تكون مصر دولة دينية وان تصلوا إلى سدة الحكم مرة أخرى عقب تجربتكم الفاشلة واخطائكم وخطاياكم وان صناديق الانتخابات الرئاسية لن تكون فى صالحكم فيما بعد.. ومن ثم فالقبول لهذه المبادرة هى الحل والفرصة الأخيرة فعلا ثانيا.. لابد ان يفهم الجميع ايضاً ان هذا التيار السياسى الإسلامى وما يمثله من جماعة وأحزاب انهم فصيل سياسى داخل المجتمع وان اقصاءهم واستخدام الأمن فقط فى التعامل معهم لن يعيد الاستقرار الى البلاد وسيكون له انعكاسات خطيرة على الدولة المصرية ومن ثم فالمصالحة ستتيح لهذا الفصيل العمل السياسى تحت المظلة الشرعية للدولة فى اطار القانون كما ان الشعب المصرى استوعب الدرس ولن يسمح تحت اى ظرف بإقامة الدولة الدينية.