أن منظمة الشفافية الدولية منذ ظهورها على المسرح الدولي في أواخر التسعينات من القرن الماضي لعبت دورا مهما جدا في محاولة حصار الظاهرة، جزء منها لاعتبارات أخلاقية وأدبية وجزء آخر مرتبط بمفهوم مصلحي مرتبط بتوفير درجة من درجات المنافسة العادلة بين المؤسسات والشركات الدولية إلى آخره، تستخدم منظمة الشفافية الدولية أداتين رئيسيتين في محاولة تقييم مركز كل دولة من الدول محل الدراسة في سلم النزاهة أو سلم الفساد، الأداة الأولى هي أداة استطلاع للرأي العام في المجتمع المعني وبتأخذ عينة كبيرة نسبيا، الأداة الثانية هي تقديرات بعض الخبراء وهنا تتفاوت المجتمعات من زاوية قدرة الباحثين والدارسين على تناول ظاهرة الفساد ثم كشف طبيعة العلاقات الخفية ما بين أجهزة السلطة التنفيذية وبقية مؤسسات الدولة لأنه في الحالات المعنية في مجتمعاتنا العربية وغير العربية تتحول الظواهر المتعلقة بالانحرافات واسعة النطاق إلى درجة منظمة ومؤسسة كاملة للفساد تدخل فيها تشريعات تصدر لحماية الفساد أو تعزيزه مجموعة من السياسات التنفيذية أشكال متعددة ممكن نتعرض لها تفصيلا، لكن في كل الأحوال منظمة الشفافية الدولية لعبت دورا مهما في هذا المجال وكتاب المرجعية اللي صدر عن المنظمة في عام 2005 تقريبا وضع مجموعة من المعايير المتعلقة بالشفافية والنزاهة تقريبا حوالي 22 معيارا أو مؤشرا، وداخل كل معيار هناك مجموعة من المعايير الفرعية، معيار مثلا زى مدى نزاهة الانتخابات الجارية في المجتمع. 65 ألف قضية فساد.. هذا هو رقم قضايا الفساد الحكومي فى مصر التي تستقبلها النيابة الإدارية كل عام أن مقاومة الفساد ليست هي إحالة قضايا الفساد إلى نيابة إدارية.. وإنما هي محاولة البحث عن تفسير حقيقي لكل ذلك.. معرفة معنى أن يفسد 65 ألف موظف مصري كل سنة. 4.8 مليون مصري.. يعملون حالياً فى الدول العربية.. وهذا الرقم لا يعرفه حتى الآن معظم الإعلاميين الرياضيين الذين لا يترددون.. فى كل مباراة كرة تلعبها مصر مع دولة عربية.. فى محاولة كسب تصفيق الناس حتى لو كان الثمن هو خسارة هذه الدولة، وإعلان الحرب عليها.. ولأن هؤلاء الإعلاميين لا يعرفون هذا الرقم.. فهم بالتالي لا يقرأون تقارير البنك الدولي الخاصة بمصر والتي تؤكد أهمية التحويلات المالية لهؤلاء بالنسبة للاقتصاد المصري وكيف أحست مصر بالوجع الاقتصادي، لأن هذه التحويلات تراجعت العام الماضي بنسبة 9 %.. وبالطبع سيواجهني هؤلاء الآن، صارخين وغاضبين بأنهم على استعداد لأن يجوعوا ولا يفرطون فى كرامة مصر وكبريائها.. والأغرب أن هؤلاء هم آخر من يخشى الفقر ومواجهته أو البطالة وقسوتها.. لا أحد منهم يعرف الثمن المؤلم الذي يمكن أن يدفعه بيت مصري أو أسرة بسيطة، مقابل مقال رأى فاجر ليس له مبرر أو سخرية فضائية على الهواء دون وعى أو حكمة. 100 ألف مصري ومصرية.. يصابون كل سنة بالسرطان.. رقم ممكن جداً أن تقرأه فى الصفحات الأولى للصحف القومية التي تتعامل معه وكأنها تشير إلى عدد القتلى فى تاهيتى أو مدغشقر.. وعلى الرغم من احترامي لكل هذا الصخب حول الفساد الإنشائي الذي راح ضحيته معهد الأورام.. ومن خشيتي ألا يتم التعامل بحزم مع هؤلاء الفاسدين الذين لم يتوانوا حتى عن سرقة مرضى السرطان الفقراء.. إلا أنني لا أحب أن نهتم إعلاميا بقضية تشققات جدران المعهد، وننسى أوجاع البشر.. فالمائة ألف الذين يصابون فى مصر كل سنة بالسرطان. ليسوا كما فى العالم كله من كبار السن.. وإنما هم شبان ونساء فى أوج أعمارهم. 5 مليارات جنيه.. هي فاتورة مصر السنوية مقابل تناول المقرمشات.. و3 مليارات جنيه تكلفة الحديث فى التليفونات المحمولة.. وأن المصريين هم أكثر شعوب العالم إسرافا فى استخدام المياه، وفى تناول السكر وفى إلقاء بقايا الطعام الصالح للأكل فى صناديق القمامة. وأرقام أخرى كثيرة لابد أن تجبرنا على معاودة التفكير فى قناعاتنا بأننا شعب رائع لكن تحكمه حكومة سيئة.. ففي الحقيقة.. كلنا نحتاج للتفكير والتغيير. عاشت مصر عاماً من الأزمات خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد مرسالجماعة.