عند وصولى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى يومه الثانى تفاجأت بكم الحشد الكبير و الطوابير الطويلة التى تنتظر دورها للدخول ، و كالعادة كانت الغلبة للنساء ، فكان هناك طابوران للسيدات و طابور للرجال ، يتخلله جنسيات أجنبية و عربية لم تتخلف عن المعرض رغم الظروف السياسية التى تمر بها البلاد فى هذة الآونة . و بمجرد دخولك من الباب يقع نظرك على طاولة عليها الآت حادة و مقص و مرايا مكسورة ، استخرجها الأمن من حقائب رواد المعرض ، و التفتيش دقيق لدى البوابة و لا يسمح بدخول أى آلات حادة حتى لو كانت مجرد مراية مكسورة فى حقيبة فتاة ، بخلاف التكثيف الشرطى أمام البوابات الخارجية للمعرض . تم تفتيشى ثلاث مرات بالمعرض عند البوابة الرئيسية و قبل دخولى مخيم كاتب و كتاب و عند دخولى لمبنى صندوق التنمية ، الأمر الذى لم يحدث من قبل و لكن يعبر عن حالة القلق السائدة من الظروف الحالية فى وسط التفجيرات المتلاحقة . و أثناء تجوالى على دور النشر المختلفة ، وجدت أن هناك منافس جديد للروايات فى الأعلى مبيعا ، حيث اهتم رواد المعرض باقتناء الكتب السياسية التى تستعرض تاريخ جماعة الأخوان المسلمين و الجماعات الجهادية ، و كتب الأدب الساخر تماشيا مع المثل " هم يضحك و هم يبكى " ، بجانب الإقبال على كتب الأطفال . و عبر الناشرين عن تفاؤلهم بالإقبال على المعرض ، خاصة فى اليوم الأول الذى كان يعانى دوما من قلة الإقبال ، و قالوا أن يوم الجمعة هو الأكثر إقبالا من العائلات ، و فى الأيام العادية يزداد الإقبال مع خروج الموظفين من العمل ، و برغم تفاؤل الناشرين ،و لكن هناك دوما هاجس تأثر الإقبال فى ذكرى ثورة 25 يناير . أما عن السلبيات فى معرض هذا العام ، فكان شكوى بعض الناشرين من غلاء حجز الأجنحة ، و قال محمد على إبراهيم صاحب دار " هيباتيا " أن الجناح كلفه 6 الآلآف و هو مبلغ كبير بالمقارنة مع تراجع حركة البيع و الإقبال على الكتب ، نظرا للظروف السياسية و الثقافية و التعليمية للبلاد . و قال صاحب هيباتيا أن حركة البيع تعتمد على شقين الأول هم أصدقاء الكاتب و اجتهاد الناشر فى الترويج للكتب ، أما الثانى فهو القارئ صاحب القائمة ،و الذى جاء للمعرض و هو يعرف ما يريد مسبقا ، و قليلا ما يلتفت لأى كتاب خارج القائمة . و فى الخيمة الكبيرة للهيئة العامة لقصور الثقافة تجدها شبه خاوية ، فى حين فى جناحها الصغير بصالة 3 تجد تزاحم شديد ، و القراء يبحثون وسط أكداس الكتب على ضالتهم ، و فى ثانى أيام المعرض نفذت طبعات كثيرة من سلسلة المائة كتاب و هى أحد مشاريع الهيئة برئاسة الشاعر رفعت سلام ، حيث نفذت طبعات " الحرب و السلم " لتوليستوى "، و " الأب جوريو " لبلزاك ، و " الصخب و العنف " لفوكنر ، و " المسخ و المحاكمة " لكافكا ، و " الغريب " لألبير كامى . أما فى " سور الأزبكية " فلم تكن الكتب هى البطل الوحيد ، فهناك لعب للأطفال لتنمية الذكاء من بازل و مكعبات و أجهزة الكترونية لتعليم الأطفال الحروف ، و غيرها من الألعاب التى أضفت على التعليم متعة خاصة للأطفال من خلال الشئ الأحب لقلوبهم " اللعب " ، و فى أحد الأركان تطالعك يافتة " الزمن الجميل " تتوسط صور للملك فؤاد ،و صور أفيشات الأفلام و الممثلين و أعداد نادرة من الصحف القديمة . بداخل سور الأزبكية ستجد ضالتك و بأرخص الأسعار ، فبعض الكتب تفوح منها رائحة التاريخ بأوراقها الصفراء ، و بعضه مازال محتفظ بحالته ، و لن تجد هناك فقط الكتب القديمة بل أحدث الكتب أيضا ، ووسط أكوام هذة الكتب هناك كنوز حقيقية ، لا يقدرها و يلتفت إليها سوى " ديدان القراءة " التى لا متعة لهم فى الحياة أكبر من القراءة ، و كان المطلب الوحيد لناشرى سور الأزبكية من هيئة المعرض هو " المعاملة اللائقة ". شهد هذا العام فى المعرض اهتماما خاصا بالأطفال من إصدارات جديدة و لعب أطفال و مخيم خاص بالأطفال تحت عنوان " الطفل السعيد " و الذى يقيم أنشطة مختلفة للأطفال من لعب و تلوين و قراءة ، و فى مبنى التنمية الثقافية التقينا بمؤسس أكاديمية الابداع " أكاديمو " الذى يصور الأطفال مع مجسمات صنعت من الورق منها مجسم طائر و سلحفاة و تمثال كبير لسبونج بوب ،كما يقيم ورشة " أورجامى" و هو فن يابانى يصنع أشكال فنية من الورق و كانت تتوسط الطاولة تحفة فنية من الورق على هيئة " أوز " . و أثناء التجوال فى مبنى التنمية صدحت أغنية " تسلم الأيادى " خارجة من جناح وزارة الدفاع ، و التف بعض الزوار لسماعها ، و أخذ الصور ، و كان هناك عرض تلفزيونى لإنجازات القوات المسلحة ، و صور للفريق عبد الفتاح السيسى ، و فى مواجهة جناح قطر تجد العديد من الصور لرئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور ، و الفريق السيسى . و فى أحد الأجنحة بالمبنى الرئيسى تطالعك نسخ الدستور و لافتات لثورتى 25 يناير و 30 يونيه ، لتقتحم السياسة بقوة الجو العام للمعرض .