30 يقول إسلاميون إن انتفاضة 30 يونيو، هي حركة "فلولية".. ولا يستطيع أحد أن ينفي أو يثبت مثل هذا الادعاء على سبيل القطع.. غير أنه يتضمن جزءا من الحقيقة وليس كلها بالتأكيد.. لأن الملايين التي خرجت في هذا اليوم، تفوق قدرة "الفلول" على التحضير والحشد.. ولكن ما هو بات في حكم المعروف بالضرورة أن النظام القديم كان شريكا في صنع 30 يونيو. ولذا نلحظ أن ثمة خطابا إعلاميا، وسياسيا كذلك، يتعمد وصف 30 يونيو ب"الثورة" فيما يعتبر 25 يناير 2011 "فوضى" أعقبت تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك. ليس بوسع أحد إلا أن يشعر بالقلق، من أن يمضي مثل هذا التصنيف الجديد، للحركتين : 25 يناير، و30 يونيو، في اتجاه مثل هذا "التزوير الفلولي".. لأنه يعني أن "الثورة المضادة" انتصرت على "ثورة يناير".. ولعله كان واضحا مثل هذا المعنى في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الداخلية المصري، للتعقيب على مذبحة المنصة، فجر السبت 27 يوليو 2013.. حين اعتبر ضمنيا 30 يونيو حادثا أعاد الاعتبار إلى أجهزة مبارك الأمنية، وردا على هزيمة الشرطة يوم 28 يناير عام 2011. وفي هذا السياق فإن بعض الحركات الاحتجاجية التي كانت فجرت ثورة يناير مثل حركة 6 إبريل، وقفت مترددة إزاء حشود يونيو.. وتوجست بشكل واضح من الظهور المفاجئ، لحركة "تمرد"، بالتزامن مع تقارير مسربة، تحدثت عن تفاصيل عن علاقة "مزعومة" بين "تمرد" وأجهزة أمنية "فلولية"، وهي المزاعم التي جعلت 6 ابريل، متحفظة إزاء تدخل الجيش يوم 3 يوليو، بل إنها لم تخف رأيها بوصفه "انقلابا عسكريا" على الرئيس "المنتخب"، ورفضت المشاركة في الحملة الشبابية التي كان مقررا لها التوجه إلى عدد من العواصمالغربية، في محاولة لإقناعها بأن ما حدث يوم 30 يونيو وعزل د. مرسي بعده بأيام، كان" ثورة شعبية" وليس انقلابا عسكريا. والحال أن 30 يونيو، أعاد تشكيل الخريطة السياسية في مصر، على نحو أربك أية قراءة تحاول تحديد ملامح هذا الحدث الكبير على وجه الدقة وما إذا ثورة "شعبية" أم ثورة "مضادة" انتصرت فيها قوى "الشر الفلولية" على "قوى الخير" القادمة من رحم الأجندة الإنسانية لثورة يناير العظيمة. وأيا ما كان الأمر، فإن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، أن النظام القديم "الفلول" ساعد بالتأكيد على تفكيك بنية نظام الحكم الإخواني.. إما عن طريق "خنقه" من خلال تعطيل كل إمكانيات الدولة، وافتعال الأزمات التي عززت من تنامي مشاعر الكراهية ضد الجماعة.. أو بالحشد، واستخدام الإعلام الفلولي الأكثر تأثيرا وحرفية من الإعلام "الديني" الضعيف ومحدود التأثير إلا على الإسلاميين وحسب. وهذا يعني أن 30 يونيو.. كانت فعلا حركة "شعبية" ولكنها لم تكن بذات النقاء الذي كانت عليه ثورة يناير.. لأن الأخيرة كانت على نظام مبارك.. فيما كان الأخير جزءا من صناعة 30 يونيو وعاد إلى المشهد السياسي، ممتطيا كل أخطاء الجماعة التي ساعدت على الإطاحة برئيسهم في فيما يشبه "نزهة" لاصطياد الأرانب البرية. ولعل فكرة "المصالحة الوطنية" المرفوعة الآن لا تستهدف فقط دمج الإخوان "المهزومة" في العملة السياسية، وإنما أيضا تستهدف البحث عن مكان في تلك العملية لنظام مبارك العائد "منتصرا" مرفوعا على أعناق 30 يونيو.