أكد السفير محمد مصطفى كمال سفير مصر لدى فرنسا أن إقرار الدستور الجديد للبلاد يشكل الخطوة الأولى فى مسيرة تنفيذ خارطة الطريق التي اتفق عليها الشعب المصري بأكمله في 30 يونيو و3 يوليو الماضيين. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها السفير المصري اليوم الثلاثاء خلال إفطار العمل الذي نظمه المرصد الفرنسي للدراسات الجيو-سياسية بمقر مجلس الشيوخ تحت رعاية السيناتور إيف بوزو دى بورجو نائب رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ الفرنسي حول "التطور الدستوري في مصر" وذلك بالتعاون مع المكتب الثقافي والعلمي المصري بباريس. وقال السفير محمد مصطفى كمال أن مصر تمضى الآن صوب تطبيق الخطوة الثانية والثالثة من "خارطة الطريق" والتي تتمثل في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية..معربا عن ثقته في أن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة ستكون كبيرة كما شهدها الاستفتاء على الدستور لأن الشعب المصري مصمم وملتزم باستكمال تنفيذ خارطة الطريق والانتقال الديمقراطي للبلاد من أجل مستقبل مصر وأجيال القادمة. وأشاد بالكتاب الذي أعده المرصد الفرنسي للدراسات الجيو سياسية والذي يحمل عنوان "التطور الدستوري في مصر" لاسيما وأن التاريخ الدستوري المصري عميق ليس فقط منذ الدستور الصادر في عام 1971 ولكن أبعد بكثير وتعود إلى عصر الخديوية وأيضا إذا تم النظر إلى أبعد من ذلك حيث التاريخ الفرعوني الذي يوجد فيه وثائق تقترب من كونها إعلانات دستورية. وأضاف السفير أن هناك بعض التعليقات على دور القوات المسلحة في الدستور، وهنا يجب القول إنه لابد من دراسة وبشكل جيد طبيعة العلاقة بين الجيش المصري والشعب والدور الذي قامت به القوات المسلحة المصرية على مدار التاريخ..مشيرا إلى أن الجيش المصري كان دائما وطنيا يدعم ويساند الشعب المصري ليس فقط منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ولكن قبل ذلك منذ الزعيم أحمد عرابي. وشدد السفير محمد مصطفى كمال على أن الجيش المصري هو على مدار التاريخ الضامن لتطلعات الشعب المصري.. مؤكدا أيضا على الدور الكبير الذي تقوم به السلطة القضائية في مصر والذي نص عليه الدستور الجديد للبلاد خاصة وأنه يتطرق إلى أنه على المحكمة الدستورية العليا ترجمة وتحديد "الشريعة" كمصدر للتشريع كما نصت عليها المادة الثانية. واعتبر أن هذا الدور حاول الدستور السابق الصادر في عام 2012 أن يستبعد الدستورية العليا عنه من خلال المادة 219 (في الدستور السابق)..مؤكدا على أن دور السلطة القضائية في مصر دائما ما كان الضامن لحريات الشعب المصري وهو ما ظهر جليا في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وخلال عام من حكم الإخوان. وأعرب عن شكره وتقديره للأكاديميين والقانونيين الذين قاموا على إعداد كتاب "التطور الدستوري في مصر" وأيضا المستشارة الثقافية والعلمية بالسفارة المصرية بباريس الدكتورة أمل الصبان التي ساهمت في هذا العمل. من ناحيته ، أكد شارل سان برو مدير المرصد الفرنسي للدراسات الجيوسياسة بباريس والأكاديمي المتخصص في الشئون الإسلامية والسياسية أن الدستور المصري الجديد هو مثال جيد على التوازن إذ يأخذ في الاعتبار التنوع وخصوصية دولة قديمة تستكمل مسيرتها في التاريخ. وأشاد سان برو بالمشاركة الكبيرة التي شهدها الاستفتاء على الدستور وأيضا بنسبة التصويت لصالح مشروع الدستور مقارنة بالدستور الصادر في عام 2012 إبان حكم الإخوان..معتبرا أن الدستور الجديد يفتح المجال أمام إقامة دولة القانون. وقال " لابد من وضع التهديدات الإرهابية التي تواجهها مصر حاليا في الاعتبار لأنه لا يمكن تجاهلها"..مشيرا إلى أن الاستفتاء على الدستور وإقراره يعد الخطوة الأولى في تطبيق "خارطة الطريق" لتدخل مصر مرحلة الاستقرار السياسي والاقتصادي. كما أكد الأكاديمي الفرنسي على الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسة الأزهر الشريف في مصر والتي تمثل الإسلام المعتدل..مشددا على ضرورة عدم الخلط بين "الإسلام السياسي" و"الإسلام المعتدل" الذي يجسده الأزهر الشريف الذي يقوم بدور الضامن في مواجهة الحركات المتطرفة. وشدد سان برو أيضا على الدور التاريخي الذي قامت به القوات المسلحة المصرية منذ عهد محمد علي مؤسس مصر الحديثة وعهد الزعيم أحمد عرابي. من جانبه ، استعرض جون إيف دو كارا أستاذ القانون الدولي بجامعة باريس ديكارت الخطوط العريضة للدستور المصري الجديد..مشيرا إلى أن دور القوات المسلحة المصرية أساسي في تاريخ البلاد بما في ذلك في عهد الرئيس الراحل عبد الناصر والرؤساء الذين خلفوه. وأكد المشاركون في اللقاء من أكاديميين وحقوقيين فرنسيين بارزين على التطور الكبير الذي شهده الدستور الجديد مقارنة بسابقه الصادر في عام 2012. وحضر اللقاء عدد من أعضاء السفارة المصرية ورؤساء المكاتب الفنية ونخبة من الشخصيات الفرنسية البارزة والبرلمانيين والخبراء والمتخصصين بالإضافة إلى ممثلين عن الجالية المصرية بفرنسا.