ظل بعيداً عن السلطة طوال 14 عاماً، ولكنه عاد إليها مؤخراً، عقب إعلان فوز حزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه في الانتخابات التشريعية، وهزيمة منافسه الأبرز زعيم حزب حركة إنصاف عمران خان، حيث تقدم نواز شريف زعيم الرابطة الإسلامية بفارق جيد على الخصمين الرئيسين وهما حركة إنصاف وحزب الشعب الباكستاني الحاكم سابقاً الذي يتزعمه الرئيس "آصف علي زرداري"، وفي ظل تأهبه لتشكيل حكومة باكستانية جديدة، يواجه شريف أزمات وتحديات كثيرة. تحديات وصعوبات وتنقسم تلك الأزمات والتحديات إلى أزمات داخلية وأخرى خارجية، يأتي على رأس هذه الأزمات شكل المؤسسة العسكرية الباكستانية، فما زال للجيش الكلمة العليا في "باكستان" منذ عقود طويلة، ومن ثم يتعين على رئيس الوزراء المنتخب أن يتعاون مع قادة الجيش؛ لسيطرتهم على السياسة الخارجية والأمنية، وأن يتفادى بأي شكل من الأشكال خطر الانقلاب العسكري. ومن ناحية أخرى، تأتي تلك الحكومة المنتظر تشكيلها في وقت، تواجه فيه البلاد أوضاعاً اقتصادية صعبة، وموجات عاتية من الفساد، إضافة إلى تصاعد موجة العنف مؤخراً، والتي استهدفت العملية الانتخابية من قبل حركة "طالبان" باكستان، التي ترفض الاعتراف بالانتخابات، وترى أن آليات الديمقراطية تخالف الشريعة الإسلامية. وهو ما يستوجب معالجة سريعة وكان شريف قد تعهد بإعادة اتباع سياسات السوق الحرة، وتخفيف القيود الاقتصادية لعلاج تلك المشكلة والتحاور مع حركة طالبان، وهو ما يهدف إليه "نواز شريف" منذ إعلان خوضه للانتخابات. علاقة صعبة وعن الشأن الخارجي، يواجه "شريف" تحديات صعبة، وتتمثل بشكل أساسي في كيفية التوفيق بين سياساته وسياسة "الولاياتالمتحدةالأمريكية"، وبالتالي يتعين على الحكومة المدنية الجديدة القيام بدورها في العلاقة الصعبة بين "باكستان" و"الولاياتالمتحدة"، ولا بد أن تتواكب تلك الانتخابات مع تزايد الغضب والسخط الشعبي، من العدوان الأمريكي المتكرر على الأراضي الباكستانية، بدعوى محاربة الإرهاب والتشدد، في ظل التحالف الوثيق بين النظام الحاكم والمؤسسة العسكرية الباكستانية من جهة، والإدارة الأمريكية من جهة أخرى. أول انتخابات وتعد الانتخابات التشريعية في "باكستان، أول انتخابات برلمانية تجرى بعد استكمال حكومة منتخبة ولايتها القانونية، فهي تهدف إلى تأسيس قواعد ديمقراطية في البلاد، تتنافس فيها الأحزاب السياسية وفق برامجها، وتسلم خلالها حكومة منتخبة السلطة إلى الحكومة التي تليها دون تدخل مباشر للجيش. يذكر أن "نواز شريف" من مواليد لاهور عام 1949، وهو الابن الأكبر ل"محمد شريف" أحد رجال الأعمال البارزين، أكمل دراسته في مدرسة "سانت أنتوني" الثانوية، ثم التحق بكلية لاهور، وبعدها التحق بجامعة البنجاب وحصل على بكالوريوس الحقوق. وتقلد مناصب سياسية عديدة من أبرزها رئاسة الوزراء في بلاده قبل أن يطيح به الرئيس برويز مشرف في الانقلاب العسكري لعام 1999، كما شغل منصب وزير المالية في مجلس وزراء البنجاب عام 1981، ووزير الرياضة بنفس المجلس. وقد شغل رئيس وزراء باكستان في 6 نوفمبر 1990 بعد فوز تحالفه "آي جي آي" في الانتخابات التشريعية آنذاك، ولكن تم إقالته من قبل رئيس الدولة فاروق ليغاري عام 1993، وسرعان ما أعادته المحكمة العليا إلى منصبه، لكنه اضطر للاستقالة مع الرئيس في يوليو 1993. كما أُعيد انتخابه مرة أخرى رئيساً للوزراء في فبراير 1997 عن رابطة مسلمي "باكستان في الانتخابات، غير أنه لم يستمر طويلاً أيضاً، وأطيح بحكومته عام 1999 بعد انقلاب عسكري بقيادة الرئيس الباكستاني الأسبق "برويز مشرف"، وبعد الانقلاب، انضم إلى حزب الرابطة الإسلامية، والذي فاز معه بالانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2013. وبعد هذا التاريخ الطويل والصراع المستمر من أجل الوصول للسلطة، هل سينجح "نواز شريف" في مواجهة التحديات والأزمات الباكستانية ؟