يجب أن يستغل الآباء والأمهات هذه الأيام فى غرس القيم الإسلامية الطيبة لدى أبنائهم. علينا توسعة مفهوم العمل الصالح وعدم حصره في الصلوات والصيام وغيرها من العبادات. العشر تعلمنا مفهوم الحوار بين الاُسرة كما فعل ابراهيم عليه السلام واُسرته الدعاء ليس عبادة العاجزين لكنه سلاح المؤمنين. "لله في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها" هكذا تحدث النبي –صلى الله عليه وسلم" عن اغتنام أوقات الطاعة التي بسببها يُغفر للمرء ذنوبه وتكون سبباً في كرم الله لعبده بالجنة.ومن هذه الكرامات التي منّ الله بها على عباده، العشر الأوائل من ذي الحجة، تلك الأيام التي أخبرنا عنها رسول الله والتي تجمع بين خيرين فضلها وفضل شهرها ذي الحجة احد الأشهر الحرم .وفضل العشر من ذي الحجة، ورد في القران والسنة النبوية، ففي القراّن قال الله تعالى"والفجر وليال عشر" وقال النبي عن فضلها "ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ -يعني أيامَ العشر- قالوا يا رسول الله ، ولا الجهادُ في سبيل الله ؟ قال ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء. لذا استطلعت شبكة الإعلام العربية "محيط" رأي الشيخ محمود القلعاوى -عضو الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين وإمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية- الذي تحدث في الحوار التالي عن فضل العشر الأوائل من ذي الجة وما ينبغي على المسلم العمل فيها: بداية ..كيف يمكن الإستفادة من العشر الأوائل من شهر ذى الحجة؟ من الضروري معرفة أن أيام العشر الأوائل من ذى الحجة، يجب أن يستغلها الآباء والأمهات فى غرس القيم الإسلامية الطيبة لدى أبنائهم، ومن أوضح الدروس التي نراها ونتعلمها من الأسرة الإبراهيمية الطاعة لله، فيجب أن يكون جميع أفراد الأسرة على طاعة لله، لتكون هي اللغة السائدة فى البيت . ولنا في ابراهيم عليه السلام المثل الأعلى في الزوج الذي يطيع ربه، ويأخذ بيد زوجته وولده إلى الصحراء القاحلة، التي لا زرع فيها ولا ماء لا لشيء إلا طاعة لربه، لذا استجابت الزوجة لامر ربها بطاعتها لزوجها فقالت كلماتها الخالدة "إذن لن يضيعنا الله أبداً"، والإبن كذلك طائع لربه بطاعته لأبيه إذ قال "يا أبتى افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين". فبيوت المؤمنين لها سمتها الخاص فهى طائعة لربها، وقد قال صلى الله عليه وسلم "البيت الذي يقرأ فيه القرآن تحضره الملائكة، وتخرج منه الشياطين، ويتسع بأهله، ويكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن تحضره الشياطين، وتخرج منه الملائكة، ويضيق بأهله ويقل خيره". وكيف نعمر بيوتنا بالأعمال الصالحة فى هذه الأيام ؟ نعمر بيوتنا بالذكر والقراّن، ويجب أن تتميز بيوتنا فى هذه العشر بتوسعة مفهوم العمل الصالح، وعدم حصره في الصلوات والصيام وغيرها من العبادات - لا نقلل من شأنها بالطبع- لكن علينا التوسع في أعمال البر والإحسان، وتوعية الناس بأمور دينهم، وإعداد إذاعات مدرسية لأولادنا تخدم القيم الإسلامية، ويدعو الزوج الناس للخير، وتُعلم الزوجة جيرانها أمور دينهم، وكل هذا إن شاء الرحمن عملاً صالحاً .. لماذا يرتبط العشر الأوائل من ذى الحجة بإبراهيم عليه السلام واسرته؟ نعم..فقد ناقش نبى الله إبراهيم -عليه السلام- إبنه فقال "يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ"، وهذا حوار قائم على الإقناع والمشورة "فَانظُرْ مَاذَا تَرَى"، وعند بناء الكعبة المشرفة جاءه ليقول له إن الله أمرني أن أبني بيتاً هاهنا، إنه الحوار الدافىء الذى يقيم جسور الحب بين أفراد الأسرة الواحدة. فما أحوجنا إلى مثل هذا الحوار في بيوتنا بل وفي بلدنا كله، ودعونا ننقل الكلام إلى عقبة كؤد تقف أمام الحوارات الأسرية الدافئة في أيامنا التي نحياها، تتمثل في الإنترنت الذى جعل أفراد الأسرة فى جزر منعزلة عن بعضهم البعض، مما يجعلنا نسمع عن عجيبة من العجائب أن امرأة خيرت زوجها بين إستمرارها في الحياة معه، أو الإقلاع عن متابعة الإنترنت الذي سرقه منه حياته الأسرية وجعله أسيراً له. فالإنترنت وأن كان أحدث تواصل عالمى إلا أنه أحدث شرخاً في التواصل والحوار العائلي الذي نريده فى حياتنا ، فلنعلنها ثورة على هذه الشبكة ولتكن هذه العشر بداية لشكل جديد في علاقتنا بهذه الشبكة، ولنأخذ ما هو نافع منها قبل أن نغرق فيها. وما هي أهم الدروس التي يمكن الإستفادة منها فى العشر الأوائل من ذى الحجة؟ لقد تعلمنا الدعاء من الزوج الصالح خليل الله إبراهيم -عليه السلام- "رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ"، فأين عبادة الدعاء في بيوتنا في هذه العشر المباركات ومن هنا لابد أن نعلم أولادنا أن الدعاء ليس عبادة العاجزين بل سلاح يُتسلح به، وباب يلتجأ إليه، ولنجعل أولادنا يكررون الدعوات قبل نومهم، ويتعلمون معنى دعاء الله في كل أمورهم، فهذه مفاهيم ربانية لابد أن نجتهد فيها والله أعلم.