الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء : عدد سكان العالم سيصل 8.9 مليار نسمة بحلول 2035    رئيس قناة السويس: قرار تخفيض الرسوم مدروس وهذا حجم الخسائر في 18 شهرا    النائب عاطف مغاوري: لا لطرد مستأجري الإيجار القديم من ملاك جدد اشتروا بأبخس الأثمان لبناء الأبراج    شريف عامر: جفاء وتوتر في العلاقة بين اسرائيل وامريكا    حسام البدري يكشف حقيقة فسخ تعاقده مع أهلي طرابلس وعودته للدوري المصري    غلت أيدينا، لجنة التظلمات تحمل الأندية مسؤولية تداعيات أزمة مباراة القمة 130    تعليم دمياط يرفع حالة الاستعداد القصوى لامتحانات نهاية العام الدراسي    السجن المشدد 10 سنوات ل13 متهما لسرقتهم سيارة بها 790 تليفون محمول بالإسكندرية    أحمد سامي يكشف دور لجنة مصر للأفلام في تبسيط إجراءات تصوير الأعمال الفنية العالمية    راغب علامة يطرح أغنية «ترقيص» | فيديو    إسبانيول ضد برشلونة.. شوط أول سلبى فى موقعة حسم لقب الليجا    سباك يحتجز ابنته ويعتدي عليها جنسيًا لمدة 10 أيام في الحوامدية    قطع الكهرباء عن 15 منطقة في بنها للصيانة (الموعد والمناطق المتأثرة)    تشويش إلكتروني وعاصفة جيو مغناطيسية.. خبير يحذر من تداعيات الانفجارات الشمسية بهذا الموعد    أسامة كمال فى ذكرى "النكبة": "كل سنة والعالم ناسى" مساء dmc    تامر حسنى يطرح أغنية المقص مع رضا البحراوي من فيلم ريستارت.. فيديو    «الحمل Tiktok» و«الأسد YouTube».. اعرف إنت أبليكيشن إيه على حسب برجك    وزير التعليم يتخذ قرارات جريئة لدعم معلمي الحصة ورفع كفاءة العملية التعليمية    وفد اللجنة الأولمبية يشيد بتنظيم بطولة إفريقيا للمضمار    "ملف اليوم" يسلط الضوء على غياب بوتين عن مباحثات السلام مع أوكرانيا بتركيا    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    استعدادا للامتحانات، أطعمة ومشروبات تساعد الطلاب على التركيز    خبير دولي: روسيا لن تتراجع عن مطالبها في أوكرانيا.. والموارد تلعب دورًا خفيًا    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    «ملامح من المنوفية» فى متحف الحضارة    المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يناقش عدد السكان 2027 مع تحالف العمل الأهلى    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    شكرًا للرئيس السيسي.. حسام البدري يروي تفاصيل عودته من ليبيا    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    لابيد بعد لقائه نتنياهو: خطوة واحدة تفصلنا عن صفقة التبادل    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    الأهلي يبحث عن أول بطولة.. مواجهات نصف نهائي كأس مصر للسيدات    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    لانتعاش يدوم في الصيف.. 6 إضافات للماء تحارب الجفاف وتمنحك النشاط    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    خطف نجل صديقه وهتك عرضه وقتله.. مفاجآت ودموع وصرخات خلال جلسة الحكم بإعدام مزارع    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة المعرض العام
نشر في محيط يوم 01 - 06 - 2013

تصاعدت أزمة "المعرض العام للفن التشكيلى" فى دورته الخامسة والثلاثين، وكان بعض من الفنانين، ممن استبعدت لجنة الفرز والاختيار أعمالهم الفنية من العرض، وأسمتهم اللجنة ب"الطفيليات"عندما تقدموا بشكوى قالوا فيها أن اللجنة رفضت أعمالهم، رغم قيمتها فى رأيهم (وهذه اللجنة تتشكل تبعاً لتصريح كوميسيرالمعرض، من فنانين وأكادميين ونقاد ذوى قيمة وقامة فنية ومشهود لهم بالكفاءة) بينما قبلت أعمالاً لعدد من الفنانين، قدمت بعد إنتهاء الموعد المحدد لتلقى الأعمال. وقد أثارت الشكوى استنكار اللجنة المنظمة، ولم يعيروا لها إهتماما.
