كتب د-دولانج عن الشخصية الكاريزمية السياسية او القيادية وسماتها الفريدة فربما يمنحها الله سبحانه وتعالي لشخص دون غيره تأتي مع الصعود وتذهب مع الهزيمة او الانكسار مع نفس الشخص.واضيف في مقالي هذا ان الشخصية الكاريزمية تولد في لحظات التوهج الاسطوري في ظروف سياسية واجتماعية وتاريخية معينة او اوقات ازمة طاحنة مهددة لكيان الدولة كما في الحروب او الثورات او الأوبئة..الخ. في هذه الظروف تتلهف وتتلقف وتترقب الجماهير هذا الصوت البعيد لبطلها الكاريزمي الذي يقول فيسمع له ويتصرف فيلقي التأييد دون سواه ويتحرك فتتحرك الجماهير علي اثره ويقرر مهما كان هذا القرار فيسمع ويطاع دون غيره حيث الثقة تكون غائبة في هذه الظروف،شخص استثنائي يستطيع في ظلام الازمة والخوف العام من المجهول ان يقود السفينة التائهة ويجسد احلام امته ويقدم علي تحمل المسئولية علي فداحتها بكل جرأة وصبر وعناد وقوة بقدرات شخصية ولباقة وجاذبية وقوة منطق واقناع دون تضخيم او تقليل يصدقه الناس ويلتفون حوله,يشع فيهم طاقة ايجابية لا نهائية فيعطوه شرعية فوق القانون ويرسمون صورتة في قلوبهم الي حين. والتاريخ يزخر بأسماء هؤلاء الذين تبقي سيرتهم محفورة بين اوراقه وفي ذاكرة شعوبهم لما قدموه مثل وينستون تشرشل وفرانكلين روزفلت وجمال عبد الناصر وانور السادات ورونالد ريجان.ومنهم من كان يتمتع بعبقرية كاريزمية ساحقة ولكن شريرة مثل ادولف هتلر وموسوليني وجوزيف ستالين وصدام حسين وارييل شارون. والأمة العربية في خريفها المعقد هذا..وعلي امتداد صحرائها الجرداء الشاسعة القاحلة والتي اشيع عمدا وزورا وتآمرا ان الربيع ربما يجد نصيبا له في اوديتها الجافة..فقدت بوصلتها البدائية العتيقة وقالبها الضيق الذي كانت تسير في نطاقه تابعة لهذه النظم التي تكاثرت عليها الأزمات والاغراءات حتي صارت نظما فردية دكتاتورية وراثية تمارس سياسة الراعي للقطيع وتتلذذ بطعم الفساد والافساد- في مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني للاسف- واصبح الذراع الامني موجها لشعبها والذراع المالي موجها لشراء نخبتها الزائفة المتلونة وشيدت الديموقراطية الوهمية باحزابها الكرتونية كالمخدر طويل المفعول حتي اصبحت الشعوب العربية تعاني من الرتابة السياسية والتشرذم الحضاري والتكلس الفكري والصدأ الاداري وانعدام الامل وفقدان الرؤية كالثور الاعمي المربوط في ساقية....ولكنها كانت تسير ولو كانت في مكانها..الآن ماذا حدث للامة العربية وفي قلبها مصر ؟؟العراق الذي تنتهك القنابل والسيارات المفخخة جسده ليل نهار وفلسطين التي كانت تطمع في ان تتحول لدولة فاصبحت دولتين براسين !! وليبيا التي خرجت من قمع القذافي الدموي لتواجه الدم المقذوف !!وسوريا التي يصارع نظامها البعثي -حتي الآن -الي ان انهارت الدولة السورية ناهيك عن لبنان الذي يعيش في اطار وهمي من التعايش بين طوائفه المتصارعة علي لا شئ !,ثم السودان الذي اصبح شمالا وجنوبا.كل هذا يحدث دفعة واحدة هذه الايام تحت سمعنا وبصرنا فالتاريخ يرسم نفسه الان في هذا المخاض وهذه الازمات ولكنة توقف عند مصر فقط عند مصر القلعة الحصينة لأمتها التي يقف هرمها صامدا امام رياح عاتية ولكن هيهات. ويبقي التساؤل الآن مشروعا والبحث جاريا في هذه اللحظات عن البطل الاسطوري الذي يخرج في ظلمات هذه العواصف الرهيبة ,عن قائد كاريزمي يجمع هذا الشتات ويرمم هذه الشروخ . ويبقي التساؤل حائرا من يملأ هذا الفراغ الكاريزمي الكبير ؟..من؟؟