يشكل سكان المملكة غير السعوديين حوالى 27.1%، ويبلغ عدد العمالة الوافدة أكثر من (7) ملايين لأكثر من 180 جنسية، والتي تقوم بتحويل ما يقارب 70 مليار ريال سعودي سنويًا، وتتركز معظم العمالة الوافدة خصوصًا الآسيوية منها في قطاع الخدمات، ومنها قطاع المقاولات والبناء والتشييد والزراعة وأعمال النظافة وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والنقل والصيد والأمن والحراسة لدى منشآت القطاع الخاص، وتتصف هذه العمالة بعدة خصائص تجعلها مقبولة لدى عدد كبير من أصحاب الأعمال وشركات ومؤسسات القطاع الخاص، كتدني المستوى التعليمي والثقافي وبالتالي لا يطلب أجورًا مرتفعة وتقبل العمل في ظروف لا يستطيع المواطن السعودي تحملها أو القبول برواتبها، في حين مؤشرات البطالة لدى الذكور تشير إلى أنَّ نسبتها بلغت 10.5%، ولدى النساء بلغت 28.4% طبقًا لإحصائيات 2009م. ونحن عندما نتحدث عن سوق العمل في المملكة نتحدث عن سعودته، وإحلال العمالة السعودية محل العمالة الوافدة، ويغيب من حساباتنا المقيم الذي ولد وتربّى وتعلَّم في المملكة، وتزوَّج من بناتها، ولا يعرف بلدًا غير المملكة موطنًا له، ولا توجد أي صلة بينه وبين البلد الذي يحمل جنسيته، فهو سعودي بانتمائه وولائه، سعودي بلغته وبثقافته، سعودي بعاداته وتقاليده، ولا ينقصه سوى حمل بطاقة أحوال بدلًا من بطاقة إقامة، وقد يكون جميع إخوته وأخواته، وأخواله وأعمامه قد حصلوا على الجنسية السعودية، ويبقى هو وحده - لسوء حظه - غير السعودي. نعلم أنَّ دولًا مثل كنداوالولاياتالمتحدة تمنح جنسيتها لأي مولود يولد فيها دون شرط الإقامة الدائمة، فلمَ لا نمنح الجنسية السعودية لهؤلاء المواطنين بالولاء والانتماء والتربية واللغة والثقافة. ولمَ لا نعمل على إحلال العمالة المقيمة محل العمالة الوافدة، بأن نعد المقيمين الذين لم ينالوا قدرًا من التعليم لتلبية احتياجات سوق العمل التي لا تغطيها العمالة السعودية، فهؤلاء من حقهم علينا بصفتنا قبلنا إقامتهم بيننا أن نوفر لهم فرص العمل ليعيشوا بشرف وكرامة، بأن نقيم لهم دورات تدريبية لإعدادهم للأعمال التي يملكون ملكات إتقانها بعد عمل اختبار قدرات لهم، أمَّا الإناث فيحذف من بطاقات إقاماتهن عبارة «غير مصرَّح لها بالعمل»، ولهذا ميزات عديدة منها: * انخفاض نسبة الجرائم في المجتمع التي مبعثها في الغالب العمالة الوافدة، وبعض المقيمين الذين لا يتوفر لديهم عمل. * صرف ما يتلقونه من رواتب ومكافآت داخل المملكة، وعندئذ السبعين مليار دولار التي تحوَّل سنويًا إلى الخارج ستنفق في السوق السعودية. كلمة وفاء عن الشيخ الفاضل محمد صلاح الدين رحم الله الشيخ محمد صلاح الدين هذا المفكر والإعلامي القدير الذى أجمع محبوه ومعارفه وأصدقاؤه على فضله وعلمه ودماثة خلقه وكريم طبعه، ويشهد له بذلك حُسن خاتمته، حيث توفي ساعة ختم مليار ونصف مسلم في أرجاء المعمورة كامل المصحف في ليلة التاسع والعشرين من رمضان إحدى ليالي القدر، فعزاؤنا في فقده حسن خاتمته، وموته في هذه الليلة الفضيلة المباركة. لهذا الرجل الفاضل الكريم فضل عليَّ لا أنساه ما حييت، فقد تعهد بنشر إنتاجي الفكري وأنا في بداية عهدي بالكتابة، في الدار السعودية للنشر «المالك لها»، والتي كانت تعد من أكبر دور النشر في البلاد العربية آنذاك، وقد ضعف دورها في النشر عندما سافر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية طلبًا للعلم، وطبع لي خمسة مؤلفات هي: مسيرة المرأة السعودية إلى أين؟ وهو أول مؤلف يصدر لي، ولا أنسى قط جمعه لمقالاتي التي تناولتُ فيها مسيرة المرأة السعودية في زاويتي الأسبوعية «آراء للنقاش» التي كانت تُنشر في الصفحة الأخيرة بجريدة المدينة، وأرسلها لي مستأذنًا لي بنشرها في كتاب، ونفدت طبعة الكتاب الأولى في غضون شهور قليلة، وأصدر له طبعة ثانية وثالثة، كما أصدر لي كتاب «المرأة بين الإفراط والتفريط» الذي ظل في أدراج نادي المدينة الأدبي عدة سنوات، ولم ير النور، فسحبته من النادي، وأرسلته للشيخ محمد صلاح الدين، فنشره على الفور، وأصدر منه طبعتان في عام، وهو عام 1404ه/ 1983م، ثم أصدر لي في عام 1405ه/ 1985م كتابان في آن واحد، هما: «بناء الأسرة المسلمة»، و«من عمق الروح وصلب الفكر»، وأصدر لي عام 1407ه/ 1987م كتاب «دور المرأة المسلمة في وضعنا الراهن، فقد تبنى - رحمه الله - نشر إنتاجي الفكري، وكان مهتمًا بتسويق مؤلفاتي في مختلف البلاد العربية، ويُشارك بها في معارض الكتب، وكان يعطيني الأولوية في النشر، فمجرد أن أرسل له الكتاب يُطبع على الفور، ولا ينتظر دوره في النشر. رحم الله هذا الرجل الفاضل الذي أحب الناس فأحبوه، وأخلص لهم، فأخلصوا له، ومن هؤلاء الأوفياء المخلصين الإعلامي القدير أستاذي أحمد محمد محمود الذي استوقفني كثيرًا ما كتبه الدكتور عبد العزيز قاسم في مجموعته البريدية عن وفائه للراحل الشيخ محمد صلاح الدين، وفاءً يفوق وفاء الابن لأبيه، فكتب الدكتور عبد العزيز قاسم عن الأستاذ أحمد محمد محمود هذه الكلمات: «هذا الكاتب الرائد أحد الأوفياء لأستاذنا محمد صلاح الدين، وكنا نأخذ الأخبار منه وقت مرضه، فقد كان ملازمًا له في المستشفيات التي كان ينوم فيها الفقيد، ولا يبرح المستشفى ليلًا ونهارًا، وعندما قمت بالعزاء في أول يوم، كان من ضمن المصطّفين من أهل الفقيد يرحمه الله، هو والأستاذ عبد الله خياط...»، وهذا ليس بغريب من الأستاذ أحمد محمود، فهذا الرجل -كما تعاملتُ معه أثناء فترة رئاسته لتحرير جريدة المدينة- قليل مثله في النُبل والكرم وحسن الخُلق، والحرص على تقدير أصحاب الفكر والقلم ناقدة ادبية وناشطة حقوقية سعودية