فكرة الخروج بخطة لتأمين الأسلحة الكيمائية السورية تعود إلى أكثر من عام مضى، وذلك عندما ناقش الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الأمر للمرة الأولى على هامش قمة اقتصادية انعقدت في لوس كابوس – المكسيك. وبحسب صحيفة "يو إس إيه توداي"، كشف مسئول بارز في الإدارة الأمريكية، في هذه الأثناء استمر أوباما وبوتين مختلفين في وجهات نظرهما بشأن الأزمة السورية، وأثناء المباحثات في المكسيك انتقد أوباما روسيا لأن بيعها الأسلحة لسوريا، يُكرس من الصراع الدموي، إلا أن بوتين أوضح أن المبيعات كانت جزء من علاقة طويلة الأمد مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وبالرغم من أن الرئيسين وجدا أرضية مشتركة تتعلق بأهمية تأمين مخزون الأسلحة الكيمائية لم يتم التوصل إلى أي اتفاق، وقدم المسئول الأمريكي - الذي رفض ذكر اسمه - جدولاً زمنيًا مفصلاً للعلاقات التبادلية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية، وروسيا، بشأن كيفية الاحتواء الأفضل لمخزون هذه الأسلحة. وبحسب هذا الجدول الزمني، ناقش جون كيري وزير الخارجية الأمريكي مع سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي هذه الفكرة لأول مرة، عندما زار كيري موسكو في أبريل، و مرة أخرى في الشهر التالي خلال عشاء طويل في وزارة الخارجية الروسية، عشية عيد النصر في روسيا. واستمر كيري ولافروف في الحديث، بشأن الدور الذي بإمكان روسيا أن تلعبه لتسهيل خطة تأمين الأسلحة الكيمائية السورية، وناقشا مع تشاك هيغل وزير الدفاع الأمريكي ونظيره الروسي سيرجي شويجو الاقتراح مجددًا عندما زار القادة الروسيين واشنطن في 9 أغسطس، عقب أيام من إعلان البيت الأبيض إلغاء أوباما زيارة شهر سبتمبر لموسكو لعقد اجتماعات ثنائية مع نظيره الروسي. واتخذ أوباما قرار إلغاء الاجتماع مع بوتين، بعد سلسلة من النزاعات مع الروسيين بما في ذلك سياسته تجاه روسيا، وقرار منح اللجوء السياسي المؤقت لإدوارد سنودن العميل السابق في الأمن القومي الروسي. وعادت المباحثات مجددًا بين كيري ولافروف عقب الهجوم الكيميائي على سوريا، وقرار أوباما بشن الهجوم المحدود على البلاد، فمنذ 21 أغسطس الحالي، أجرى الوزيران مباحثات لتسع مرات، وقال المسئول الأمريكي، إن دور روسيا في تأمين الأسلحة الكيميائية زاد عقب الهجوم على منطقة الغوطة. وفي أواخر الأسبوع الماضي، وعقب أيام من إعلان رغبته في شن الهجوم على سوريا، كان أوباما في روسيا لحضور اجتماع قمة العشرين في سان بطرسبرج، ولم يكن مخططًا أن يُجرى مع بوتين مناقشات رسمية، ولكنهما تحدثا معًا بشكل غير رسمي في نهاية الجلسة العامة الأولى. ثم قرر الرئيسان الذهاب إلى زاوية الغرفة، وتحدثا بشأن سوريا لمدة 20 إلى 30 دقيقة، وأكدا على أن الحل السياسي، هو النهاية المعقولة الوحيدة للحرب الأهلية التي قتلت أكثر من 100 ألف سوري، ولكنهما ظلا على خلاف حول دور الأسد في هذه العملية. ومع ذلك، اتفقا على أنه ينبغي اتخاذ خطوات بشأن الأسلحة الكيمائية، وطرح بوتين مجددًا فكرة إيجاد طريق للتوصل إلى اتفاق دولي لإزالة هذه الأسلحة من سوريا، ووافق أوباما على أن هذا طريق يستحق النظر فيه، وفي النهاية اتفقا على أهمية متابعة كيري ولافروف لهذا الأمر. بعدها، أعلن وزير الخارجية الأمريكي كيري، أهمية تجنب المواجهة العسكرية إذا تخلت سوريا عن الأسلحة، وفي هذه الأثناء ظهر التصريح كأنه "ارتجاليًا" ووصفه أحد المسئولين في وزارة الخارجية أنه بيان "بلاغي"، ولكن في وقت لاحق من اليوم ذاته، تحدث كيري مع لافروف، وأخبره أن الولاياتالمتحدة غير مستعدة لقبول مثل هذا الاقتراح، ولكنه كان على استعداد لإلقاء نظرة فاحصة إذا كان ذات مصداقية. وعقب هذه المكالمة الهاتفية، أعلن لافروف أن روسيا على استعداد لاتخاذ دور في تأمين الأسلحة الكيمائية السورية، وكان هناك احتضان سريع للاقتراح من قبل المسئولين في الحكومة السورية، وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة. وفي وقت لاحق، تحدث أوباما هاتفيًا مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، لمناقشة ما إذا كان الاقتراح الروسي قابل للتطبيق، ومن المقرر أن تستمر المباحثات، عندما يلتقي كيري ولافروف في جينيف غدًا الخميس.