القاهرة: صدر مؤخراً للدكتور أحمد فنديس أحدث الكتابات الساخرة تحت عنوان "الحمارخانة" والتي صدر منها الجزء الأول في القاهرة قبل أيام عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام، تقع المجموعة في 128 صفحة من القطع المتوسط، والغلاف من تصميم الفنان أمين الصيرفي. وعن كتابه الذي يعيد للذاكرة حمير العديد من مشاهير الأدباء، وعلي رأسهم حمار توفيق الحكيم، يقول الدكتور فنديس وفقاً لجريدة "الراية" القطرية: كلما مررت بحمارٍ - أو مرّ هو بي- نظرت في عينيه ملياً .. فتجول في خاطري أفكار وأفكار.. لماذا الحمار؟! .. لماذا جعله العديد من المفكرين والكتاب محورًا لاهتماماتهم، وموضوعًا لكتاباتهم .. لماذا (قال لبعضهم)، ولم يقل للبعض الآخر، وماذا قال؟. ذات يوم تساءلت وأنا أنظر في عيني حمار: أليس له مخ كمخ الإنسان؟! لكنني سرعان ما أدركت أن الفرق بين المخين أن بأحدهما عقل؛ أحدهما؛! ورغم حبي للحمار وحموريته، وكره البعض له ولصوته المزعج الذي يجعله يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. إلا أنني وجدت الكل يكتب عنه؛ حبًا أو كرهًا؛.. ولم يكتب عن الحصان مثلاً؛ رغم كونه من الفصيلة ذاتها، ورغم أنه أجمل وأقوي وأرق صوتًا. ولكن هل يدرك الحمار كل هذا؟! أحيانا أنظر في عينيّ الحمار فأرى في صمتهما ونظراتهما المتجمدة أبلغ دليل علي رأي الحمير في بني البشر. وقد تبين لي بعد طول النظر في أعين الحمير أن لبني الحمير موقفاً محدداً من بني البشر، ورأياً واضحاً في سلوكياتهم وأفعالهم، أعلنوه مرارًا وتكرارًا في الحمارخانة، والتكرار يعلم الشطار! الحمارخانة.. مَلهاةُُ مُبكية.. مأساةُ مُضحِكة.. كوميديا حزينة لا تعرف فيها أتضحك أم تبكي؟!.. أو يكون ضحكك كالبكاء... وإذا فعلت هذا أو ذاك، فعلي الآخرين، أم علي نفسك، أم علي الكل؟ وفي النهاية يقول المؤلف حسبما ذكرت "الراية": علي كل حال؛ أرجو أن تكون حميري قد أوصلت رسالتها. وفي دراسة نقدية له عن الحِمارخانة؛ يقول د. عبد العاطي كيوان، أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب جامعة الفيوم: الحِمارخانة عملٌ أدبي ساخرٌ للكاتب أحمد فنديس، مزج صاحبه بين فنون من الأدب، إذ نلمح تداخلاً بين الأدب الشعبي عبر ألف ليلة وليلة، وبين الخرافة عبر كتاب الحيوان، ثم نلمح مزجاً آخر، تبلور في شكل صياغي من الكتابة، جمع بين الشعر والنثر، وجاء خلطاً بين: السرد والشعر والمقال. ومن الكتاب نقرأ : ولما كانت الليلة الأولى من ليالي الحمارخانة بدأت الحمير التى "شرّفتها" في ليلة افتتاحها كأول زبائن في التعارف....كانوا خمسة....كل واحد منهم يعمل علي عربة "كارو" مختلفة عن الأخرى....الأول يجر عربةً لبيع الفول المدمس والثانى عربة لبيع الخبز....الثالث عربة لبيع الفاكهة....والرابع عربة لجمع القمامة أما الخامس وهو أسوأهم حظا فان يجر عربة لجمع مياه الصرف الصحي "كسح مجارى" بعد أن باعه صاحبه السابق الذي كان يتجول بين المقاهي والتجمعات ينشد علي ربابته بعض أزجال يتكسب بها قوت يومه هو وحماره الذي كان يصغي بانتباه لكل ما يقوله ذلك الزجال .... ............ بعد التعارف وقبل النوم اقترح حمار عربة الفول المدمس أن يلقى إحدى النكات....انفرجت أسارير بقية الحمير واستعدوا لسماعها فقال : كان فيه خمسة "بنى آدمين" كل واحدٍ منهم يعرف نكتة واحدة فقط....يجتمعون كل ليلة ليتسامروا ويتبادلوا نكاتهم فيسمعون النكتة ذاتها من الشخص ذاته....ولما ملوا سماع النكات بهذه الطريقة الرتيبة اقترح أحدهم أن يعطى صاحب كل نكتة رقما لنكتته....يقوله فيعرف الجميع النكتة فيضحكوا بدلاً من تكرارها كل ليلة .... وبعدين....استحثه حمار عربة الخبز على الانتهاء من نكتته لينام لأنه يستيقظ مبكرا : وبعدين كل ليلة يجتمعوا ويقولوا نكتهم كلها : واحد....خمسة....أربعة....اتنين....تلاته....يضحك الجميع....فجأة قال أحدهم : تسعة .... تسعة إزاي وهمه خمسة....تساءل حمار عربة الفاكهة ؟! إللى حصل....أكمل الحمار ملقي النكتة....كل المجموعة لم تضحك إلا أحدهم أخذ يقهقه و"يرفص" برجليه ولما سُئل عن سبب ضحكه قال : أصلي أول مرة أسمعها .... بايخة....قال حمار عربة الصرف الصحي بس ممكن تفيدنا....أردف حمار عربة القمامة....إحنا كمان نِدّى أنفسنا نمر عشان نخفف عن كاتب القصة .... يعنى أنا نمرة (1)....قال حمار عربة فول مدمس وبعدين بالترتيب إللى في الفقرة التالتة من القصة....نمرة (2) لحمار عربة الخبز ونمرة (3) لحمار عربة الفاكهة ونمرة (4) لحمار عربة القمامة ونمرة (5) لحمار عربة الصرف الصحى....رضي كل حمار برقمه وهنا اندفع حمار عربة "المجارى" منشداً : كان ياما كان كان ياما كان كان ياما كان كان ياما كان العلما اجتمعوا واختلفوا واحتاروا ف اصل الإنسان قالوا ملاك قالوا شيطان أو مخلوق بائس غلبان وأخيرا اتفقوا ورضيوا بالنسناس أصل الإنسان راحوا للقرد يشوفوا حكايته وازاي بقي أصل الإنسان بصوا لقوه ماشى بيتنطط وبيفسد في كل مكان وبيسرق....ينهب ويدمر وينافق علي كل لسان عايش دايما ع الخلافات ولا يعرفش يعيش في أمان مجرم ندل خسيس وجبان ولا يقدرشي عليه الجان رجعوا العلما يراجعوا بحوثهم بعد ما عرفوا بالبرهان إن القرد إتغير طبعه ولا عادشى مخلوق غلبان فجأة اكتشفوا بعد ما بحثوا النسناس أصله : إنسان وغضبي