اهتمت الصحف ووسائل الإعلام الغربية في الأوضاع السياسية الساخنة التي تشهدها مصر، ورصدت تحليلات للإحداث التي تتغير بوتيرة سريعة في البلاد. وسلطت تلك الصحف، الضوء، على خطاب الرئيس محمد مرسي وسلبياته التي أدت إلى تظاهر الشعب ضده، والبعض الأخر ركز على جماعة الإخوان المسلمين وخسارتهم لمصر. وقالت قناة "فرانس 24" الإخبارية الفرنسية اليوم الأربعاء أنه وقبل ساعات من انقضاء المهلة التي حددها الجيش المصري للرئيس محمد مرسي لتحقيق مطالب الشعب "يبقى مستقبل مصر مفتوحا على جميع التكهنات بعد تأكيد الرئيس الإسلامي أنه باق في السلطة و"لا بديل عن الشرعية". وأشارت في تقرير إخباري إلى أن الرئيس محمد مرسي أعلن يوم الثلاثاء انه باق في الحكم، معتبرا أنه لا بديل عن الشرعية.. رافضا بذلك مطالبة تظاهرات حاشدة مستمرة في شوارع مصر إياه بالرحيل. وأضافت "فرانس 24" أن الرئيس مرسي أكد استعداده الدفاع ب"دمه" عن شرعيته كرئيس للجمهورية، محذرا من "سفك الدماء" إذا لم يتم احترام هذه الشرعية، وهو ما اعتبرته حركة تمرد - بحسب القناة الفرنسية - "تهديدا للشعب". ورأت "فرانس 24" الفرنسية أن الرئيس مرسي تجاهل في خطابه تماما الإنذار الذي وجهه له الجيش المصري الاثنين وامهله فيه 48 ساعة للاستجابة "لمطالب الشعب" غداة تظاهرات شارك فيها ملايين المصريين الاحد للمطالبة برحيل الرئيس المصري. استعداد للمواجه و من صحيفة "فاينانشال تايمز" في مقال بعنوان "أنصار مرسي يستجمعون قواهم للمواجهة" أعده بورزو داراغي. قال داراغي إن الإخوان المسلمين تعرضوا للسجن والتعذيب وأبعدوا لسنوات عن الحياة العامة، ولكن بعد عام واحد من توليهم السلطة بعد سعي لها دام 80 عاما، تواجه الجماعة تهديدا لوجودها. ويقول داراغي إن مرسي أبدى تحديا لما يقول أنصاره إنه انقلاب عسكري. وأوضح مرسي ومن يؤيدونه أنهم لن يستسلموا. ويضيف داراغي أن مرسي وحلفاءه استجمعوا قواهم للمواجهة، وقال إن أعدادا غفيرة من أنصار مرسي، الذين يرتدي الكثير منهم الجلباب ويحملون المصحف، موجودون في الميادين والشوارع في شتى مناطق البلاد. ويقول داراغي إن الكثير من مؤيدي مرسي من السلفيين يطلقون لحاهم، لكن الكثيرين منهم أيضا يرتدون الجينز، والكثير من الفتيات يرتدين حجابا ملونا، ويقولون إنهم لا ينتمون لأي حركة أو جماعة. ويضيف أن الآلة السياسية للإخوان بدأت في الدوران فور إعلان الجيش عن مهلته. واجتمع الرئيس مع مستشاريه قبل إصدار بيان مقتضب في الساعة الثانية من صباح الاثنين هون من إنذار الجيش وأبدى عدم اكتراث بالمعارضة. ويقول إن الإخوان المسلمين قرروا أنهم يجب أن يبدوا القوة في أي مواجهة مع الجيش. ويضيف أن الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر اعتقل الآلاف من مؤيدي الإخوان في الخمسينيات، ولكن قيادات الإخوان هذه المرة قررت عدم ترك الساحة السياسية بسهولة. ويضيف أنه على الرغم من إبداء الشجاعة، فمن الواضح أن الإخوان يخشون أن خسارتهم للرئاسة سيستتبعها أكثر من الخسارة السياسية. وتنقل الصحيفة عن شادي حامد خبير الإخوان المسلمين في مركز الدوحة