الداخلية تكشف حقيقة ادعاء مرشح الشرابية بوجود تجاوزات وإجراءات تعسفية تجاه أنصاره    في قبضة أمن الإسماعيلية.. كلاكيت تاني مرة شراء أصوات بالقصاصين والقنطرة شرق وغرب ( صور )    بعد تجديد نفي زيادة الأسعار، تعرف على أسعار شرائح الكهرباء    ارتفاع سعر جرام الذهب مساء اليوم، عيار 21 وصل لهذا المستوى    وزير الدفاع الأوكراني: ألمانيا تعهدت بتخصيص 13.5 مليار دولار لدعمنا العام المقبل    بين الحرب والسرد.. تحولات الشرق الأوسط في 2025    كأس الإنتركونتيننتال، باريس سان جيرمان يتقدم على فلامنجو بهدف في الشوط الأول    ماس كهربائي يلتهم سيارتين في جراج والمعمل الجنائي يعاين بالهرم    ياسمينا العبد عن مسلسل ميد تيرم: لسه الأمل موجود (فيديو)    مباشر كأس إنتركونتيننتال - باريس سان جيرمان (0)-(0) فلامنجو.. بداية اللقاء    إسرائيل تفرج عن 12 أسيرا من سكان قطاع غزة    إصابة 6 أشخاص في تصادم ميكروباص وملاكي بالبحيرة    محافظ الغربية يستدعى سيارة إسعاف لمسنة تعثرت بعد الإدلاء بصوتها أثناء جولته الميدانية    الزعيم عادل إمام يغيب عن عزاء شقيقته إيمان    خالد الجندي: من الشِرْك أن ترى نفسك ولا ترى ربك    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهي عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يُجيب    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    الداخلية تكشف حقيقة إجبار سيدة على ترك مسكنها بالبحر الأحمر    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    السيسي يرحب بتوقيع اتفاق الدوحة للسلام الشامل بين حكومة وتحالف نهر الكونغو الديمقراطية    البنك الزراعي المصري يسهم في القضاء على قوائم الانتظار في عمليات زراعة القرنية    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    مطران بورسعيد يدلي بصوته بانتخابات الإعادة بمجلس النواب    إصدار عُملة تذكارية بمُناسبة مُرور 150 عامًا على إنشاء هيئة قضايا الدولة    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    مدير تعليم سوهاج يتناول وجبة الإفطار مع طالبات مدرسة الأمل للصم (صور)    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    الروائى شريف سعيد يتحدث عن "عسل السنيورة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    تضامن المنوفية: تسليم 46 مشروع إنتاجي لتمكين المرأة الريفية    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    قائمة ريال مدريد - غياب فالفيردي وكورتوا في مواجهة تالافيرا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    محافظ القليوبية يكرم البطلة جنة صليح لحصولها على برونزية قذف القرص بدورة الألعاب الأفريقية    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    الأمطار وراء تأخر فتح لجنتين بالتل الكبير لمدة 20 دقيقة بالإسماعيلية    وزير الرياضة يعلن عودة نعمة سعيد من الاعتزال تحضيرا ل أولمبياد لوس أنجلوس    اليونيفيل: التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر للحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    مسئولة أممية: نسعى لمنع تكرار سيناريو دارفور في كردفان    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    مع بدء التصويت بانتخابات الاعادة للمرحلة الثانية .. حزب العدل يتقدم ب 7 شكاوي للهيئة الوطنية للانتخابات    عاجل- الأرصاد السعودية تحذر: أمطار ورياح شديدة على منطقة حائل    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    انفجارات في كييف وإعلان حالة إنذار جوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين في أفريقيا .. شراكة أم استعمار جديد؟
نشر في محيط يوم 05 - 05 - 2013

أضحت المؤشرات الأخيرة للعلاقات الاقتصادية بين "الصين" و"إفريقيا" دليلاً هاما على تطور العلاقات بين الجانبين على مستوى الاستثمار والتبادل التجاري، فضلاً عن التعاون الدبلوماسي الذي عكسه المنتدى الخامس للتعاون الصيني الإفريقي (FOCAC) في "بكين" مؤخراً، ورسمه خطة عمل لعلاقات الجانبين في الفترة ما بين 2013- 2015.
وفي هذه الأثناء تباينت التفسيرات حول العلاقة بين "الصين" و"أفريقيا"، وانقسمت إلى رؤيتين الأولى تصور "الصين" على أنها المنقذ والشريك الحقيقي لأفريقيا دون أن يكون لها طموحات استعمارية، بل تقدم "الصين" دعماً مهماً بدون أي شروط مجحفة لهذه الدول، من خلال تفهم الأولويات الإفريقية التي أظهرت احترامها لهذه الشراكة الصينية.
