صاحب أطول إضراب عن الطعام في تاريخ البشرية، وبعد عشرة سنوات من الاعتقال، وتسع أشهر متتالية واجه خلالها الموت بأمعائه الخاوية، الأسير المقدسي سامر العيساوي على موعد مع الحرية. ومع تكتيم الاحتلال عن الزمان والمكان المحدد قبيل عودته إلى منزله في العيسوية بالقدس، الجميع ينتظر بشغف هذا المناضل، الذي نال حريته بعد معارك وإضرابات طويلة عن الطعام، وبإصراره استطاع أن يحقق انتصاره في نيل الحرية وتأييد كبير من أبناء شعبه. طريق الحرية وقد خاض الأسير العيساوي البالغ من العمر 33 عاماً، معركة بأمعائه، وواجه الموت فيها وتنقل بين عدة سجون ومستشفيات مدنية للاحتلال إضافة إلى معركة قانونية خاضها المحامي جواد بولس مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير، ومعركة ثالثة خاضتها عائلة الأسير على كافة المستويات المؤسساتية والحقوقية والإعلامية انتصر سامر في 23 من إبريل عام 2013 وكسر قانونا عسكريا كان قد فرض على الأسرى المحررين يقضي باعتقالهم لأي مخالفة يقومون بها حتى وإن كانت مخالفة سير!! واستطاع سامر بكل ما لديه من إرادة وعزيمة أن يكسر قيد السجان. وفي عرض لأهم المحطات التي مر بها الأسير المقدسي سامر العيساوي 33 عاماً، نتوقف عند أول محطة له وكانت 2003، حيث تم اعتقاله مطلع العام بتهمة الانتماء للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحكم عليه بالسجن لمدة 30 عام، ولكن تم الإفراج عنه ضمن صفقة شاليط. وكانت هنا المحطة الثانية، حيث أعيد اعتقاله في 7 يوليو/ تموز 2012 بعد الإفراج عنه ضمن صفقة شاليط، وطالبت النيابة العامة الإسرائيلية بسجنه لمدة عشرين عام بحجة ممارسته نشاطات تنظيمية وسياسية وزيارة مناطق في الضفة الغربية، . ولكن هذا الأسير المناضل والذي أصبح بطلا شعبياً، لم يصمت بل شن حرباً صامتة على الاحتلال وذلك في 1 أغسطس/ أب 2012 عندما أعلن عن إضرابه المفتوح عن الطعام، احتجاجا على إعادة اعتقاله تعسفيا ودون أي مبرر. ولأن الاحتلال واصل تعنته، كانت الوقفة الأقوى للعيساوي، عندما أعلن 12 مارس 2013 عن بدء إضرابه عن الماء لإبعاد سجانية عنه، والذي استمر ما يزيد عن الشهر. وكان النصر الحافل للأسير المناضل والبطل الشعبي، في 23 أبريل 2013، عندما وافقت النيابة العسكرية الإسرائيلية على صيغة اتفاق عرض من قبل الأسير سامر العيساوي، يقضي بالإفراج عنه بعد 8 أشهر، مقابل وقف إضرابه عن الطعام. العيساوي وأسرته الأسير المقدسي سامر العيساوي 33 عاماً، ولد بتاريخ 16 ديسمبر 1979 في قرية العيسوية شمال شرقي القدس، ولم يكن هوا المناضل الوحيد في أسرته، فكان جده من أوائل الذين انضموا إلى منظمة التحرير الفلسطينية. هذا وقد استشهدت جدته خلال سنوات الانتفاضة الأولى، في حين عانى والده ووالدته في مطلع السبعينيات مرارة الاعتقال. واستشهد شقيقه الأكبر في أواخر العام 1994 جراء الأحداث التي تلت مجزرة الحرم الإبراهيمي، بينما تعرض إخوته وأخواته الستة للاعتقال. المسيرات محظورة وفي إجراء احترزي من شرطة الاحتلال، تم إصدار أمراً يحظر خروج المسيرات