أبدت صحيفة السفير اللبنانية تخوفها من فقدان لبنان لحقوقه النفطية لصالح إسرائيل في ظل فشل الحكومة في الانعقاد لمنح عقود النفط بينما إسرائيل تنشط بسرعة لإنجاز الاجراءات العملية للمباشرة للتنقيب عن النفط والفعل نصبت معدات الحفر بالفعل قبالة حيفا. وحذرت الصحيفة في تقرير لها بعددها الصادر اليوم من فرض إسرائيل أمرا واقعا على لبنان عبر السعي الى قضم أجزاء من المنطقة اللبنانية الاقتصادية الخالصة ووضع اليد على آبار موجودة في مناطق متنازع عليها او متاخمة للحدود البحرية. وأشارت إلى تلكؤ الإجراءات اللبنانية لمنح عقود النفط حيث ضاع وقت طويل وثمين ضاع قبل أن يقر مجلس النواب اللبناني قانون النفط، ثم ضاعت أشهر وأشهر في انتظار ولادة هيئة إدارة قطاع البترول، بعدما احتاج التوافق على تعيين أعضائها تبعا للانتماءات الطائفية والولاءات السياسية الى مخاض صعب. ورأت الصحيفة أن الخطر الاسرائيلي الداهم كان يفترض أن يدفع بالطبقة السياسية اللبنانية الى شيء من الصحوة، لاستدراك ما فات وحماية الحقوق النفطية الوطنية، إلا أن العكس حدث، وبدل أن تطلق آلية المناقصة في 4 نوفمبر المقبل، تقرر تأجيلها الى 10 يناير القادم، بعدما حالت الخلافات دون انعقاد حكومة تصريف الأعمال لإقرار مرسومين، ينظم أولهما العقود مع الشركات ويتعلق الثاني بعدد البلوكات النفطية التي سيتم تلزيمها. ونبهت الصحيفة إلى أن هذا التأجيل يلحق الضرر بسمعة لبنان ومصداقيته ويهز ثقة الشركات الدولية في قدرته على إدارة ملف التنقيب عن النفط، لاسيما ان أسباب التأجيل مريبة، وتتجاوز ما هو مألوف في مثل هذه الحالات. وقالت الصحيفة إن بعض الشركات الدولية بدأت تعطي إشارات حول امتعاضها من سلوك الدولة اللبنانية الذي يتسم بالخفة، وخصوصا أن هذه الشركات تتعامل بجدية تامة مع متطلبات الملف النفطي، وقد بلغ مجمل ما أنفقته عشر منها لشراء معلومات وتأمين شروط قبولها في المناقصة ما يقارب 129مليون دولار أمريكي. وأشارت إلى أنه تتعدد الاجتهادات والروايات حول المشكلة كما في كل قضية خلافية،، حتى تكاد تضيع المسؤولية. وفي هذا السياق، فهناك من يقول أن الخلاف على النفط هو سياسي وليس تقنيا، وأن ثمة قرارا خارجيا بإبعاد التيار الوطني الحر الذي يتزعمه العماد ميشال عون ويمسك وزيره جبران باسيل بالملف عن تحقيق إنجاز نفطي نوعي وأية شراكة في رسم الخيارات النفطية الإستراتيجية. ويلفت تيار عون إلى إنه تقرر نزع وزارة الطاقة من التيار الحر في الحكومة المقبلة تحت شعار المداورة في الحقائب، وهو الأمر الذي يرفضه العماد ميشال عون بشدة. من جانبه، قال رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي ل"السفير" إن الأولوية الملحة حاليا هي لتشكيل حكومة جديدة، معتبرا أن معالجة هذا العنوان الاساسي تسهل لاحقا التعامل مع الملفات العالقة وبينها الملف النفطي، لافتا إلى وجود ملاحظات عدة من بعض الاطراف، لا يمكن تجاهلها، وخصوصا أن مسألة دقيقة وحيوية، وقلل من مخاطر تأجيل إقرار المرسومين. في المقابل، فإن بعض أعضاء تحالف 8 آذار الذي يضم عون لايخفون امتعاضهم من طريقة إدارة وزارة الطاقة التي يتولاها باسيل للملف النفطي، وتهدد مصالح لبنان في القطاع البترولي. وفي هذا الإطار يتمسك فريق رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل نبيه بري بمنح امتيازات النفط مجتمعة على قاعدة حماية حق لبنان باستثمارها كلها في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، بينما يدعو وزير الطاقة جبران باسيل إلى الإلزام المتدرج الذي يبدأ من امتيازات في مناطق محددة ثم يتوسع تدريجيا مع اكتساب المزيد من الخبرة، معتبرا أن أي خيار آخر سينعكس سلبا على انتظام المناقصة ومشاركة الشركات فيها. وأبلغ وزير الكهرباء والطاقة جبران باسيل صهر عون "السفير" بأن الجميع مسؤولون عن التأخير الحاصل في المسار النفطي، إما بالصمت وإما بالتواطؤ،. ونبه الى أن الخطورة ليست ناتجة عن إرجاء إقرار المرسومين، وإنما عن الدلالات التي يحملها هذا التأجيل وانعكاساته على الشركات التي كانت متحمسة للإنخراط في المناقصة، إلا أن شعورها بعدم اتباع الشفافية في تفسير دوافع التأجيل قد يجعلها في لحظة ما تصرف النظر عن المشاركة في المناقصة.