احتلت أنباء مفاوضات السلام المباشرة بين الولاياتالمتحدة وحركة طالبان الأفغانية مساحات واسعة على صفحات الصحف العالمية اليوم. وألقت صحيفة «الغارديان» البريطانية الضوء على محادثات السلام بين واشنطن وطالبان في مقال تحت عنوان «لا استسلام وراء زهور طالبان البيضاء». وقالت مراسلة الصحيفة في كابول ايما غراهام هاريسون إن وراء الدعوة المفاجئة لعقد مباحثات سلام تكمن سنوات من العنف والشك والريبة. وأضافت هاريسون أن مسئولين من طالبان، وهي جماعة مسلحة متشددة مخيفة حظرت مشاهدة التلفزيون وحمت تنظيم القاعدة، باغتوا العالم الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي بعرض طلب إجراء مفاوضات سلام. انسحابا سهلا وتقول الغارديان إن واشنطن ستستجيب للمبادرة، فهي تسعى لعقد صفقة لتبادل السجناء للإفراج عن الجندي الأمريكي الذي تحتجزه طالبان. وفي الوقت ذاته تريد إعداد خطة تضمن انسحابا سهلا لقواتها من أفغانستان دون السماح للقاعدة بوضع أقدامها مرة أخرى هناك أو تخاطر باندلاع حرب أهلية. وتضيف الصحيفة أن واشنطن بإمكاناتها الهائلة واستعراض "عضلاتها" العسكرية لا تستطيع تقديم أكثر مما قد تضمن الحصول عليه من الرئيس الأفغاني حامد كرزاي الذي حاول على مدار سنوات الاقتراب من مقاتلي طالبان الذين وصفهم بأنهم الإخوة الضالون. ولكن كرزاي، بحسب الغارديان، تنتابه الشكوك حول دوافع الولاياتالمتحدة، وأعرب عن ضيقه من إجراء المحادثات خارج أفغانستان بل إنه طالب مسلحي الحركة بضرورة نقل المفاوضات إلى الأراضي الأفغانية في أقرب وقت ممكن. وتقول «الغارديان» إن طالبان أعلنت عن دخولها محادثات السلام بعد أعمال عنف بدأت بها موسم الصيف ربما بغرض أن تجلس إلى طاولة المفاوضات من موقع القوة، ولكن مجرد بدء المفاوضات ستكون خطوة تؤثر في معنويات طالبان ويكبح جماحها إن لم يحدث تقدم ملموس. انفراجة أفغانية على الجانب الأخر ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية اليوم الأربعاء أن حركة طالبان الأفغانية حققت انفراجة في مساعي بدء مفاوضات السلام الأفغانية عبر إعلانها فتح مكتب جديد لها في العاصمة القطرية الدوحة ، والاستعداد لإجراء محادثات مع مسئولين أمريكيين وأفغان، الذين بدورهم استجابوا لهذا العرض وأعلنوا أنهم سيتوجهون للاجتماع مع ممثلي طالبان في غضون أيام. وأوضحت الصحيفة في تقرير أوردته على موقعها الالكتروني أنه في حال بدء هذه المفاوضات، فستكون بمثابة خطوة هامة في مساعي السلام التي وصلت إلى طريق مسدود منذ ما يقرب من 18 شهرا. وذلك عقب انسحاب طالبان واتهامها الولاياتالمتحدة بسوء النية في التفاوض، فيما ضغطت واشنطن طويلا لإجراء محادثات من هذا القبيل اعتقادا منها بأنها أمر ضروري لاستقرار أفغانستان عقب الانسحاب العسكري الغربي المقرر عام 2014. أهداف أخرى ورجحت الصحيفة بان يكون لطالبان أهداف أخرى للمضي قدما في تلك المحادثات ، موضحة أن اللغة التي استخدمتها الحركة توضح أنها تسعى لأن يتم التعامل معها على أنها قوة سياسية مشروعة ذات دور ممتد أبعد من مجرد التمرد .وبهذا المفهوم ، وبالإضافة إلى المساعدة في إجراء المحادثات ، يمكن اعتبار مسألة افتتاح مكتب للحركة في قطر، هو إشارة إلى أن هدف طالبان الرئيسي يتمحور في الاعتراف بها كبديل لحكومة الرئيس حامد كرزاى المدعومة من الغرب. ونقلت الصحيفة عن فالى نصر ، المسئول السابق في الإدارة الأمريكية ، تحذيره بأنه في الوقت التي تستعد فيه الولاياتالمتحدة لسحب قواتها من أفغانستان فلن يكون بإمكانها القيام بأكثر من عمليات تبادل الأسرى. كما أن حركة طالبان «لن تحاول مساعدتنا في تنفيذ إستراتيجيتنا ،لأنها بالتأكيد ستحاول تنفيذ الإستراتيجية الخاصة بها».