رغم أن «الربيع العربي» قام في الأساس على الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير عن مواقفنا مهما كانت النتائج ، إلا أن ما يحدث الآن على أرض الواقع عكس ذلك تماماً بعد أن أصبح التعبير الآراء جريمة لا يتقبلها الآخر . فقد أصبح الحديث عن السياسة هو الشغل الشاغل للجميع على مختلف المستويات ، إلا أننا نجد في بعض الأحيان أن البعض ربما يخاف من التعبير رأيه بصراحة أمام المعارضين لرأيه ، حيث ربما يحدث ما لا يحمد عقباه نتيجة هذا الرأي . وهذا ما يحدث بالفعل نتيجة تعبير البعض عن موقفه من الأزمة السورية التي خلفت ورائها ألاف الضحايا، حيث تركت تلك الأزمة أثارها سواء داخل الحياة الأسرية أو على مستوى الأصدقاء، فعلى المستوى الأسرى هناك من الأزواج انهوا حياتهم ودمروا بيوتهم الأسرية بسبب الآراء المتعارضة ، كما قام بعض الأصدقاء بإنهاء هذه الصداقة سبب خلافهم الشديد حول هذه الأزمة وقام بعضهم بحذف أصدقائهم من قائمة الأصدقاء على الفيسبوك بسبب الآراء المختلفة، وتلك المواقف تعتبر مؤسفة إلا أننا يمكن أن نصفها بغرائب تلك الأزمة ، نذكر بعض أمثلتها في السطور القادمة . الأردن .. ضرب مبرح وكان آخر تلك الغرائب في الاردن ، عندما انهال مواطن على زوجته بالضرب المبرح، في منطقة شرقي العاصمة عمّان الإثنين الماضي ، بسبب دعائها للجيش السوري الحر. وقال شهود عيان :"إن مواطناً دخل وزوجته في محل تجاري في إحدى مناطق شرق عمّان، للتبضع"، مشيرين إلى أن زوجته توجت بالدعاء إلى الله أن ينصر الجيش السوري الحر، بعد أن سمعت فضائية الجزيرة تتحدث عن الأزمة السورية، ومعارك المعارضة مع الجيش النظامي، عبر تلفاز في المحل ذاته. وأضافوا أنه وقبل أن تنهي الزوجة الدعاء انهال عليها زوجها بالضرب، والركل، أمام عدد كبير من المتسوقين، لافتين إلى أنه طلب مباشرة من صاحب المحل أن يغلق التلفاز. وأكدوا أنهم شاهدوا الدم ينزف من وجه وأنف الزوجة، التي دخلت في نوبة من البكاء، فيما انشغل زوجها بسب وشتم المعارضة، والجيش الحر، وقال انهما أدوات للمؤامرة التي تحاك ضد سوريا. ولم يسلم مواطنين هرعوا لابعاده عن زوجته، ومنعه من ضربها، من لسان مؤيد بشار الأسد، فامطرهم بوابل من السب والشتم، واتهمهم بالعمالة والخيانة، وبيع الدين والأوطان. سوريا .. القتل ومن داخل البلدة صاحبة الأزمة ، أردى تاجر سوري في الأربعينات من العمر زوجته الروسية بإطلاق النار عليها في منزلهما في مدينة حلب في شمال سوريا، بسبب خلاف حاد على خلفية معارضته الرئيس السوري بشار الأسد وتأييدها له، بحسب ما أفاد أحد أقربائه، وقال أحمد "30 عاما" إن قريبه الأربعيني محمد ع، الذي يعمل تاجرا للملابس "اطلق ثلاث رصاصات من مسدسه على زوجته الروسية الجنسية في حي الميسر الواقع تحت سيطرة المقاتلين المعارضين في جنوب شرق حلب، بسبب ملاسنة بينهما بدأت بسبب معارضة الزوج للنظام السوري في حين أن الزوجة موالية له". وأشار هذا الموظف الحكومي إلى أن الملاسنة "سرعان ما تحولت إلى خلاف انتهى بسماع صوت اطلاق نار في الشارع"، موضحا أن سكان الحي الهادئ نسبيا في مدينة