يهدف وضع الحد الأدنى للأجر وما يتصل به من سياسات أخرى اقتصادية واجتماعية إلى الحد من الفقر, والعمل على توفير الاحتياجات الأساسية للعامل, ومنع استغلال أصحاب الأعمال للعمال. إذ لابد أن يكون الحد الأدنى للأجر متناسباً بدرجة تكفل مستوى معيشة مقبول اجتماعياً. ويرتبط الحد الأدنى للأجر بالعمل أو التشغيل، وهو بذلك يختلف عن الحد الأدنى للدخل والذي من شأنه أن يضمن للشخص الحد الأدنى من متطلبات المعيشة بصرف النظر عما إذا كان الشخص يعمل بوظيفة يحصل منها على أجر أم لا. ومما لاشك فيه أن تحديد الحد الأدنى للأجر لا يكفى وحده للقضاء على الفقر وتلبية كافة احتياجات العامل, ولكنه يُمثِّل وسيلة فعالة لتحقيق توزيع أكثر عدالة للدخل فهو يمثل المستوى الأدنى الذي لا يجوز الانخفاض عنه وذلك بموجب القانون. ولا توجد قاعدة عامة تحدد المستوى الأمثل للحد الأدنى للأجر فى كل دولة من دول العالم, حيث إنه يرتبط بمجموعة من العوامل الخاصة بظروف كل دولة، كأوضاع سوق العمل بها والاختلاف في مستويات إنتاجية العامل بين الأقاليم وبين الصناعات والمهن المختلفة. ونجد أن هناك الكثير من الدول العربية التي يعتبر الحد الأدنى للأجور هو أحد المطالب الأساسية للعاملين بها وعلى رأسها مصر الذي يعتبر من المطالب التي نودي بها قبل قيام الثورة إلا انه لما يتحقق حتى وقتنا هذا. إلا أن الوضع مختلف في السعودية " أكبر مصدر للنفط الخام في العالم" ، حيث يبدو أن القطاع الخاص على موعد مع رفع الحد الأدنى للأجور ، وذلك بعد الدراسة العمالية التي طالبت برفع الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص لما يقترب من ستة آلاف ريال شهريا. وقدرت الدراسة الحد الأدنى لأجور العمالة السعودية ب5837 ريالا، للعمالة الوطنية والوافدة، اعتمادا على 4 عوامل رئيسية هي احتياجات العمال وأسرهم، والمستوى العام للأجور، وتكاليف المعيشة وتغيراتها، والعوامل الاقتصادية. كما أوصت الدراسة بمراجعة الحد الأدنى للأجور كل عامين، لمراعاة تغيرات تكاليف المعيشة وارتفاع الأسعار. وينتظر الانتهاء من الدراسة خلال شهرين لرفع نتائجها إلى العاهل السعودي، بعد عدم الاتفاق بشأن شمول العمالة الوافدة بالحد الأدنى للأجور أسوة بالعمالة السعودية. اعتراضات إلا انه فيما يتعلق بالعمالة الوافدة فقد لاقى اعتراض من أصحاب الأعمال ، مبررين ذلك بأن مساواة العمالة الأجنبية بالوطنية من حيث الحد الأدنى للأجور سيضر الاقتصاد الوطني بزيادة تحويلات العمالة الوافدة إلى بلدانها مما قد تصل إلى معدلات مرتفعة، مما سيتسبب في سحب السيولة من السوق المحلي وارتفاع تكاليف المعيشة. وأكد أصحاب الأعمال أن المستفيد الأكبر من وضع حد أدنى للأجور هو العمالة الوافدة التي تشكل أكثر من تسعين في المائة من أعداد العمالة التي تعمل في القطاع الخاص مما سيساهم في القضاء على المنشآت الصغيرة, مؤيدين إجراء دراسة لمعرفة مدى الحاجة لوضع حد أدنى للأجور ومجال تطبيقه في حال إقراره. فمن جانبه قال الدكتور عبد الله دحلان ممثل أصحاب الأعمال لصحيفة "الاقتصادية" :"نحن كقطاع خاص نُثمّن الدراسات التي تعدها الجهات الأخرى ولجنة العُمّال، لكن نريد إعداد دراسة نشترك فيها جميعا، وعلى القطاع الخاص حينها، وهو أحد أطراف الحوار الاجتماعي، القبول بنتائج الدراسة المشتركة". من جهته، أوضح أحمد الحميدان، وكيل وزارة العمل للشئون العمالية، والأمين العام لمنتدى