افتتح مؤخرا معرض الفنان محمد عبد المنعم في قاعة إكسترا بالزمالك, الذي يضم نحو أربعة وخمسون لوحة, تنوعت من خلالهم الموضوعات والخامات, ويشكل المعرض أربع مراحل مختلفة للفنان, وكان هذا أول معرض فردي له بالزمالك, حيث اراد عبد المنعم تنشيط ذاكرة المتلقي بأعماله السابقة خاصة في هذه المنطقة, ويستمر المعرض حتى الخامس والعشرين من نوفمبر. محيط رهام محمود بالرغم من وجود أربع مراحل مختلفة بالمعرض, إلا أن الفنان لم يتخلى عن الاساس الأكاديمي في جميع لوحاته, مؤكدا أن لغة التشكيل الاساسية عنصر هام ورئيسي لأي عمل إبداعي, كما يلمح المتلقي عنصرا هاما وهو البناء التشريحي بالخطوط قبل الظلال والألوان في كل اعماله, التي تنبع من شحنة وجدانية كبيرة, وتظهر اللوحات في حوار لوني فيما بين الساخن والبارد, وكانت لوحاته مليئة بالعناصر والإشارات والرموز. ففي المرحلة الأولى للفنان وهي العودة بالذاكرة للمجتمع البدائي, عبر عن العلاقة بين الرجل والمرأة "مثلها في اهم عنصر إنساني آدم وحواء" في اجواء خيالية, مستعينا بألوان الفن المصري القديم والمخطوطات والوثائق, ففي لوحة "احلام اليقظة او رومبا احيانا" نرى الأشخاص التي يصورها الفنان كأنها تسبح في خياله, تداعت الاجسام وتفككت لتظهر بنسب غير تقليدية, مما جعلها في اطار المذهب التعبيري, كما أن كل جزء من العمل يصلح عرضه كلوحة منفصلة بمفردها, وتباينت الألوان بين البرتقالي الساخن في الأشخاص, والألوان الهادئة الباهتة في الخلفية, ويصل حجم هذه اللوحة إلى 151×193سم, واستخدم الفنان في اللوحة خامات مختلفة على توال بالإضافة إلى ألوان الزيت. اما المرحلة الثانية قدم الفنان لوحتين اختيرت من 25 لوحة سميت "فلاش باك في حضور آية زمن مجهول", وقد استخدم ألوان الأكليرك على ورق ملصوق, وفي المرحلة الثاثة "مرحلة الورود" اختلف الفنان تماما عن الأعمال السابقة فقد رسم لوحات للزهور بأداء تأثري رقيق, وبألوان مبهجه كالموف الرومانسي والروز الحالم, حيث فرض على الفنان تدفق الإحساس الرومانسي والشعور بالبهجة الذي انعكس على اللوحات, وكانت الألوان الوردية بدرجاتها المختلفة المتناغمة والمنتهية بالخلفية تؤكد رومانسية هذه المرحلة. وفي المرحلة الأخيرة رسم الأشخاص في أوضاع مختلفة, وعدة لوحات عن البورتيريه "وجوه", قد تجمعت تلك الكتل اللونية لتكون البورتيرية مؤكدة سيطرة الفنان على الأساس الأكاديمي للأداء, كما نجح عبد المنعم بشكل ملموس في التعبير عن اعماق كل شخصية, ففي لوحة "خلف النافذة" وهي بورتيرية لرجل يشبة الوجوه الفرعونية, نجح الفنان في أن يشيع فيها الإحساس بإمتداد الشخصية المصرية المعاصرة إلى عمق التاريخ الفرعوني, وتوحي للمتلقي كما كان يؤكد أبو التربية الفنية الراحل حبيب جورجي: كل طفل يولد على الأرض المصرية "الفرعونية" يحمل موهبة من جزورنا الفرعونية, واستخدم الفنان في هذه اللوحة القلم والصبغات وخامة الكونتية على ورق بحجم 19.5×26سم. تنوعت الموضوعات في هذا المعرض, واختلفت الخامات بين ألوان الزيت والأكليريك والصباغات مع الباستيل والرسم بالقلم الرابيدو, ومن الواضح تأثر محمد عبد المنعم بالبيئة المحيطة به كجزوره الفرعونية القديمة التي ينتمي أليها, فالفنان دائما لديه شحنة داخلية تدفعة للإبداع.