والحقيقة أنه ومع إفتتاح كل "معرض عام" وكذلك بالنسبة لمعرض"صالون الشباب" تحدث مثل تلك المواقف من قبل المرفوضين من العرض، وينشب الخلاف وإلقاء التهم بين شباب الفنانين ولجنة الفرز والاختيار. ورغم عدم أحقية المتقدم للمعرض فى الاعتراض على رأى لجنة الاختيار؛ لأنه قد وقَع مسبقاً على شروط المعرض، والتى تنص على قبول رأى اللجنة فى كل الحالات.
ومع ذلك فإن عدم الاعتراض على رأى اللجنة لا يحل الأزمة الحقيقية للفن التشكيلى فى مصر، والمتعلقة بخضوع الحركة الفنية لشروط المؤسسات الرسمية التابعة لقطاع الفنون بوزارة الثقافة، والذى ينظم فعالياته تبعاً لاختيارات المسؤلين، ولا يراعى التغيرات التى تحدث فى حياة المصريين, مثلما لا يعى أن الشباب هو صاحب المبادرات الإبداعية والتى تحطم كل القيود المعرقلة لحرية التعبير.
إن الأسلوب الذى اتبعته المؤسسات الثقافية فى زمن ما قبل الثورة ومايزال، يؤدى إلى عزوف الغالبية العظمى من الجمهورعن متابعة نشاط الفنانين. ذلك الجمهور قد أصبح ينظر إلى الفن على أنه نوع من الترف الغامض. وقد أدت هيمنة الأجهزة التابعة لوزارة الثقافة إلى شعور الفنانين بالاحباط من جراء خلو المعارض التى يقيمونها من الزائرين, اللهم إلا فى يوم الإفتتاح حيث يحضر المنظمون الإداريون مع الفنانين العارضين، وبعض الاصدقاء المقربين كنوع من المجاملة.
والواقع أنه فى كثير من الأحيان يسبق الشباب التوقعات، ويبهرون الآباء، بما يبدعون من حلول مدهشة وبطرق بسيطة، للمسائل التى صعبت على الأجيال السابقة.
لقد ذكرالفنانون الشباب الذين رفضت لجنة الفرز أعمالهم، فى شكواهم "أن مستواهم الفنى أعلى من أن ترفض أعمالهم". وقد يبدو تصريحهم محض إدعاء كاذب، لمن يعتقد أن الإبداع الفنى يتوقف على امتلاك الخبرة والدراسة، وعلى تقلد المناصب الإدارية فى اللجان الرسمية، وعلى مراعاة القواعد والمحافظة على تقاليد الفن، بالطريقة التى تمارس فى الأكاديميات المعتمدة.
غير أن الحديث حول الفن ينبغى أن يجرى على أساس مبدأ تعدد وجهات النظر، وعلى أساس أن معايير الحكم على الفن تتغير مع تغير الذوق. وليس هناك معيار شامل دائم فى مجال الفن. أما الذين يقفون جامدين أمام تغيرات الفن، عاجزين عن مجابهتها فهم غافلون عن طبيعة الفن المتغيرة.
ومع ذلك بدا الناقد "صبحى الشارونى" يسخر من الأعمال الفنية المركبة التى عرضها الشباب كإبداعات مستحدثة، فكتب فى جريدة المساء (6أغسطس1991) عن "صالون الشباب الثالث يقول: "تلفت انتباه المشاهدين الأعمال المركبة أو البدع الفنية، حتى يخيل للمشاهد أن كل ما علق على الجدران وانتشر على أرضية المكان، هو مجرد ديكور وخلفية، فالمشهد عبارة عن مجموعة من الغرائب، استخدم الشباب فى إقامتها كل ما خطر ببالهم من خامات... فجاءت الأعمال بلا معنى أوهدف، وثقيلة الظل".
