رأت دراسة للمركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة أن إجراء الانتخابات الرئاسية أولا هو الاختيار الآمن وسيؤدى إلى دعم الاستقرار السياسي ووضع حد للعنف المتزايد الذي يسعى لتقويض أركان الدولة المصرية ، فضلاً عن أن وجود رمز للدولة في هذا المنصب الأهم سيعنى أن الثورة نجحت في الوصول إلى السلطة وهى الغاية الأسمى لأي عمل ثوري يضاف إلى ذلك أن الرئيس المنتخب سيكتسب شرعية جديدة تنهى المزايدات على هذه القضية. وأشارت دراسة أعدها برنامج الدراسات المصرية بالمركز الإقليمي إلى أن إجراء الانتخابات الرئاسية أولا سيكون له تداعيات إيجابية داخليا وخارجيا ..فعلى المستوى الداخلي سيشكل هذا الإجراء تصحيحاً للمسار الذي تبنته الدولة في الفترة الانتقالية الأولى بعد ثورة 25 يناير والذي بدأ بالانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية ثم وضع دستور، وهو التوجه الذي أثر بالسلب في المجتمع المصري وربما أسهم في كل الإخفاقات التي منيت بها العملية السياسية لاحقاً. يضاف إلى ذلك - حسب الدراسة - أن انتخاب رئيس جديد يتماشى إلى حد كبير مع المزاج المصري العام الذي يرتبط بوجود شخصية قوية على رأس الحكم ، يرى فيها تجسيداً لأحلامه وآماله، من خلال دور الرئيس الجديد في خلق الشعور بالثقة والاطمئنان وتقدير الذات في نفس الفرد العادي في مواجهة ما يعانى من توترات وإحباطات وخوف نتيجة أحداث العنف المتنامية والصراعات السياسية المعقدة التي تشهدها الساحة المصرية وهو ما سينعكس بشكل مباشر على تعزيز الاستقرار السياسي. أما على المستوى الخارجي ، فهذا الإجراء يبعث برسالة مهمة للخارج مفادها أن الموجه الثورية الثانية التي وضعت برنامجاً زمنياً قادرة على تنفيذه وعلى التحول من الثورة إلى بناء الدولة بمؤسساتها المختلفة،الأمر الذي سيبدد كل المزاعم التي تشكك في قدرة مصر على تنفيذ استحقاقات خارطة الطريق ويفتح الباب أمام عودة الاستثمارات الأجنبية وإعادة تشغيل القطاعات الاقتصادية التي تأثرت وأبرزها السياحة ، بما يؤدى إلى استعادة الاقتصاد لحيويته وكفاءته، الأمر الذي سينعكس بطبيعة الحال بشكل مباشر على قضية الاستقرار السياسي. ولفتت الدراسة إلى أن التحدي الرئيسي الذي يواجه هذا الإجراء يتمثل في أن تتحول ثورة التوقعات حول قدرة الرئيس الجديد على تقديم حلول عاجلة لمشكلات الواقع المصري إلى إحباطات ربما تؤدى إلى ارتباك المشهد السياسي برمته ما لم تتم ترجمة ثورة التوقعات عبر برنامج وطني طموح يستند إلى قيم العمل والعرق والإبداع والإنتاج شأن كل التجارب التي نجحت في السياقات الأخرى وهى المهمة الأولى الملقاة على عاتق الوافد الجديد إلى القصر الرئاسي.