في محاولة لحل الأزمة السياسية في أعقاب الانتخابات غير الحاسمة التي أجريت في فبراير الماضي، أُعيد انتخاب الرئيس الإيطالي جورجي نابوليتانو لفترة ولاية ثانية، عقب نداءات من أحزاب تناشده البقاء في منصبه، بعد أن باءت محاولات بالبرلمان لاختيار خليفة له بالفشل. ونجح نابوليتانو بأغلبية ساحقة من قبل أعضاء البرلمان وممثلي الحكومات الإقليمية في جولة سادسة من التصويت، بعد تعذر الاتفاق على مرشح يحظى بقبول جميع الأطراف في خمس جولات اقتراع سابقة.
وفي ضوء ذلك، هل ينجح الرئيس في مواجهة التحديدات التي تحيط بالإيطاليين خلال الأيام القادمة؟
معاناة سياسية تعاني إيطاليا من أزمات سياسية كبيرة، تمثلت آخرها في الخلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة، نظراً لعدم حدوث توافق حزبي بين القوى السياسية.
كما يواجه الرئيس الإيطالي معارضة حقيقية رافضة لوجوده على كرسي الرئاسة، وتتمثل في حركة (5 نجوم) الإيطالية بقيادة "بيبي جريلو"، والذي وصف إعادة انتخابه بمثابة انقلاب من قبل الأحزاب السياسية التقليدية، كما أنه رفض التحالف مع أي قوة أو كتلة سياسية من اليمين أو اليسار.
كما تعاني إيطاليا من انتشار ظاهرة الفساد بصورة كبيرة، الأمر الذي يتزايد معه أعباء الرئيس الحالي في كيفية مواجهتها.
وتكمن الصعوبات التي تواجهه أيضاً في كيفية قيام يسار الوسط بتشكيل الحكومة الإيطالية الجديدة في ظل الإعلان المفاجئ لزعيم التحالف "بييرلويجي بيرساني" المكلف بتشكيل الحكومة باستقالته من منصبه كرئيس للحزب الديمقراطي المتزعم ليسار الوسط بسبب فشل مرشحيه في الانتخابات وانقلاب 100 عضو من حزبه عليه.
وبناءاً عليه، تشهد الخريطة السياسية الإيطالية حالة من التشتت، نتيجة عجز الفرقاء الستة الأساسيين المتقابلين عن التوافق بشأن القضايا المهمة.
ضغوط اقتصادية وليست الأزمة السياسية وحدها هي التي تلاحق الرئيس، حيث تشهد إيطاليا أزمة اقتصادية حادة تتمثل في ارتفاع حجم الديون السيادية، وتزايد الشكوك في قدرة روما على الوفاء بها.
ويبلغ حجم الدين العام لإيطاليا 1.9 تريليون يورو (2.59 تريليون دولار) أي ما يتجاوز 118% من الناتج المحلي الإجمالي، أو أكثر من ديون إسبانيا واليونان وأيرلندا والبرتغال مجتمعة، كما تتعرض إيطاليا لضغوط من المستثمرين الذين يخشون عبء الدين الحكومي.
يذكر أن جورجو نابوليتانو يعد الرئيس الحادي عشر للجمهورية الإيطالية، كما أنه أحد أبرز الرؤساء الذين يملكون خلفية شيوعية.
وقد فاز بالانتخابات بتاريخ 10 مايو 2006، واستلم مهامه رسمياً من خلفه كارلو أزيليو تشامبي في احتفال بتاريخ 15 مايو من العام ذاته.
وشغل منصب وزير الداخلية بين 1996 و1998 ضمن حكومة رومانو برودي الأولى وانتخب سنة 1999 نائباً أوروبياً، وفي 20 أبريل 2013، أعيد انتخابه رئيساً لإيطاليا من قبل النواب في البرلمان الإيطالي، إذ حصل على 738 صوتاً من النواب البالغ عددهم 1007.
توقعات واحتمالات وفي ضوء التحديات الكثيرة المتواجدة في المجتمع الإيطالي، والمتمثلة في انعدام الاستقرار السياسي وتزايد المشاكل الاقتصادية، تتزايد التوقعات بفشل الرئيس في معالجتها، وإن نجح في حل المشكلة السياسية فإنه لن يتمكن من مواجهة المشكلات الاقتصادية التي تزايدت في عهده السابق.
كما يتوقع البعض بألا يكمل نابوليتانو فترة ولايته ذات السنوات السبع نظراً لكبر سنه، حيث يبلغ من العمر 87 عاماً، فهو بالفعل أحد أكبر رؤساء الدول سناً في العالم.
وبالرغم من تلك التوقعات، يرى كثيرون أنه من الصعب الحكم على الأشياء قبل وقوعها ويجب الانتظار لحين تكتمل الصورة كاملة، كي يتمكن الجميع من تقييم مدى نجاح الرئيس الإيطالي في معالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية.