النظر في عواقب الأمور من فعل الحكماء والعلماء وأصحاب الرأي السليم , فعند تقدير المواقف واتخاذ القرارات يلزم النظر في المآلات , فمثلاً إذا نظر الإنسان إلى الحياة الدنيوية بصدق أدرك أن الخاتمة ستكون موتاً ثم بعثاً وحساباً ثم إلى الجنة أو النار , وهنا يدرك هذا الإنسان أن العمل الصالح في الدنيا هو السبيل لضمان حسن الخاتمة , وأيضاً إذا أراد الإنسان أن يغير منكراً ووجد أن في العاقبة شراً أكبر ومفسدة أعظم , فإنه لا يجوز له الإقدام على تغيير هذا المنكر , فتكون العقبة المانعة في العواقب المترتبة على التغيير , ودعونا نضرب مثالاً عملياً من واقعنا القريب , فعندما اجتمع فريق من القيادات لاتخاذ قرار بعزل الرئيس موسي , ووضع تصور جديد لمسيرة الوطن , كان لزاماً عليهم أن ينظروا فيما تؤل إليه الأمور , فلا يعزلون شخصاً بمن هو أدنى منه كفاءة , ولا يحلون مؤسسات منتخبة بقرارات فوقية منفردة لم تعرض على الاستفتاء الشعبي , كما أن أصحاب قرار العزل لم يضعوا في اعتبارهم حجم مؤيدي الشرعية , ورافضي التغيير بالسبل غير المشروعة , إذ أن الصندوق الانتخابي كان هو الحكم في كافة الممارسات السابقة التي نتج عنها الدستور ومجلس الشورى ورئيس الدولة ولكنهم للأسف لم يراعوا ذلك كله , فوقع المجتمع في أزمة خطيرة تنذر بعواقب وخيمة إذا لم يتقدم أصحاب المبادرات برؤى حكيمة ومنصفة تحقق الاطمئنان لأطراف الصراع عند اختيار الحل الوسط الذي نعبر به هذا النفق المظلم . إننا الآن نعيش حالة عجيبة وهي تبادل الخصوم للمواقع , فالمعارضة التي كانت بالأمس أقلية في كافة الانتخابات الرسمية أصبحت تحكم البلاد وتمسك بدفة الأمور نحو خطة غير متفق عليها , أما حكومة الأغلبية فأصبحت اليوم في الشوارع والميادين تطالب بحقها في إمتلاك إرادتها بل ونشاهد أن بعض قادتها قد أودعوا السجون للتحقيق معهم بتهم لا يقبلها عقل ولا منطق , فهم متهمون بقتل أتباعهم ومؤيديهم !! إنه لابد من إزالة العقبات أمام سيناريوهات الحل , فأصحاب قرار عزل الرئيس يظنون أنهم لو عدلوا عن قرارهم فإنهم سيحاكمون كمتأمرين , أما أصحاب الشرعية فيؤكدون أنهم لو تنازلوا عن مطالبهم فإن ذلك يعد خذلاناً للرئيس المنتخب وتنكراً للمؤسسات المنتخبة , كما أن ذلك سيفتح الطريق أمام إقرار هذا النوع من التغيير اللاديمقراطي , وكل هذا يعتبر من المبررات المنطقية والعقبات الواقعية , ولكن ذلك لا يستعصي على مبادرة حكيمة تراعي التعامل الحسن مع عناصر الأزمة وسبل تفكيكها . إننا خلال أسابيع قليلة سنكون بصدد مشهد إنتخابي برلماني , ثم مشهد إنتخابي رئاسي , ربما يختار البعض المقاطعة , وربما يشارك آخرون , وبالتالي إذا تقرر خوض الانتخابات فينبغي علينا كقوى إسلامية ووطنية أن نحشد كامل طاقتنا لاستعادة الأوضاع في صورة أفضل مما كنا عليه , فلقد خضنا تجربة وحصدنا خبرات , وتعلمنا دروساً , فعلينا أن نختار ممثلينا الذين يؤدون دورهم على الوجة الأكمل , وفي ضوء ما شاهدناه في واقعنا الذي يضيف إلينا الجديد كل يوم .هذا وأسأل الله تعالى أن يزيل العقبات أمام طريق البناء والعمل الجاد لصالح مصرنا الغالية . والله المستعان