وفي المقابل ذهبت الرؤية المناوئة حول أهداف التوجه الصيني في الجذور الإفريقية، باعتبارها عملاقاً اقتصادياً يريد الاستحواذ على الموارد والطاقة، ويستغل عدم كفاءة وفساد الحكومات في توجه انتهازي من الناحية التجارية، وملوثاً حقيقياً للبيئة في أفريقيا، وبالتالي كان هذا العمق بمثابة القوة الاستعمارية الجديدة في أفريقيا، ويشكل وجودها مصدر قلق بالنسبة للعديد من الحكومات الغربية، ويبرر أصحاب هذا الرأي باعتبارهم "الصين" حجر العثرة أمام عملية السلام والأمن في المناطق الغنية بالنفط كما هو الحال في "دارفور"، فضلاً عن تدعيمها لأنظمة الاستبداد في دول أفريقية كثيرة تنتهك حقوق الإنسان.
لكن ما استقر عليه الخبراء هو أن هناك مصالح مشتركة على كلا الجانبين، ف"الصين" لها مصالح في الجذور الأفريقية تحاول من خلالها ضمان الحصول على الموارد، وفتح أسواق جديدة للسلع الصينية، وتأمين الطاقة من خلال دعم القنوات الدبلوماسية الدولية، كما أن لأفريقيا مصالح واضحة، فهي تحتاج "الصين"؛ لأنها توفر مصدراً بديلاً للتمويل في "أفريقيا"، وتوفر مؤسساتها بشكل سريع سلعاً رخيصة وخدمات وقروضاً يحتاجها المواطن الأفريقي.
مصالح متبادلة
ويبدو أن الجانبين أدركا منذ مرحلة متقدمة من علاقاتهما أن الوضع الدولي يمر بتغييرات وتعديلات كبيرة بعد نهاية الحرب الباردة، وحلول آثار الأزمة المالية العالمية، وما أدت إليه من ركود اقتصادي وتداعيات معقدة على المشهد السياسي والاقتصادي الدولي، ومن ثم ضرورة التعاون في الشئون الدولية بين الجانبين.
ففي مرحلة مهمة من تطور العلاقات، جاء إنشاء منتدى التعاون الصيني الأفريقي (FOCAC) عام 2000 لتظهر معه آليات وإجراءات جديدة لمتابعة التشاورات الدبلوماسية بين الجانبين، بهدف تعميق الحوار السياسي لوضع آليات فعالة للتعاون والحوار العملي بين "الصين" وأفريقيا.
وفي هذا الإطار أدرك الجانبان الحاجة إلى تقوية المنتدى، وقيام الجانبين بتشجيع الإدارات ذات العلاقة في الصين وأفريقيا على عقد منتديات فرعية لتعزيز التعاون فيما بينهما .
فعلى الجانب الصيني، تم إدراك أهمية تدعيم روابطها في البعد الأفريقي، لتأمين مداخل للوصول إلى الموارد من النفط والغاز والنحاس والفحم والثروات المعدنية الأخرى في أفريقيا في مرحلة لاحقة.
أما على الجانب الآخر، فإن هناك حوافز عدة تدفعها باتجاه تعزيز التعاون مع "الصين"، فالتجارة بين الطرفين تتيح للقارة السمراء الحصول على بضائع متنوعة، وبأسعار تنافسية في متناول الجميع، بالإضافة إلى توفير المزيد من الاستثمارات التي تحتاجها لاقتصادياتها، كما ستتاح لها الفرصة لتنويع علاقاتها الاقتصادية مع العالم، وتحقيق أحلامها في "النهضة الاقتصادية"، خاصة أن المساعدات الصينية يتم منحها من دون ضغوط سياسية.
حوافز ومعوقات
وفي الحقيقة عكس هذا المبدأ السابق من المصلحة المتبادلة مجموعة من الحوافز المتطورة على الجانب الصيني بالخصوص، إذ مدت نفوذها بشكل متزايد على الحكومات الإفريقية، وساعدها في ذلك وجهة النظر الأفريقية لفهم الصورة العامة لوجود "الصين" على اعتبار عامل التاريخ، الذي لم يشهد للصين إرثاً استعمارياً يهدد أفريقيا كما هو الحال بالنسبة للقوى الاستعمارية الغربية في الماضي.
وعلى الجانب السياسي، ساهمت الحكومة الصينية بدورها على المسرح الدولي في تأييد قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحل الصراعات في أفريقيا بمبدأ الحلول السلمية وعدم التدخل المباشر في الشئون الأفريقية، مع تواصل جهود الدعم والمشاركة مع قوات حفظ السلام، فضلاً عن دعم جهود إعادة البناء فيما بعد الحرب.