اسة. فعبر 12 شهراً تراجع أداء الاقتصاد المصري إلى درجة جعلته على شفا الهاوية.. فقد كان النظام السابق يتحدث عن نمو اقتصادي سريع وتحقيق قفزات على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي خلال اقل من عام ولعلنا نذكر وعد مرسي الشهير بأنه مع توليه السلطة ستحصل مصر على 200 مليار دولار من الاستثمارات فوراً وسيكون قادراً على حل كافة المشكلات. وهي الوعود التي تحولت إلى نكات في طوابير محطات الوقود بالقاهرة قبل 30 يونيو .. فالواقع الذي عاشه المصريون كان مريراً، فقد تزايدت نسبة البطالة في مصر من 12,5% إلى 13,2% أي دخول نحو 1,1 مليون شاب إلى سوق البطالة. وكذلك ارتفع معدل الفقر من 23,5% إلى 25,5%.وتأثرت أسعار السلع الاستهلاكية سلباً بانخفاض سعر الجنيه بنحو 18% مقابل الدولار، حيث كان سعر الدولار في يوليو 2012 نحو 6,20 جنيه ووصل إلى أكثر من 7 جنيهات في يوليو 2013. وهو ما انعكس مباشرة في ارتفاع أسعار جميع السلع المستوردة من السيارات والماكينات والواردات الغذائية. وبلغ معدل التضخم إلى أكثر من 17,5% مقابل 14,5% قبل عام واحد. هكذا أصبح الفقراء المصريون أكثر فقراً خلال عام واحد، فقد عاش سكان الأحياء الفقيرة والريف المصري عام المرارة رغم أنهم كانوا الوقود الرئيسي الذي أوصل النظام السابق لقصر الاتحادية. وبالنسبة للديون الخارجية، فقد ارتفعت بنحو 11 مليار دولار من نحو 34,5 مليار دولار إلى 45,5 مليار دولار. كما ارتفعت الديون الداخلية بنحو 278 مليار جنيه من 1238 مليار جنيه إلى 1516 مليارات جنيه. وفي هذا الوضع تراجع الاحتياطي النقدي لمصر إلى نحو 15,5 مليار دولار فقط. وانخفضت كذلك الاستثمارات الأجنبية والعربية المباشرة من نحو 13 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير 2011 إلى أقل من مليار دولار فقط خلال عام 2013. وكان أحد نتائج سوء الإدارة الاقتصادية للنظام السابق والفشل في الحصول على قرض صندوق النقد الدولي بنحو (4,8 مليار دولار) تراجع التصنيف الائتماني لمصر إلى "سي سي سي" مما جعل مصر في وضعية قريبة من اليونان وقلل من فرص الحصول على قروض خارجية بفوائد مناسبة. وأما على صعيد الفساد، فقد أشار تقرير مركز "الشفافية" الدولية الأخير إلى أن الفساد انتشر في مصر خلال عام، حيث قال 64% من المشاركين في استطلاع للمركز أن الوضع ازداد سوءاً تحت حكم الإخوان. وبالنسبة للخدمات فقد تدهورت كافة القطاعات الخدمية من نقل ومواصلات وصحة وتعليم. وفي نفس الوقت لم ينجح النظام في إعادة الأمن لشوارع القاهرة التي كانت تظل ساهرة حتى الصباح قبل سنوات قليلة. وسياسياً، دفع خطاب "الإخوان" الاقصائي المجتمع المصري نحو حالة من الاستقطاب السياسي والاجتماعي للجماعة .مسبوقة. فقد رفض الإخوان أي محاولة للحوار مع المعارضة. وبدأ مرسي عهده بالإعلان الدستوري في نوفمبر الذي منحه كافة السلطات وعطل به قرارات المحكمة الدستورية العليا وفرض على المصريين التصويت على دستور لم تساهم اغلب النخبة المصرية في صياغته أو مناقشته بل خرج بين ليلة وضحاها. وأعقب ذلك عمليات "تمكين" مستمرة لكافة الوظائف في مصر وتولي اغلب الوزارات وتعيين محافظين من الجماعة . وتم استبعاد الجميع حتى السلفيين الذين كانوا أصدقاء وحلفاء الأمس القريب المديونية حاليا زادت عن قبل 30 يونيه 2013 بمقدار 68 مليار جنية بالإضافة إلي المديونية السابقة التي تقدر 136 مليار جنية فأصبحت الآن204 مليارات جنيه والدين الخارجي زاد بمقدار 2,5 مليار دولار بالإضافة إلي المديونية السابقة التي تقدر 31,5فأصبحت الآن34 مليار داخلياً وخارجياً 1.337 تريليون جنيه، وهو أعلى مستوى على الإطلاق من الديون مستحق على مصر في تاريخها. دولار أسعار التضخم زادت بنسبة لا تقل عن 28% وكان قبل 30 كانت 22% بالرغم من إعلان حكومة الببلاوى بأن نسبة التضخم لا تزيد عن 40% وأظهر أحدث تقرير للبنك المركزي، نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن رصيد مديونية الهيئات العامة الاقتصادية بلغ نحو 66.5 مليار جنيه، بزيادة 0.2 مليار جنيه، أما مديونية بنك الاستثمار القومي بلغت 171.9 مليار جنيه، بزيادة قدرها 1.4 مليار جنيه. وكان البنك المركزي المصري قد سحب أكثر من 20 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية، لتنخفض إلى 15.72 مليار دولار، لتعزيز الجنيه في أعقاب الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير عام 2011.