قدمت السينما المصرية عددا من أفلام التاريخ الديني التي تحدثت عن الفتح الإسلامي، وعن سيدنا محمد "عليه الصلاة والسلام"، مثل "فجر الإسلام"، "ظهور الإسلام"، "هجرة الرسول"، و"الشيماء". وقد أكد عددا من نقاد وأساتذة السينما أن أفلام التاريخ الديني لم تكن بالمستوى الفني أو الدرامي اللائق لمثل تلك الأفلام؛ حيث قال الدكتور ناجي فوزي أستاذ السينما بأكاديمية الفنون: "بداية أفلام التاريخ الديني المصري لم تضم أفلاما عن المولد النبوي، لكن جميعها جاءت عن الهجرة، وكان هناك فيلما كاملا عن هجرة الرسول. لكنني لم أذكر أي فيلم عن مولد النبي، سوى فيلما واحدا بعنوان "عروسة المولد"، وهو فيلم أنتج منذ سنوات طويلة ولم اتذكره بعد". ورأى د. فوزي أن أفلام التاريخ الديني دون المستوى؛ لأنها حاولت تقليد الأفلام الأجنبية وبخاصة الأمريكية ولم تفلح، لكن برأيه أن فيلم "الرسالة" هو الوحيد الناجح لأنه إنتاج أمريكي، وخصصت له ميزانية الأفلام الأمريكية، وكان أبطاله فنانون أمريكان، وهذا الفيلم أنتج نسخة باللغة العربية، لكن باقي أفلامنا في هذا المجال دون المستوى، حتى فيلم "فجر الإسلام" للمخرج صلاح أبو سيف، والذي كان أفضل تقنية من الأفلام المصرية في هذا المجال، وضم نجوم في السينما المصرية، إلا أنه ليس على مستوى مناسب للموضوع، وسبب ذلك بالتأكيد هو دائما الميزانية. وواصل د. فوزي: كما أنه أحيانا يكون هناك نوع من المباشرة في تلك الأفلام، والأفلام الدينية لا تعني خطاب واعظ، فهي في الأساس "أفلام"؛ ولذلك نجد أن أفلام التاريخ الديني في الأوروبية عن المسيحية ناجحة، لكن من تتخذ منهم دور الواعظ أو تقدم فكرة التبشير تكون أفلاما سيئة، وتسقط ولا تعتبر أعمالا فنية، فالمباشرة في الفن غير محمودة، ويجب أن تصل الرسالة بالتورية دون مباشرة، لكن في مصر من ينتج فيلما دينيا يظن أنه نوع من الدعوى؛ ولذلك تكون تلك الأفلام غير ناجحة، وعندما اتجه المخرج صلاح أبو سيف ناحية الفن في فيلم "فجر الإسلام" أصبح فيلمه أكثر تميزا عما قبله؛ لأنه بعد عن التبشير والخطابة. وكذلك نجاح فيلم "الرسالة" لمصطفى العقاد. ويعود أيضا سبب عدم إنتاج أفلام تاريخية قيمة في السنوات الأخيرة إلى الميزانيات الضئيلة، كما لم ينتج فيلما عن حرب 1973 حتى الآن بمستوى الحدث بسبب الميزانية؛ ولذلك فلنجاح أي فيلم لابد أن ترصد له ميزانيات مناسبة، وتواجد النفس المتشوقة لإخراجه. ومن جانبه قال الأستاذ محمود قاسم مؤلف كتاب "صورة الأديان في السينما" والذي تناول في هذا الكتاب كل أفلام التاريخ الديني، وسوف يطبع نسخة أخرى منه بعنوان "الخطاب الديني في السينما المصرية" بعد اكتشافه أفلام دينية لم تتناول بالنقد والتحليل، فالجزء الأول من الكتاب يدور حول الدواعي الدينية كالشيوخ والمناسبات الدينية كشهر رمضان، والجزء الثاني منه يضم أثنى عشر فيلما دينيا قام بتحليلهم من الناحية التاريخية : أن "قصة الرسول في السينما المصرية رصدها فيلم "هجرة الرسول"، الذي تناولها بتفاصيلها، وكان الرسول حاضرا من خلال "قدم الناقة"؛ فهذه الأفلام دوما ما تفرض الرقابة عليها؛ ولذلك تكون أفلاما خطابية بشكل أكبر. فالرسول من وجهه نظره نبيا بشريا رآه أصدقاءه، إلا أننا لا نصوره في أفلامنا، لكن بالنسبة للسينما المسيحية فقد تم تصوير سيدنا عيسى، ولذلك بدت الأفلام صادقة، وأصبحت عالمية، باستثناء أفلامنا عن الرسول، كما أن فيلم "مولد الرسول" اختفى ولا نعلم عنه شيء". أكمل قاسم: "أنتجت بعد ذلك أفلام دينية عن المتصوفين حول الرسول مثل أحمد البدوي ورابعة بعد الرسالة النبوية بثلاث قرون أو أكثر، وتم تجسيد أشخاصهم في الأفلام، وكذلك بلال ابن رباح وخالد ابن الوليد، إلا أنه لا يسمح بأن يؤدي دور الرسول أي من الممثلين؛ ولذلك نشعر بأن هذه الأفلام ينقصها شيء، وهو الصدق، وجميعها تكون أفلام خطابية لا نشعر أنها قريبة من الواقع، وهذا أيضا انعكس على المسلسلات الدينية في التاريخ الإسلامي، بعد أن تم تقديم السيرة النبوية في السينما، كأفلام "فجر الإسلام"، "هجرة الرسول"، "محمد"، و"الرسالة"، إلا أن فيلم "الرسالة" أثار بعض المتاعب مع الرقابة لأنه يجسد دور الرسول أحد الممثلين، وحتى الآن لا يكن مسموحا عرضه في مصر لأسباب غريبة، على الرغم من أن هذا الفيلم يخدم الإسلام. ومن ناحية أخرى أكد د.مجدي عبد الرحمن أستاذ السينما بأكاديمية الفنون، أن أفلام التاريخ الديني بها مشاكل فنية وليس في عرض النبي موسى أو عيسى؛ لأن مسلسل "عمر الفاروق" حطم هذه التابوهات وأظهر الصحابى الأربعة ما عدا الرسول، ولم تحدث مشكلة؛ ولذلك لم يكن هذا عقبة أساسية لتقبل مثل هذه الأفلام، لكن الفهم الناضج لعرض الديانة في أغلب هذه الأفلام يكون فهما قاصرا جدا للدراما التاريخية؛ بحيث أنه لا يعالجها بشكل درامي مؤثر، فالكفار دائما يظهرون في دور الأشرار، والخصم يكون شرير وتاجر، والمسلم على الدوام هو الطيب صاحب الأعمال الصالحة وعلى صواب، وهذا من المنطق الديني سليم، ولكن من المنطق الدرامي خطأ، فالكفار دائما يظهرون في صورة قبيحة، ذات حواجب ثقيلة وشريرة ولم يتغير هذا المشهد في جميع الأفلام. وواصل د. عبد الرحمن أن أنجح أفلام التاريخ الديني هو فيلم "الرسالة"، معتبره من الأفلام الكبرى في تاريخ السينما التاريخية، قائلا أن "المضحك أن هذا الفيلم منع من العرض لمدة 15 سنة بدون أي سبب منطقي".