القهوة العربية تغيب عن بيوت الأردنيين عمان: توارت صناعة القهوة العربية "السادة" وأدواتها كالمحماسة والمهباش والمنقل ودلال القهوة عن الأنظار عند كثير من الأردنيين وتوقفت نيرانها ليتحولون الى القهوة الأمريكية سريعة الذوبان أو وينتقل مكان احتسائها من ديوان المنزل "المضافة" في جمعة الضيوف والأهل إلى مقاهي الانترنت خلف شاشات الكمبيوتر . قلة من الأردنيين لا زالوا يصنعونها في بيوت الشعر وعند شيوخ العشائر وبمناسبات الافراح والاتراح بينما وضع بعضهم أدواتها في زوايا المنزل كتذكار للأجيال القادمة وللزينة. صباح ياسين العايد "ام رامي" من القلة التي تمسكت بصناعة القهوة العربية فمنذ أكثر من ثلاثين عاما تستيقظ قبل قريناتها من النساء الاردنيات لتكون اولى مهامها بعد صلاة الفجر معانقة دلال القهوة لتشعل النار تحتها بيدها. ولم تترك للصدفة إدارة وقتها في ترتيب كل حياتها ضمن مخطط يومي جميل فتمسك بيدها " المحماسة" لتجهيز القهوة السادة ، وبالاخرى تمسك بعصاة طويلة تكش بها الحمائم التي يصدح هديلها في فضاءات منزلها الواسع تغازلها بلغة مفهومة وكأنها تسبح وتذكر وتكبر الله . تعطر المنزل رائحة القهوة والهيل الذي يأتي دوره في سلسلة العمل عندما تسكبه داخل المهباش الذي لا تسمح لأحد باستخدامه فتطرب أهل المنزل بايقاعاتها التي تقول بأنها أفضل موسيقى لديها ولأنها تعرف كيف تمزج صوتها المتداخل مع حبات القهوة والهيل. وترفض بشكل قاطع ما تقوم به النسوة من انتظار أزواجهن أو أبنائهن لإحضار الخبز الجاهز من المخابز الآلية وتخزينه في الثلاجات وتنتقد صفات الاتكالية التي تتصف بها نساء اليوم معلنة معارضتها لكل المأكولات غير المنزلية..فلم تغفل يوما عن صناعة الخبز على فرنها الذي شاركت بتصميمه عند الحداد ليكون شبيها بفرن والدتها المصنوع من طين الأرض ليعطي رائحة خبز الطابون الشهية التي لا تزال تذكرها بصناعة والدتها في سالف الايام ولا زالت تعطر المكان. كما تعتني "أم رامي" بحديقة منزلها التي تقوم على حراثتها وزراعتها بأنواع الخضار والفواكه واللوزيات وتطعم أبناءها مما تغرس يداها .. وتقول "أجد سعادة كبيرة وأنا بين أشجار الزيتون وكرم العنب واشتال البندورة والميرمية والبابونج والزعتر والقيصوم والشيح ..إضافة إلى الخضروات التي تملأ بيتي" ,وتحث نساء الوطن على أن يبحثن عن الكنز الذي بين أيديهن لتخرج من أناملهن قدرات إبداعية في المهن والعمل الجاد لتحقيق السعادة والهناء لأسرهن. وتمضي حياتها في جدية ليس لها حدود فحين يأتي المساء تكون أنهت أعمالها ليأتي دور التوجيه والإرشاد والإشراف على تربية أبنائها وأحفادها الذين يفدون اليها كل مساء لتقص عليهم الروايات التي فيها العبر والحكم والتربية ,مبينة ان ذلك يساعد الأبناء على تحقيق الوئام والمحبة والتراحم فيما بينهم والتعاون على حل المشاكل ومصاعب الحياة. وعزت أستاذة علم النفس الاجتماعي الدكتورة سهير السوداني حب الإنسان للأرض إلى صفة الكرم والطيب والحنان والتربية واحتكاك الإنسان بأرضه لتصبح قطعة منه حتى انه يشعر بحزن وألم إذا فارقها. وقالت ان تعلق الإنسان بالأرض غير مرتبط بالعازة أو الحاجة بل يرتبط بصفات نفسية يتمتع بها الشخص منها العطاء والحاجة للتنفيس عن قدراته وحبه والهروب من الواقع المزيف الذي أصبح كل شيء فيه صناعيا. نقلا عن وكالة الأنباء الأردنية (بترا)