قال "سيوماس ميلن" الكاتب والصحفي البريطاني، إنه منذ ثلاثة أشهر، كانت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا تستعد لإطلاق هجوم آخر على سوريا البلد العربي المسلم ولكن التصويت المتوقع وغير المسبوق من قبل النواب البريطانيين أوقف محاولة تصعيد الحرب وشدد مقاومة الكونغرس الأميركي لهذا القرار. ونوه ميلن في مقال له بصحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم الخميس، إلى أنه في حين كافح الرئيس الأمريكي باراك أوباما لكسب التأييد، استولت روسيا على الفرصة للضغط من أجل تدمير الأسلحة الكيميائية في سوريا تحت إشراف الأممالمتحدة وتم التوصل إلى اتفاق والتخلي عن التهديد بالهجوم على سوريا. وذكر الكاتب أيضا أن إيران الحليف السوري، وقعت اتفاق مع القوى الكبرى للحد من برنامجها النووي في مقابل تخفيف العقوبات لذلك تعود محادثات السلام السورية مرة أخرى على أجندة العام الجديد. ويرى ميلن أن محاولات الغرب لمواجهة محور المقاومة الإيراني السوري قد انقلب رأسا على عقب مشيرا إلى أن روسيا لم تتحرك في حين أن حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط من إسرائيل وأمريكا يبكون من "خيانة واشنطن" ويطالبون أنصارهم بتخريب الاتفاق في الكونجرس. وتابع ميلن أن كلا الاتفاقين ببساطة يعكسا واقع الاعتراف ب12 عاما من الحروب الفاشلة للتدخل في منطقة الشرق الأوسط مستدلا على ذلك بحالة سوريا، على الرغم من التدخل الخفي من قبل الدول الغربية والخليجية بها، إلا أن نظام الرئيس بشار الأسد لم يسقط في ظل انزلاق معسكر "المتمردين" إلى مزيد من قبضة "الجهاديين الطائفيين" التابعين لتنظيم القاعدة، حسب قوله. أوضح ميلن أنه في حالة إيران فقد تم تقويتها بواسطة حرب الغرب على الإرهاب والغزو الأمريكي البريطاني للعراق على وجه الخصوص، مضيفا أن إيران قد عانت كثيرا من العقوبات التي تفرضها الدول المسلحة نوويا وحملة الاغتيالات والتخريب التي تشنها الولاياتالمتحدة وإسرائيل، حسب وصفه. وأشار ميلن إلى أن القيود التي يفرضها اتفاق جنيف الأخير على برنامج تخصيب اليورانيوم في إيران هو أخف وطأة من تلك التي عرضتها إيران في عام 2005. ويرى الكاتب أن التغيير الحالي يتمثل في أن تكاليف المواجهة مع إيران تصاعدت بالنسبة للولايات المتحدة وأصبح مصداقية هجوم شامل على طهران يتلاشى كما أن حلفاء الغرب من العرب في حالة اضطراب أو مغمورين في حرب طائفية إقليمية, وإيران هي التي تملك مفتاح الصراعات التي تريد الولاياتالمتحدة تريد نزع فتيلها أو تسويتها، من فلسطين إلى أفغانستان. وأكد ميلن أن اتفاق جنيف بخصوص النووي قلب مقياس الواقعية في المنطقة رأسا على عقب عن طريق تحالفات غريبة متزايدة مستدلا على ذلك بان إسرائيل والسعودية والطائفة السنية ليسوا فقط ضد إيران ولكن يناصروا "هجوم فاشل" على سوريا وتأييد "الانقلاب العسكري "في مصر. وقال ميلن أن السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل تدعم الآن "النظام العسكري العلماني" في مصر الذي ينشغل بشراء الأسلحة من روسيا في حين أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى تعد داعمين رئيسيين للمتمردين الإسلاميين وقوات الجهادية في سوريا كما أن تركيا، والتي تدعم أيضا المتمردين السوريين، تحاول الاقتراب من إيران، حسب تعبيره. وأضاف الكاتب أن الفوضى الحالية والتيارات العابرة هي نتاج الحرب على "الإرهاب" والانتفاضة العربية ذاكرا أن الحملة التي بدأت في أفغانستان، ومرت بتدمير العراق عبر حروب الطائرات بدون طيار ضد الجماعات الإرهابية وصلت لمرحلتها الأخيرة في محاولات لخطف أو سحق الثورات الشعبية في العالم العربي. وأشار الكاتب إلى أن الحرب فشلت في الهدف المعلن والمتمثل في مكافحة الإرهاب وتركت وراءها الدمار والموت والصراع الطائفي من باكستان إلى ليبيا كما أنها كشفت الحدود وليس المدى التي تستطيع أمريكا والقوى الغربية الأخرى فرض إرادتها بالقوة العسكرية قائلا: إنها الهزيمة الإستراتيجية والتجاوز اللذان دفعا بمثل هذه الخسائر البشرية واللذان عكسا الصفقات مع إيرانوسوريا في خريف هذا العام. وتابع ميلن أن الإدارة الأمريكية أشارت إلى أنها تريد تدخل أكثر اعتدالا في الشرق الأوسط مع إيران والسعودية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي لكونهم محور تجاه أسيا والقوة الصاعدة في الصين. وأوضح ميلن أن فشل الحرب على "الإرهاب" وتراجع الولاياتالمتحدة في المنطقة زاد من احتمالية الحد من التوتر مع إيران لتبسيط وتقليص مشاركتها العسكرية في المنطقة.