هكذا بدت معارض "صالون الشباب" للنقاد الذين يتمسكون بالمألوف مغرقة فى الغرابة بل ثقيلة الظل, مثلما بدت سابقاً معارض "جماعة الفن والحرية" فى الأربعينيات من القرن الماضى فى مصر, مفاجأة غير متوقعة, بل تجارب غير مستساغة فى حينها. رغم حقيقة أن الفن ظاهرة لا تتوقف عن التجديد، وعن تقديم المفاجئ والمدهش فى تجريب المذاقات غير المستهلكة.
لذا فإن الكثيرين من الفنانين الطليعيين أثبتوا على مرتاريخ الفن، أن الإبداع فى هذا المجال يتوقف على مقدرة الفنان فى الخروج عن المألوف.
ويذكر هنا مثال الفنان الفرنسى"مونيه" ورفاقه ( رينوار وديجا وسيزان) من نفس جيله، الذين رفضت أعمالهم فى "صالون باريس للفن" الرسمى, فارتضوا التحدى وتضامنوا معاً، وإقاموا "صالون المرفوضين". وهذه سنة الحياة، إذ يحدث دائماً أن تظهر المواهب الفنية الأكثر جرأة واندفاعاً، فتطغى على الأجيال التى تشيخ. وحتى الإبداعات التى تبدو غريبة، فبمرور الزمن ومع ظهور إبداعات أخرى جديدة، تفقد غرابتها، وتصبح معها الأقدم، وكأنها قد انسحبت إلى الخلف لتفسح المجال للأكثر ثورية.
وبعد الثورة أصبح من حق الفنانين الطليعيين أن يواجهوا بتحدى الشروط المسبقة القيود التى تضعها الهيئات الرسمية، حتى يحققوا التجديد. وإذا لم تقبل لجان الفرز الرسمية أعمالهم المتحررة والغير مطابقة للمواصفات، يمكنهم أن يقيموا معارضهم، مثلما فعل الفنانون التأثيريون من قبل فى باريس، رغم معاداة الناقد "لويس ليروا " ووصفه لهم ب"الهمج" لأن فنهم فى رأيه مفكك وغير مكتمل. وبالطبع فإن قصده تجاه تلك الأعمال أنها لم ترسم كمحاكاة فوتوغرافية.
ونفس الموقف المعادى لغيرالمألوف ولغير المطابق للمواصفات واجهه الفنان الفرنسى"ماتيس" إذ أطلق الناقد " لويس فوكسيل" تسميته لهذا الفنان ولرفاقه من الشباب، بسبب تحريفاتهم لطرق الرسم التقليدية ب"الحيوانات المتوحشة". وكانت قد شعرت المجموعة التى تزعمها "ماتيس" فى بداية القرن العشرين، بضرورة إحداث تغيير لفن نهاية القرن التاسع عشر، والذى بدت غايته أن يخلو من الأخطاء، تبعاً للنموذج الذى يوحى به المعرض الرسمى لصالون باريس، وهو يتميز قطعاً بمهارة صنعته، حتى بلغ منتهى الإتقان الفوتوغرافى.
وكان المعرض الذى أقيم فى باريس سنة 1905وضم غرفة لجماعة "ماتيس" قد واجهه النقاد باستياء. ومع ذلك لو تنبأ هؤلاء النقاد الذين يتبعون مناهج جامدة، ليس بوسعها توقع الفن الجديد، بما سوف تحدثه "التكعيبية "التى كانت غريبة عندما ظهرت مع أعمال "بيكاسو" فى أوائل القرن العشرين، لبدت أعمال "ماتيس" الجريئة، أقل تطرفاً بكثير، بل غاية فى التناسق والتحكم والنقاء. وبخاصة بعدما اشتملت " التكعيبية"على أساليب التلصيق (الكولاج) وأصبح الفنان الطليعى حراً فى إزالة التميزات بين فنى النحت والرسم، مما نتج عنه إبداعات حديثة غير مسبوقة.
إن الفنانين الشباب هم الأمل فى الإبداع وفى تحريرالفن من القواعد التقليدية التى يجب أن تبقى فى إطار المناهج الدراسية. رغم التطلع لقدر من التجديد فى مناهج الدراسة لتسمح بالرؤية النقدية وبالقدرة على الاختلاف مع ما هو لا ينتمى إلى لغة العصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.