لمعهد بروكينغز قوله "إنهم يشيرون إلى انقلاب عسكري مدعوم من معظم المعارضة ووزارة الداخلية والقضاء. إنهم أسوأ كابوس لديهم". خسارة الإخوان وركزت مجلة "لوبوان" الفرنسية، اليوم الأربعاء، على وضع جماعة "الإخوان المسلمين" اليوم في مصر على ضوء التطورات السريعة التي تشهدها البلاد. وذكرت "لوبوان" أن الإسلاميين، المعارضين التاريخيين لمبارك، يوجدون الآن في نفس موقف الرئيس السابق "لكنهم لم يقولوا كلمتهم الأخيرة". وأضافت أن "السيناريو الحالي في مصر هو نفس السيناريو الذي شهدته مصر أثناء "ثورة النيل" (ثورة يناير) حيث كان هناك آنذاك تعبئة شعبية في ميدان التحرير دفعت الجيش في فبراير 2011 إلى رحيل الرئيس السابق مبارك الذي لم يكن أمامه سوى خيار التنحي". وأضافت إنه "بعد ذلك بنحو عامين، فإن الساحة المركزية من القاهرة (ميدان التحرير) شهدت مرة أخرى نفس الحشد ولكن بشكل أكبر منه حسب الصحيفة في عام 2011 حيث يطالب المتظاهرون الرئيس محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مرحلة ما بعد مبارك، بالرحيل". وتابعت "لوبوان" قائلة إنه "وفي مواجهة خطر نشوب "حرب أهلية" فإن الجيش عاد مرة أخرى إلى المشهد وأعطى مهلة 48 ساعة لتلبية "مطالب الشعب". وبناء على ذلك حسب الصحيفة تظاهرت عدة ملايين من أبناء الشعب المصري يوم الأحد الماضي في أنحاء البلاد وهم يهتفون "مرسي ارحل"، واعتبرت الصحيفة تلك المظاهرات هي الأكبر في تاريخ مصر وشارك بها شباب الثوار، والطبقات الشعبية التي تعاني بسبب الأزمة الاقتصادية أو الحنين إلى النظام القديم. في هذا السياق، نقلت "لوبوان" عن جون نويل فيري مدير مركز أبحاث "سى أن أس أر" قوله أن "حصيلة جماعة الإخوان المسلمين كارثية"، وفشلوا في الناحيتين الاقتصادية والديمقراطية، كما أنهم غير قادرين على استعادة السلام المدني، ورأت المجلة انه بعد 80 عاما من النضال "تحت الأرض" لتنتهي بالوصول إلى السلطة بفضل "الربيع العربي"، فمن الصعب لهؤلاء "الإسلاميين المعتدلين" أن يتخلوا عن السلطة بسهولة حسب المجلة. إحساس بالخيانة وننتقل إلى صحيفة "الغارديان" وتحليل أعده من القاهرة جاك شينكار بعنوان "إحساس مرير بالخيانة ورد فعل قوي والثورة مستمرة". ويقول شنكار إنه لمحاولة فهم ما يجري في مصر يجب التمييز بين صراعين دائرين في البلاد، ونتيجة الصراعين ستحدد مستقبل مصر. ويقول شنكار إن الصراع الأول هو الصراع الدائر داخل النخبة الحاكمة، فمنذ أصبح استمرار الرئيس السابق حسني مبارك في السلطة مستحيلا بسبب الانتفاضة الشعبية عليه، تحاول القطاعات المعنية بالاستقرار في الدولة الاستبدادية - مثل الجيش والسلطات الأمنية - الحيلولة دون دخول مصر في اضطرابات ثورية كاملة. ويقول شنكار إنه منذ أواخر 2011 انضم إلى هذه النخبة الحاكمة القطاعات العليا من الإخوان المسلمين. وحاول الإخوان المسلمون جاهدين الإبقاء على الطبيعة الاستبدادية للسياسة المصرية وتحجيم المطالب الثورية، ولكن ذلك أدى إلى رد فعل قوي. ويضيف أن الأطراف المتنازعة في الدولة تحاول اغتنام الفرصة لامتصاص غضب الجماهير وإحداث