الحوار الاجتماعي، أن المنتدى لم يحدد رقما كحد أدنى للأجور، مضيفا: "تم عرض أكثر من رقم، لكن الرقم المحدد هو الناتج عن دراسة مشتركة بين الأطراف الثلاثة التي ستخرج برضا جميع الأطراف". وأكد الحميدان أن هذه المواضيع ليس سهلا الوصول فيها إلى رقم محدد، لأن جميع الأطراف لديها اعتراضات، وأن الدراسة ستصدر من مركز المعلومات في الوزارة، بالتعاون مع مركز الحوار الوطني، وسترفع بعد ذلك إلى المقام السامي. وأكد وكيل الوزارة عدم وجود ارتباط بين الحد الأدنى للأجور وسعر السوق، وقال: "الحد الأدنى لا يترتب على سعر السوق، لكن يتم تحديد الحد لتكون السوق أكثر تنظيما واستقطابا للاستثمارات الخارجية والمحلية، إضافة إلى توفير فرص وظيفية للعمالة الوطنية، تؤمن حياة كريمة لهم، وتناسب مستواهم المعيشي". ونتيجة لهذا الخلاف تم تشكيل اللجنة المشتركة بمشاركة وزارة العمل التي لم تبدِ أي موقف تاركة الأمر إلى ما ستقره اللجنة المشرفة على الدراسة من توصيات في هذا الخصوص. لكن نضال رضوان رئيس اللجنة العُمّالية، أكد ل«الاقتصادية» أن الدراسة "لم تلْق قبولا" لدى أصحاب الأعمال، لكن تم الاتفاق على بحث الموضوع بشكل ثلاثي من قِبل الأطراف المعنية، للوصول إلى حل يوفر حياة كريمة للعمالة الوطنية. وعن رفض أصحاب العمل للحد المذكور، أوضح رئيس اللجنة العُمّالية :"من الطبيعي أن ما تعوّد عليه أصحاب الأعمال في ال30 سنة الماضية لن يُقابل بالترحيب. موضوع الثلاثة آلاف ريال لم تفعلها الشركات إلا بعد أن تم فرضها عليهم"، مؤكدا أن النظام هو الأساس، وأن صاحب العمل لن يدفع مبالغ إضافية إلا إذا أُلزم بذلك. الأجور والأسعار وخلص عدد من القراء المعلقين على خبر رفع الحد الأدنى للأجور ، إلى أن رفع الأجور المفاجئ سيؤدي للتضخم ورفع أسعار السلع لكن الحل الأمثل هو الرفع التدريجي وفق دراسات بما لا يضر بأسعار السلع والخدمات. وعلق القارئ عبد العزيز بالقول ''لا بد أن يكون هناك حد أدنى للأجور حتى لا يقع ظلم في الأجور بين موظفي هذا القطاع، لتكون هناك قاعدة عامة ترتكز عليها سياسة الأجور''، وأن الحد الأدنى لابد وأن يشمل كل الفئات، إلا أن الكيفية والآلية لتنفيذه لم تقر بعد، ولا يمكن تحديد ذلك حتى الانتهاء من الحوار بين أصحاب العمل والعمال، والذي يهدف لمناقشة تحديد الخيارات والإمكانات المتاحة دون أن نؤثر في التوازن الاقتصادي للبلد''. ويرى آخر أنه ''من الممكن فرض هذا المبلغ على الشركات الكبيرة التي تحقق أرباحاً عالية. لكن على الشركات الصغيرة مستحيل. لماذا لا يتم تطبيق هذا الحد الأدنى على الشركات المدرجة في سوق الأسهم أولا''. وقال العنزي 'أتمنى التوفيق لوزير العمل في عمله خلال المدة الماضية بعد نقلة كبيرة في القطاع الخاص وأنا أحد موظفي القطاع الخاص، والآن أرى أن السعودي أخذ مكانه في هذا القطاع، والقادم - إن شاء الله تعالى - أتمنى له التوفيق لما فيه مصلحة هذا الوطن الغالي وأبناء هذا الوطن''. يُوقِع الظلم وكانت مسئولة في وزارة العمل أكدت في فبراير الماضي إن غالبية دول العالم تنتهج سياسة تحديد الحد الأدنى للأجور، في حين أن السعودية لم تعتمد حتى الآن هذه السياسة في القطاع الخاص، مما دعا الحكومة إلى تكليف وزارة العمل لدراسة الموضوع في القطاع الخاص لتتماشى مع أنظمة منظمة العمل الدولية. وأكدت الدكتورة خلود القحطاني مستشارة وزير العمل، أن الوزارة لا تتأثر بتكتلات