عمان: إنطلقت في العاصمة الأردنية عمان أمس فعاليات مؤتمر القضاء الشرعي والذي تقيمه دائرة قاضي القضاة في الأردن بمشاركة قرابة 40 شخصية إسلامية عالمية والقضاة الشرعيين وأساتذة الشريعة بالجامعات الأردنية ومن عدة دول عربية وإسلامية من بينها المملكة التي مثلها وفد برئاسة وزير العدل. ويبحث المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه على مستوى الدول العربية والإسلامية،خلال ثلاثة أيام إمكانية توحيد المناسبات والأعياد الدينية في الدول العربية والإسلامية والجاليات الإسلامية في الدول الأوروبية. من جهته قال رئيس جمهورية المالديف مأمون عبد القيوم إن " المؤتمر ينعقد في وقت تشتد فيه الحاجة إلى كشف اللثام عن الوجه الوضاء للقضاء الشرعي ودوره في تحقيق الأمن في المجتمعات ونشر العدل وإحقاقه" . وأكد عبد القيوم أن " استقلال القضاء كان معلماً بارزاً في التاريخ الإسلامي، وتميز به المسلمون عن باقي الأمم، وينبغي أن يكون ذلك دافعاً دوما لمنح القضاء الشرعي المكانة التي يستحقها وإلى تعزيز دوره في المجتمعات العربية والمسلمة". واستعرض تطور مسيرة القضاء خلال العقود الإسلامية الأولى مبيناً أهميته ومكانته ومصادره الرئيسة، مشيراً إلى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) للاعتبارات الدينية كان يجمع بين السلطة التنفيذية والقضائية، ولم يكن يعين ولاة وقضاة إلا ممن عرفوا بالمستوى الفقهي والفكري المتميز. وأشار عبد القيوم إلى أنّ الخليفة عمر بن الخطاب هو أول من فصل وظيفة القضاء ومنحها استقلالاً في أعمالها وولايتها، متتبعاً تطور مسيرة القضاء في العصر الأموي والعباسي، ومشيراً إلى أن وظيفة قاضي القضاة تم استحداثها في عهد الخليفة الراشد هارون الرشيد. وأشار عبد القيوم إلى الدور المهم والحيوي الذي يلعبه القضاء الشرعي في واقع المجتمعات المسلمة اليوم، إذ تعد الشريعة الإسلامية مصدر التشريع الرئيس في مختلف الدول العربية والإسلامية. وأكد أن أصول النظرية الديمقراطية الحديثة يمكن التقاطها بسهولة في الخبرة التاريخية الإسلامية من فصل للسلطات واستقلال القضاء وحماية حقوق الإنسان وحقوق الأقليات. وكان المؤتمر قد افتتح بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم ألقى الدكتور أحمد هليل، قاضي القضاة في الأردن كلمة شكر فيها العاهل الأردني الملك عبد الله على الرعاية الملكية والأمير على تشريفه افتتاح أعمال المؤتمر، ثم توجه بالشكر لرئيس جمهورية جزر المالديف، مأمون عبد القيوم، الذي ترأس الجلسة الافتتاحية وكلا من وزير العدل السعودي، الدكتور عبد الله آل الشيخ، والدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، والحضور من الوزراء والقضاة والشخصيات السياسية والجمهور. وعدد هليل أبرز محاور المؤتمر والتي تتمثل في الصور الحديثة للزواج والتقديرات المالية وأثرها في المعاملات الشرعية، والأمراض النفسية في القضاء الشرعي، والتدابير الشرعية للإصلاح الأسري والحد من الطلاق، والبصمة الوراثية في إثبات النسب، ومدى إلزامية الاتفاقيات الدولية للمحاكم الشرعية، ودور المراكز الإسلامية في الغرب في توثيق العقود الشرعية، وتبدل القيم الشرائية وأثرها على المهور. وأشار إلى أن هنالك تركيزاً في أوراق العمل على الولاية الإصلاحية للقضاء الشرعي، ودوره الوقائي في الحد من المنازعات الأسرية. وأكد هليل أن المؤتمر سيبحث الوسائل العلمية الحديثة في رصد الأهلة وبيان مواقيتها، لذلك تمت دعوة عدد من علماء الفلك المتخصصين، ليتم الجمع بين الوسائل الشرعية والوسائل العلمية. مشيراً إلى أبرز أهداف المؤتمر بقوله: " إن ديننا هو دين يدعو إلى كلمة التوحيد. وإنّ التوحيد نفسه يدعو إلى وحدة الكلمة والشعائر والشرائع، كما يدعو إلى توحيد المشاعر. وأمتنا الإسلامية بحاجة إلى توحيد مناسباتها وأعيادها الدينية". وأضاف:" نتطلع إلى تأسيس أمانة عامة لهيئات القضاء الشرعي في العالمين العربي والإسلامي» تنبثق عن هذا المؤتمر وتؤسس لعمل دائم متواصل. أما مفتي مصر الدكتور علي جمعة، فقد أشاد بالرعاية الملكية للمؤتمر، وبالجهود الكبيرة المبذولة، مؤكداً على أهمية المؤتمر، قائلاً: " هذا المؤتمر القضائي الشرعي الأول في غاية الأهمية، جاء في وقته، وهو المؤتمر الأول من نوعه في العالم الإسلامي، في دراسة موضوعات تتعلق بالقضاء الشرعي" . وأشار مفتى مصر إلى توقف مجلة الأحكام الشرعية التي كانت تصدر في مصر وتعني بشؤون القضاء في منتصف الخمسينيات، مستعيداً حالة القضاء الشرعي المتردية في أواخر العهد العثماني ومشيراً إلى تقرير للإمام محمد عبده أعده حول حالة القضاء الشرعي في مصر نهاية القرن التاسع عشر، وفيه نقد شديد للحالة المترهلة للقضاء الشرعي آنذاك ومطالبة بإصلاح وتطوير القضاء الشرعي. وأشار جمعة أنّ مقارنة حالة القضاء الشرعي اليوم بتلك الفترة تدعو إلى الاطمئنان إلى القفزات والتطور الكبير الذي حصل، لكن المطلوب هو تطوير أكبر وتجديد مستمر وصولاً إلى ردم الفجوة بين مستجدات العصر وتطوراته وبين الدور المطلوب لهيئات القضاء الشرعي. وأهاب بضرورة الاستمرار في هذا الجهد، واستئناف إقامة مؤتمرات القضاء الشرعي، ولو في كل سنة أو عدة سنوات.