صحيح معرض الكتاب ما زال يتقلص فى مساحته وعدد دور النشر المشاركة، لكن لا يزال له سحره، وذكرياته التى تباغتك بمجرد أن تشم رائحة الورق، وترى ضحكاتك وذكرياتك على الأسفلت وأنت تخطو داخله. صحيح أيضاً أنك لن تشعر بنفس بهجة (زمان) لكن هذا -صدقنى- هو ديدن الأشياء، حيث نفقد بهجتنا مع مرور الوقت، فلا نفرح كما كنا نفعل، وتهرب السعادة منا فى ممرات الروح المشبعة بالألم والشجن. ما زال أمامك يومان فى معرض الكتاب، أهمهما غداً الجمعة، حيث فرصة حقيقية لمتعة ستدرك أهميتها وأنت تشاهد غنائمك من الكتب المهمة أمامك، وهذه بعض الانطباعات على معرض هذا العام. - الأكثر مبيعاً هذا العام بمعرض القاهرة الدولى للكتاب.. كشرى سيد حنفى!!! - على مستوى التنظيم لا يوجد فى معرض الكتاب (حمام) أو دورة مياه آدمية تحترم مثانتك وأمعاءك!! - يلفت نظرك أن معرض الكتاب بالنسبة للناشرين صار أشبه بموسم رمضان عند صناع الدراما، حيث الكتب متأخرة فى المطابع وكأن المعرض جاء مفاجأة للجميع. - يلفت نظرك كذلك ما أكده صديقنا الكاتب والسيناريست محمد سليمان عبدالمالك حول تحول القارئ إلى كاتب للدرجة التى قد تجعلنا فى يوم ما فى ندوة كل من يحضرونها من الكتاب الذين يوقعون لقارئ واحد على الأرجح سيقرر الكتابة هو الآخر بعد هذه الندوة!! - عاد الفلول ورجال النظام السابق للظهور.. أبوالغيط وزير خارجية مبارك عاد مع (شهادتى)، ومثلما أصدرت المصرية اللبنانية العام الماضى شهادة عبداللطيف المناوى أحد مضللى ماسبيرو، فقد نشرت هذا العام كتاب أسامة هيكل وزير إعلام مذبحة ماسبيرو الذى عينه المجلس العسكرى، لكن المفارقة أن الكتاب يحمل شعار (الحقيقة فى زمن الكذب).. رفقاً بنا يا آل رشاد من هذا الدجل. - كتب الأطفال فى تراجع حاد، ومعظمها مترجم وغالى الثمن، وصار من الصعب أن تشترى قصص وكتب أطفال لأبنائك إلا من خلال سور الأزبكية أو ما تبقى من دار المعارف التى تعيد طباعة كتبها القديمة التى ما زالت رائعة رغم صدورها قبل 30 عاماً. - تراجع المشروع العظيم «مكتبة الأسرة» فى نواح كثيرة.. كتب أقل.. انتقاء عشوائى ناتج عن المصلحة والشللية معظم الوقت.. غياب لسوزان مبارك التى أهال الجميع عليها التراب فى هذا المشروع رغم عظمته، وبان جلياً أن الاهتمام به وبمشروعات أدب الطفل بشكل عام فى مصر كان مقترناً بها بشكل شخصى، أو بمؤسسة الرئاسة شخصياً، وهو الشىء الذى اندثر تماماً فى أواخر عهد مبارك ويكاد ينقرض الآن، ومع ذلك يجب أن تقتنى ألبوم «نظر» للرائع الراحل محيى الدين اللباد الذى صدر عن مكتبة الأسرة بسعر رمزى إذا كنت تريد متعة حقيقية فى القراءة والفن والمعرفة، ويجب أن تشكر هيئة الكتاب على هذا الإصدار. - الكتب (المضروبة) أو المزورة سمة هذا العام، فبعد غياب الطبعات الشعبية، وتوحش أسعار العديد من الكتب أصبحت تجارة الكتب المزورة رائجة فى أجنحة كثيرة وعلى فرشات سور الأزبكية، ولا يوجد قانون فى مصر حتى الآن قادر على مواجهة هذه الظاهرة، وغالباً لن يكون. - لا يزال سور الأزبكية محتفظاً برونقه، ويعرض الأعمال الشعرية الكاملة لكبار الشعراء بأسعار زهيدة، إضافة للعديد من الكتب النادرة، لكنى شخصياً استمتعت بشراء مجموعة من أدب الأطفال الروسى بأقل من أسعار كتب كثيرة مصرية وبحالة ممتازة. - هناك تجارب لدور نشر شابة وجديدة تستحق الإشادة من حيث نوعية الكتب المحترمة، والتعاقدات الاحترافية مع كتاب متميزين، أو من حيث فوز كتبها الأولى بجوائز مشهود لها بالكفاءة، حيث فرض هؤلاء أنفسهم كشباب وسط عمالقة النشر الآخذين فى التراجع، وأصدروا العديد من الكتب الرائعة وأذكر منها دور نشر الرواق ودون وكتابى والحلم وكيان وأكتب وروافد. - استمتعت بالكتب التى تتحدث عن التحول الديمقراطى والتجارب الانتقالية التى أصدرها الناشر شريف بكر عن دار العربى مثل تجربة البرازيل ولولا دى سيلفا، والتجربة التركية، كما استمتعت جداً بكتاب رائع عن (تاريخ الجرى) أنصح بقراءتها جميعاً. - العديد من وكلاء دور النشر العربية فى مصر يلعبون دور اللص الظريف، حيث يبيعون كتبها بأضعاف ثمنها، ولذلك كان من الممتع أن تجد دور النشر العربية الأصلية وتشترى منها الكتب التى تريدها بأسعارها الحقيقية. - لا يزال الكتاب الدينى هو الأرخص سعراً، والأكثر انتشاراً، والأكبر دعماً.. صحيح لا نعرف مصادر الدعم عند الكثير من دور النشر الإسلامية والمسيحية، لكن يظل المعيار فى الأمر هو توافر الكتاب بسعر يجعل الناس تقبل عليه رغم بدائية إخراجه الفنى.