ولكن ما سبق لا ينفي أن هناك العديد من العوامل التي ما زالت تحد من قدرة الصين على أن تصبح قوة عظمى على الساحة الدولية، من أبرزها أنها مازالت أقل بكثير من الولايات المتحدة وبعض القوى الكبرى الأخرى في العديد من مؤشرات القوة الشاملة، لاسيما إجمالي الناتج المحلي وقدرات التطوير التكنولوجي وعناصر القوة العسكرية وغيرها، مما يعني أن الصين مازالت بعيدة عن منافسة الولايات المتحدة على المكانة والدور في الشئون الدولية.
وعليه فإن الصين ما زالت حتى الآن عاجزة عن تطوير أدائها السياسي والدبلوماسي بصورة تجعلها قوة عظمى حقيقية عبر التصدي الفعال للقضايا والمشكلات الدولية، لاسيما فيما يتعلق بقضايا السلم والأمن الدوليين، ناهيك عن أن امتلاك دولة ما لمقومات قوة اقتصادية وعسكرية جبارة لا يعني ببساطة أنها أصبحت قوة عظمى على الساحة الدولية، وإنما التحدي الجوهري يتمثل في قدرة تلك الدولة على تحويل هذه القوة إلى نفوذ حقيقي.
وفي الوقت نفسه، فإن الصين تعاني من مشكلات داخلية عديدة، سواء بسبب مشكلات الأقليات أو المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، علاوة على مشكلة التباين الشديد ما بين النمو الاقتصادي والركود السياسي الذي تعاني منه، فعلى الرغم من تطبقيها المفاهيم الرأسمالية في المجال الاقتصادي، لاسيما اقتصاد السوق، ولكنها ما زالت تتبنى نظام الحزب الواحد، وتمتنع عن قبول المبادئ الليبرالية التعددية في تطوير نظامها السياسي، مما يخلق حالةً من التناقض الصارخ.
مشاركة أم مفارقة؟
وبعد التعرض لمعطيات الواقع وتتبع خيوط العلاقات الصينية الإفريقية، يمكن التكهن بأحد السيناريوهات الآتية ضمن احتمالات المشاركة الحقيقية أو المفارقة لتعارض المصالح وفقاً لقواعد العلاقات الدولية التي تكون رهن الكثير من العوامل والمحددات المعقدة في ظل التفاعل الدولي.
وعلى المستوى الأول من هذه التكهنات يثور السيناريو الأول في إطار التسليم بالتجاهل الأمريكي والأوروبي للقارة السمراء، وهو ما يرسخ لاحتمال تمثيل الصين البديل السياسي والاقتصادي الموثوق به لأفريقيا، وبالتالي سيشهد المستقبل توسيع السياسة الصينية وزيادة الانفتاح على أفريقيا، خاصة بعد التقدم الذي شهدته العلاقات عبر المنتدى الخامس للتعاون الصيني الأفريقي الذي وضع خطة عمل للفترة القادمة 2013- 2015، وذلك بعد أن كانت هذه السياسة تتهم في السابق بأنها لا تحتفظ بمصالح حيوية خارج القارة الآسيوية، وهو وضع تغير كثيراً في الوقت الحالي، ما يمثل تحولاً كبيراً وبالغ الأهمية في السياسة الصينية.
ويمثل تحقق هذا السيناريو أهمية خاصة على الجانب الأفريقي (أيضاً) الذي قد يجد أمامه قنوات بديلة لتحقيق التنمية الحقيقية من خلال الشراكة الفعالة، والتفضيل ما بين العروض التنافسية المقدمة لإنجاز العمليات التنموية، بجانب اكتساب الخبرة وانتقال عوامل التكنولوجيا الصناعية المتقدمة.
أما السيناريو الثاني فيرتكز على عدم قدرة الصين تقديم قنوات تنمية حقيقية لأفريقيا، وأن يقتصر الأمر على ما هو موجود بالفعل الآن دون وجود إمكانية كبيرة لتطويره إلى آفاق أكبر وأرحب في المستقبل، ما لم تطرأ تحولات كبرى على الساحة الدولية؛ نتيجة المشاكل والمعوقات الداخلية والخارجية التي تطرقنا لها، وكان أهمها الصدام الغربي القوي الذي يقف حائلاً دون امتداد هذا النفوذ الصيني.
ويكون هذا السيناريو مدعاة للتكهن بما هو مثار من أهداف استعمارية مستقرة لدى النوايا الصينية والتي تأتي في إطار توسيع النفوذ واكتمال الحلم الصيني.
وأخيراً، يبقى التساؤل مطروحاً حول كيفية النظر إلى التدخل الصيني في الأعماق الأفريقية، إما تدعيماً للتنمية الحقيقية عبر قنوات الشراكة الفاعلة، أو محاولة لمواجهة النفوذ الغربي وإحياء ذكراه في تكريس الدعم المادي لخدمة النوايا الاستعمارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.