تشهد معارك يومية منذ أكثر من أربعة أشهر، هرعوا إلى مكان الحادث، وأوضح أن محمد قال للمتجمعين أنه كان يعيش خلافات مستمرة مع زوجته "بسبب تأييدها للنظام، وتطور الخلاف الأخير في شكل حاد نتيجة تعنتها في الرأي، وهذا ما لم يستطع تحمله". ولا وجود للشرطة في هذا الحي، كما أن المقاتلين المعارضين الموجودين على الأرض لم يوقفوا مرتكب الجريمة. وأوضح المصدر أن محمد تعرف على زوجته خلال زياراته المتكررة الى روسيا بغرض التجارة، وتزوجا قبل أربعة أعوام من دون أن ينجبا أولادا، وبعدما بقيت مدة طويلة في منأى عن النزاع السوري، تشهد مدينة حلب، التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا، معارك يومية ، وتنقسم بين احياء يسيطر عليها المقاتلون المعارضون واخرى تحت سيطرة النظام. تونس .. جهاد النكاح وبعد أن أثارت فتوى دينية تحت اسم "جهاد النكاح" جدلا واسعا في تونس بعد ظهور أخبار عن توجه مراهقات تونسيات إلى سوريا تطبيقاً لهذه الفتوى ، وبغض النظر عن كون الفتوى صحيحة أم مزورة، فإنها على ما يبدو لاقت استجابة من قبل البعض حيث تناقلت صحف تونسية خلال مارس الماضي خبراً مفاده أن شاباً تونسياً أقدم على تطليق زوجته بعدما تحوّلا إلى سوريا منذ ما يقارب الشهر ل "يسمح لها بالانخراط في جهاد المناكحة مع المجاهدين" هناك. كما ظهرت واقعة أخرى في تونس قبل ذلك عندنا انتشر فيديو على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي يظهر فيه ذوو فتاة متحجبة تدعى «رحمة» أكدوا أنهم لم يجدوها في المنزل صباحاً وقد علموا بعد ذلك أنها توجهت إلى سورية لتطبيق «جهاد النكاح»، مع العلم أن عمرها لم يتجاوز 18 عام. «الشبيح والمندسة» ووصلت استخدام "المفردات" الأكثر انتشارا في الشارع السوري خلال الأزمة، إلى داخل البيوت السورية، على سبيل المثال "الشبيحة" و" المندس/المندسة". فالمعارضة تطلق على السلطات صفة "التشبيح"، والأخيرة تطلق مصطلح "المندس والاندساس على بعض التظاهرات". ومن المواقف الطريفة ، أصبحت تطلق بعض الزوجات على أزواجهن في حال قيامهم بالتعنيف الأسري أو البخل والتقتير بأنه "شبيح"، مما يدفع الزوج إلى الاستفزاز والاستمرار في عنفه الزوجي إلى حد الطلاق بعد مواجهة ساخنة تبدأ بوصف زوجته بأنها "مندسة" من قبل أمها، وأن اتهاماتها له هي "مؤامرة مكشوفة رسمتها ووضعت خطوطها والدتها التي تسعى دائما للنيل منه من استقراره العائلي". وبعد إحدى حالات الطلاق في ريف دمشق، ضغط أصدقاء أحد الأزواج عليه متسائلين عن بسبب تطليقه زوجته التي عاش معها دهرا، فلم يتردد بالرد عليهم وبقوة بأنها "مندسة من أمها عليه"، مما دفع الأصدقاء للضحك عليه من هذا التوصيف. انفصال لونة ولم يقتصر الامر على تأثر أفراد المجتمع العاديين فقط بالازمة ، بل وصل الامر إلى المشاهير والاعلاميين ، فذكرت أحد الوسائل الاعلامية تحت عنوان " أزمة بين النظام السوري و"قناة الميادين" تضرب بيت مدير أخبارها: سامي كليب يباشر طلاق مستشارة بشار الأسد "مهنيا" و"شرعيا"!؟ ، أشار موقع الحقيقة السوري المعارض إلى تسبب الأزمة السورية وتعقيداتها الإعلامية في قناة الميادين بطلاق سامي كليب مدير الأخبار في القناة، من زوجته لونة الشبل ،"مهنيا" و"شرعيا"، كما يكشف المصدر. ويشير الموقع أن أحد أهم أسباب الطلاق هو الضغط على كليب من قبل زوجته لمعاقبة مراسلة الميادين ديمة ناصيف في سوريا لنقلها خبرا أزعج السلطات السورية، ولم يكن من السهل معاقبة ديمة لأن الخبر كان صحيحا وهو إصابة وزير الداخلية السوري في تفجير انتحاري. وقضية طلاق سامي كليب من لونة الشبل، شرع فيها أمام المحكمة المعنية بعيدا عن الأضواء . «سوق النخاسة» ونظراً لموقفها المؤيد للنظام للسوري تعرضت الفنانة السورية رغدة في مصر للضرب بعد إلقائها قصيدة «سوق النخاسة» تؤيد فيها بشار الأسد، الحادثة وقعت بعد أن عقدت الفنانة مؤتمراً صحفياً في مصر وأثناء المؤتمر ألقت الفنانة كلمات شعر تؤيد فيها النظام السوري، الأمر الذي دعا أحد الحضور بالخروج عن صمته والدخول في مشادة كلامية بينه وبين الفنانة بشكل حاد أدى إلى الهجوم عليها وضربها ومن ثم هروبها إلى خارج القاعة. وقد كان سبب الهجوم علي الفنانة القديرة رغدة قيامها بالقاء قصيدة هاجمت فيها السلفيين بالاضافة الي التلفظ ببعض العبارات اعتبرها البعض اهانة للسيدة عائشة بنت ابي بكر ام المؤمنين رضوان الله عليها. يذكر ان الفنانة رغدة تبنت الدفاع عن النظام السوري بزعامة الرئيس بشار الاسد امام بعض الفنانيين المدافعين عن الثورة السورية والجيش السوري الحر. تراجع الزواج وعلى جانب آخر ، تسببت الأزمة السورية في تراجع معدل الزواج في سوريا وتحديداً خلال الأشهر العشر الأخيرة من عمر الأزمة التي تعيشها إلى أكثر من 40%، مقابل ارتفاع حالات الطلاق المسجلة ووصولها إلى عتبة ال 45%. وأشارت مصادر إلى أن أكثر من 75% من حالات الطلاق تمت بالتراضي بين طرفي النزاع أو الخصومة الزوج والزوجة. وزادت حالات الطلاق بشكل ملحوظ منذ اندلاع الأزمة السورية، وحسب أحد القضاة السوريين فقد تنوعت أسباب الطلاق وظهرت أسباب جديدة لم تكن موجودة قبل الأزمة منها الخلافات الكبيرة نتيجة كون أحد الزوجين معارضاً أو موالياً وتحدث عن حالات كبيرة تم تسجيلها نتيجة هذه الخلافات. كما أن سوء الأوضاع المعيشية انعكست على العائلة السورية وشكلت عبئاً إضافياً على المواطن. وصدرت عن المحاكم الشرعية في سوريا إحصائيات حول نسب الطلاق ولكنها لم تحدد نوع الطلاق وسبب وقوعه ولم تشمل أنواع التفريق "تعسفي أو عن طريق الاتفاق بين الطرفين بالمخالعة" والتي تتنازل فيها المرأة عن الكثير من حقوقها دون المرور عبر متاهات المحاكم. وبحسب مراقبين، فقد خسر ألاف السوريين صداقات لهم على الفيسبوك مع أخرين من أبناء بلدهم، بسبب الخلاف الشديد إزاء تقييم ما يجري في البلاد، وحصلت قطيعة تامة، وأحيانا حملات تشهير متبادلة بينهم. ويوما بعد يوم تزداد الأحداث سخونة في سوريا، وما بين مؤيد لنظام الرئيس بشار الأسد وبين معارض له تبقى المعضلة الحقيقية لانتهاء الأزمة السورية التي خلفت ولا زالت توقع وراءها آلاف الضحايا. فالعجز الدولي والصراع ترك الازمة السورية ساحة مستباحة لكافة الاطراف ومفتوحة لكل الاحتمالات .