في سرية تامة أبرمت السلطات المصرية أمس الخميس مع نظيرتها "الإسرائيلية، صفقة جديدة لتبادل الأسرى تقضي بالإفراج عن المدعو "إيلان جرابيل" الضابط الإسرائيلي "من أصل أمريكي"، والذي يتهمه القضاء المصري بالتخابر لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلية "موساد"؛ وبمقتضى تلك الصفقة سوف تفرج السلطات الإسرائيلية عن 81 أسيرًا مصريًّا كانوا محتجزين بسجون "تل أبيب". بعض هؤلاء احتُجز منذ أعوام طويلة، وسوف يتم تنفيذ تلك الصفقة خلال فترة لا تتعدى الأسبوعين، وستبدأ إجراءات التنفيذ فور الانتهاء من تنفيذ اتفاقية تبادل الأسرى المبرمة بين "تل أبيب" وحركة حماس؛ برعاية مصرية.
هذا ما علمته من مصدر نافذ كان على مقربة من تلك المفاوضات، وهكذا؛ بعد أن نسي نظام الرئيس المتنحي حسني مبارك هؤلاء الأسرى المصريين لمدة سنوات في السجون "الإسرائيلية" تفتح لهم ثورة 25يناير المجيدة ويفتح لهم ثوارها ويفتح لهم أيضا القائمون على تنفيذ مطالب تلك الثورة المصرية العظيمة أبواب الحرية، ويجعلون مصر تشعر لأول مرة أن فيها من لا ينسى أبناء وطنه. وكانت ثورة مصر أدخلت الفرحة على قلوب هؤلاء الأسرى المنسيين، وتعززت آمالهم أكثر بعد إعلان القاهرة اعتقال ضابط المخابرات الإسرائيلي "إيلان جرابيل"، واتهامه بممارسة أعمال تجسسية؛ فضلا عن التحريض الطائفي. ويبلغ عدد الأسرى المصريين في السجون الإسرائيلية وفق أحدث الإحصائيات 81 أسيرا، من بينهم 21 أسيرًا اعتقلوا على خلفية المشاركة في المقاومة، وكان الخبير في شئون الأسرى عبد الناصر فروانة قال عن الأسرى المصريين مؤخرًا في حديث مع إحدى الفضائيات إن أملهم كبير في أن تعمل الحكومة المصرية والمجلس العسكري على الإفراج عنهم بأسرع وقت ممكن، مشيرًا إلى تجربة سابقة في ديسمبر/ كانون الأول 2004 حيث أفرجت مصر عن الجاسوس عزام عزام مقابل إطلاق سراح ستة طلاب مصريين و165 معتقلا فلسطينيا، والملفت للانتباه وقتها أن نظام مبارك كان يعلم أن لنا عشرات المصريين بسجون "إسرائيل" لكنه تجاهل التفاوض في إطار تلك الصفقة ليفرج عنهم.
وكانت الصفقة المشار إليها تعطلت خلال الأسابيع الماضية عدة مرات؛ من بينها مرة لإصرار بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل على أن تشمل الصفقة الجاسوس الإسرائيلي "عودة طرابين" الذي يقضي حكما بالسجن في مصر لمدة 9 سنوات بتهمة التجسس لحساب إسرائيل، وهو الإصرار الذي يقابله رفض وتشدد من قبل الجانب المصري؛ لأن المذكور أدانه القضاء المصري بالفعل، وهو يقضي عقوبة الحبس المشار إليها، ولا نعرف حتى الآن أيًّا من الطرفين غيّر موقفه بخصوص تلك المشكلة؛ حتى تتم الصفقة، وينتظر الإعلان عن إتمامها، وبدء خطوات التنفيذ لها ما لم يتفجر عارض طارئ.
وبِنَاءً على ما سبق فإن زمن إسرائيل التي تقتل جنودنا وأبناء وطننا على الحدود، زمن إسرائيل التي تختطف أطفالنا وتنتهك سيادتنا برًّا وجوًّا، زمن إسرائيل التي تحتجز أولادنا ورجالنا بسجونها لآجال غير معروفة، زمن إسرائيل التي تكشر عن أنيابها النجسة تارة، و تتدلل تارة أخري فيلبي لها الرئيس المتنحي "حسني" ما تريده، هذا الزمن قد ولى إلى غير رجعة، وبات أبناء شعبنا العظيم الآن ينتقلون لزمن استعادة العزة والكرامة، استعادة دور مصر إقليميا ودوليا، استعادة الكرامة لأبنائنا في الداخل والخارج، وكل ذلك ما كان له أن يحدث لولا طليعة أبناء شعبنا العظيم من شباب ورجال وبنات وسيدات من الذين خرجوا في 25يناير الماضي ليقلبوا الطاولة في وجوه جيل "كامب ديفيد"، ويبعدوا هذا الجيل الملعون على امتداد تاريخنا عن السلطة، وبذلك يرضون ربهم، ويستعيدون لمصر كرامتها وعزتها وشموخها بين الأمم.