الرأي الواحد من القطاع الخاص عند تشريعها للقرارات لأنها تضع في الاعتبار المصلحة العامة دون الإضرار بالأطراف المعنية وأن الوزارة خصصت منتدى الحوار الاجتماعي لتداول جميع الآراء والمقترحات سواء من القطاع الخاص أو العاملين فيه، مبينة أن منتدى الحوار الاجتماعي المقبل الذي سيناقش الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، جاء إثر توجيه الأمر الملكي لدراسة الحد الأدنى للأجور، لأنه لا يوجد حد أدنى في القطاع الخاص بالسعودية، بينما عالميا هذه السياسة موجودة، مضيفة ''لابد أن يكون هنالك حد أدنى للأجور حتى لا يقع ظلم في الأجور بين موظفي هذا القطاع، ليكون هنالك قاعدة عامة ترتكز عليها سياسة الأجور''، مبينة أن الحد الأدنى لا بد أن يشمل كل الفئات، إلا أن الكيفية والآلية لتنفيذه لم تقر بعد، ولا يمكن تحديد ذلك حتى الانتهاء من الحوار بين أصحاب العمل والعمال، والذي يهدف لمناقشة تحديد الخيارات والإمكانات المتاحة دون أن نؤثر على التوازن الاقتصادي للبلد، وترجح الوزارة ما يكون لصالح المصلحة العامة الوطنية، دون الميل لكفة عن أخرى، ولا تتأثر بتكتل واحد رافض أو مؤيد لقرار مطروح للدراسة، مؤكدة أن الوزارة لا يمكن أن تنظر إلى توحيد رأي القطاع الخاص لإجهاض أي قرار، لأن الحوار الاجتماعي انتهج للوصول إلى قرار مشترك. حماية الأجور من ناحية أخرى بدأت وزارة العمل السعودية منذ أول يونيو الحالي تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج حماية الأجور للمنشآت العملاقة التي يزيد عدد عمالتها على 3 آلاف عامل، المتضمنة تسجيل ورفع ملفات صرف الأجور عبر موقع الخدمات الإلكترونية لوزارة العمل على أن يبدأ التطبيق الإلزامي يوم الأول من سبتمبر/أيلول القادم. ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، يقوم البرنامج برصد عمليات صرف الأجور لجميع العاملين والعاملات السعوديين والوافدين في منشآت القطاع الخاص من خلال إنشاء قواعد بيانات محدثة تحتوي على عمليات صرف الأجور، وتحديد مدى التزام تلك المنشآت بصرف مستحقات العاملين لديها في الوقت والقيمة المتفق عليها بين طرفي العلاقة التعاقدية وفقاً لنظام العمل. وأكدت وزارة العمل أن برنامج حماية الأجور للعاملين في القطاع الخاص يقوم بمتابعة دقيقة لصرف مستحقات العمالة الشهرية في القطاع الخاص بشكل كامل وفي الوقت المتفق عليه، مشيرة إلى أن تلك المنظومة المتكاملة من الإجراءات التي تقوم بها الوزارة تهدف في المقام الأول لمعالجة تشوهات سوق العمل وتوفير بيئة عمل مناسبة. وكانت وزارة العمل أعلنت في وقت سابق عن آلية عمل البرنامج الذي يقوم على عدد من النقاط المهمة المتعلقة بالأطراف الثلاثة (صاحب العمل، والمصرف أو البنك، والعامل). ويهدف البرنامج إلى التأكد من حصول العمالة السعودية والوافدة على أجورها الشهرية بانتظام عبر البنوك الرسمية إضافة إلى مراقبتها، بالتنسيق مع عدد من الجهات الرسمية ومن بينها مؤسسة النقد. ومن المقرر أن يتم تطبيق النظام بشكل تدريجي، حيث سيطبق في المرحلة الأولى على الشركات الكبرى (العملاقة)، وفي المراحل التالية سيجري التوسع في الشرائح حيث تدخل الشركات المتوسطة ثم الصغيرة تليها الشركات الصغيرة جداً ليتم تطبيق البرنامج بالكامل على كافة منشآت القطاع الخاص. وفي النهاية تجدر الإشارة إلى انه يعيش في السعودية نحو 9.2 مليون وافد أجنبي، وفقاً لإحصائية حديثة .