للاحتفال بالإفراج عن العيساوي. ومن جانبه ذكر والد الأسير العيساوي طارق العيساوي لوكالة "وفا" الإخبارية، أن شرطة الاحتلال اقتحمت منزله في العيسوية في تمام الساعة السادسة والنصف صباحاً، وسلمته أمراً يحظر خروج أي مسيرات قد تجوب شوارع قرية العيسوية للاحتفال بالإفراج عنه، بحجة توفر معلومات لديها تفيد بأن نشطاء الجبهة الديمقراطية ينوون تنظيم مسيرة تجوب شوارع القرية. وأوضح والده، أن الأمر المكتوب يمنع خروج أي مسيرة تُرفع فيها راية الجبهة الديمقراطية اليوم وحتى السابعة صباحاً من صباح غدٍ الثلاثاء، مشيرا إلى أن الشرطة قامت باستدعائه لمراجعة مركز شرطة وتحقيق "المسكوبية" صباح اليوم، ويوم أمس، في محاولة لتنغيص فرحة العائلة وتشتيت الأنظار عن استقبال سامر. وفي حديث لشبكة "راية" الإعلامية الأحد، قالت المحامية شيرين عيساوي شقيقة سامر: "إنهم ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر وانهم يشعرون بفرحة عارمة وان كل ابناء الشعب الفلسطيني ينتظرون سامر بفارغ الصبر". وأضافت: "إنهم سيتوجهون إلى السجن لانتظار سامر حيث سيتم استقباله بطريقة تليق به"، متمنية ان يتم الافراج عن كافة الاسرى. عرس استقبال وفي هذه الأثناء، جرت الاستعدادات في بلدة العيساوية، في القدسالشرقية لاستقبال العيساوي، حيث وُضعت صور للعيساوي على أعمدة الكهرباء وفي الشوارع. وتقوم فرق من شبان البلدة منذ ساعات صباح اليوم، بتعليق صور سامر في شوارع البلدة ولافتات الترحيب به، بالإضافة إلى رفع الأعلام الفلسطينية، في حين أكدت القوى الوطنية بأنها ستقوم بتجهيز ساحة مدرسة البلدة لتنظيم مهرجان وطني ضخم بمناسبة الافراج عن سامر العيساوي بمشاركة عدد كبير من الشخصيات القيادية الفلسطينية المقدسية. ومن جانبه، دعا ممثل حركة فتح في لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة نشأت الوحيدي، جماهير القدس خصوصاً والشعب الفلسطيني عموماً لإقامة عرس استقبال وطني فلسطيني في كافة محافظات الوطن، تكريماً للأسير العربي الفلسطيني سامر طارق العيساوي، المقرر الإفراج عنه من سجون الاحتلال الإسرائيلي اليوم بعد أن خاض أطول إضراب تنديدي واحتجاجي ضد الأوامر والقوانين العسكرية الإسرائيلية العنصرية. وأشار الوحيدي إلى أن الأمم تنعش ذاكرتها بتخليد أسماء أبطالها ومناضليها حفاظاً على الهوية والتاريخ. ودعا الوحيدي إلى إطلاق اسم سامر العيساوي على أحد الشوارع المقدسية، وإطلاق أسماء رواد الحركة الوطنية الأسيرة وقادتها وشهدائها على الميادين والمؤسسات والشوارع الرئيسية والفرعية. كذلك، استذكر الوحيدي صرخة الأسير المقدسي سامر العيساوي، وجاء فيها: "لن أنتظر شاليطاً آخر لأنال حريتي بموجب صفقة لا يحترم المحتل بنودها، بل سأنتزعها بالإضراب عن الطعام"، مشدداً على ضرورة النهوض بالواجبات والالتزامات في دعم وإسناد الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعلى نحو حقيقي يمثل ضغطاً على الاحتلال الإسرائيلي، وعلى إلزامه احترام حقوق الإنسان في الحرية الكاملة، وفي الحياة الكريمة.