تغيير في القمة، ولهذا نجد أن من بين من يحاولون إبعاد الرئيس محمد مرسي فلول النظام السابق الذين يحاولون الإبقاء على ما لديهم من سلطة ومزايا. ولكن يوجد صراع آخر أكثر أهمية، حسبما يقول شنكار، وهذا الصراع بين الساعين للقضاء على النظام الاستبدادي، الذي منعهم من الحصول على حقوقهم السياسية والاقتصادية، الذي استولى على خيرات البلاد، والساعين على الإبقاء على هذا النظام الاستبدادي. ويقول شنكار إن الأغلبية العظمى للذين خرجوا للتظاهر لم يخرجوا دفاعا عن النظام القديم أو حنينا له، بل خرجوا لشعورهم بأن حكم الإخوان خانهم وخذلهم. ويرى هؤلاء أن الرئيس سقطت عنه الشرعية، نظرا لعدم كفاءته وقمعه وعدم وفائه بتعهداته. محاولة أخيرة وفي صحيفة "الديلي تلغراف" نطالع مقالا أعده من القاهرة مجدي سمعان وريتشارد سبنسر بعنوان "المحاولة الأخيرة لمرسي بينما تواجه مصر ثورة ثانية". وتقول الصحيفة إن الرئيس المصري محمد مرسي قام بمحاولة أخيرة للبقاء في السلطة بلقاء قائد الجيش والتعهد بأنه سيبقى في السلطة، إذ قال قادة الإخوان المسلمين إنهم لن يتنحوا عن السلطة أمام الإنذار الذي أعطاه له الجيش بالأمس. ويقول المقال إنه على الرغم من تحدي مرسي لإنذار الجيش، تشعر المعارضة بالنصر، فقد بدأ الليبراليون والعلمانيون واليساريون، ومؤيدو مبارك، وحركة "تمرد" التي نظمت أكبر مظاهرات في تاريخ مصر في الإعداد لحكومتهم الجديدة التي "تضم مختلف الأطياف". ويقول المقال إن خارطة الطريق المطروحة من الجيش تلبي جميع مطالب المتظاهرين: انتخابات جديدة، ودستور جديد، ومجلس حكم انتقالي، لإنهاء سيطرة الإسلاميين على السلطة. ويرفض زعماء المعارضة الاتهامات بأنهم واجهة لنظام مبارك، ويقولون إنهم يتصدون لفرض الإخوان المسلمين لأهدافهم، خاصة منذ دفع مرسي لدستور إسلامي في نوفمبر الماضي. حكومة عسكرية وعلى جانب أخر قال مايكل بيل، السفير الكندي السابق لدى مصر، أنه بالرغم من الفوضى المنتشرة في شوارع المدن الرئيسية في مصر، إلا أن تولي القوات المسلحة للبلاد سوف يكون أمرًا "متضاربًا" مهما كان مؤقتًا، ومع ذلك فإن وجود حكومة عسكرية بإمكانه أن يكون الخيار الأقل سوءًا على الأقل في المدى القصير. وفي مقالة نشرتها صحيفة "جلوب أند ميل" الكندية، أوضح "بيل" أن القوات المسلحة – التي تعد الأداة التقليدية للسيطرة في الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط – سوف تتدخل للحفاظ على نظام تعددي بدائي مختل بشكل متزايد، بالرغم من التفضيل القوي للقيادة العسكرية، لعدم المشاركة في الحياة السياسية للبلاد. وأشار السفير، إلى أن الوضع السياسي للبلاد أصبح معقدًا للغاية، وهناك شكوك بشأن قدرة الجيش على ضمان نظام تعددي منصف بعد الاستيلاء الثاني على السلطة، بالرغم من أفضل نواياه، مضيفًا أنه بالرغم من هذا النفور من الحكم، فربما يتم في نهاية المطاف فرض نظام استبدادي جديد تحت القيادة العسكرية ذاتها. ولكن يرى "بيل"، أن تولي الجيش للسلطة بإمكانه ضمان حدوث استقرار نسبي في المدى القصير على الأقل؛ لأن القوات المسلحة هي المؤسسة الوحيدة التي تحمل وزنًا أخلاقيًا شاملًا بين المصريين، ولكن بالرغم من إمكانية خلق بعض من الراحة للمناورات السياسية وعدم الاستقرار، إلا أن الجيش سوف يواجه العديد من المشاكل التي يواجهها الرئيس محمد مرسي وليس بإمكانه قمع القوى الأيديولوجية التي أطلقت العنان مع سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. أما بشأن الرئيس، فقال السفير، إن الحكم كان بالنسبة له ولرفقائه تجربة تعلم في وقت لا يمكن لمصر استيعاب تكلفة التجربة، مشيرًا إلى أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن القرض كانت غير ناجحة؛ لأن قيادة جماعة الإخوان المسلمين لم تستطع فهم الواقع الصعب للنظام المالي العالمي. وعن المعارضة، أوضح "بيل"، أنها تريد التعددية الديمقراطية والنقاش وصناعة القرار، ولكنها غير ديمقراطية في نهجها، حيث أن مرسي هو الرئيس المنتخب للبلاد، مؤكدًا أن جماعة الإخوان مازالت أفضل الكيانات السياسية تنظيمًا وشهرة وسوف تجد يد إمبريالية أمريكية في أي تدخل للجيش، مختتمًاً أن حملة "تمرد" سوف تناضل فيما بينها إذا سقط نظام الإخوان. فشل مرسي ذكر الخبير الاقتصادي التركي جوفان صاك في مقال بصحيفة "حرييت ديلي نيوز" أن تراجع شعبية الرئيس محمد مرسي والمظاهرات التي دعت المعارضة لتنظيمها ضده على الرغم من كونه أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر يرجع إلى فشله في تشكيل حكومة تجمع اتجاهات سياسية أوسع، وهو أمر حيوي لمعالجة الاستقطاب السياسي الذي تشهده مصر. وأشار صاك، وهو أيضا عميد جامعة اتحاد الغرف الصناعية والتجارية التركية "شدآآ" ، إلى أن هناك سببا أخر وهو عدم قيام الرئيس بالتعامل مع القواعد المختلفة للاقتصاد المصري من خلال طرح مشروع إصلاح اقتصادي، حيث ما زالت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي متعثرة، وتعاني مصر من نقص غير مسبوق في الطاقة الكهربائية، فضلا عن تدني مستوى الخدمات العامة. ويدلل الكاتب على سوء حالة الاقتصاد المصري بوضع الموازنة العامة للدولة التي يوجه ربعها للدعم وربعها الثاني لتغطية مرتبات ما يزيد عن ستة ملايين من موظفي الدولة فيما يذهب ربعها الثالث لتغطية خدمة الديون ليتبقى الربع الأخير لصالح الخدمات العامة التي تقدمها الدولة، مع ملاحظة أن هذا الربع الأخير يوازي حجم العجز في الميزانية بما يضطر الدولة للجوء لمزيد من الاستدانة وهو ما يمثل موقفا ماليا مهتزا. ويوضح الكاتب انه بالنسبة للدعم فان الكل في مصر يعلم أن نظام الدعم لا بد من إصلاحه، فعلى سبيل المثال يتمثل ربع الصادرات المصرية في الاسمنت والاسمدة، وهي سلع كثيفة الاستخدام للطاقة، بما يجعل من دعم الطاقة الذي تقوم الحكومة بتوفيره للمصانع المنتجة لتلك السلع هو في الحقيقة دعم من قبل مصر التي تعاني من مشاكل اقتصادية جمة لدول شمال المتوسط الغنية وهي المستورد الرئيسي لتلك السلع. وأضاف صاك انه على الرغم من إعلان النية عن مراجعة منظومة الدعم في مصر فان هذا التوجه لم يتم تطبيقه على ارض الواقع بما يشير بوضوح لمعاناة مصر من ضعف مؤسسي وإداري واضح.