وسط حالة من الغموض التي ربما تتضح خلال الأيام القادمة ، أصدر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم أمراً ملكياً يقضي بإعفاء الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز من منصبه وتعيين الأمير فهد بن عبدالله بن محمد نائبا لوزير الدفاع. يأتي قرار اعفاء نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلطان بعد نحو سنة ونصف سنة من تعيينه في هذا المنصب. والأمير خالد هو أيضا نجل الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الدفاع السعودي السابق الذي توفي في أكتوبر 2011 ، والذي كان يلقب بسلطان الخير نظراً لكثرة أعماله الخيرية .
وجرت العادة ان يتبع قرار الاعفاء بجملة "بناء على على طلبه" الا ان الامر الملكي الذي صدر باعفاء خالد عبدالله من منصبه ، لم يتضمن هذه الجملة ، كما أنه لم يتم ذكر أي أسباب هذا القرار.
وهناك من يرى أن هذا توقيت صدور القرار ربما يكون خاطئاً مرجعاً ذلك أن الدولة لا تحتمل المزيد من الهزات السياسية خصوصا بعد اقصاء طرف كبير من "آل الفهد" خلال العام الماضي ، حينما أصدر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز خلال نوفمبر الماضي أمرا ملكيا بإعفاء الأمير أحمد بن عبد العزيز من منصبه وبتعيين الأمير محمد بن نايف وزيرا للداخلية ، وذلك عقب الحادث قتل فيه اثنان من عناصر الأمن السعودي وتم إلقاء القبض على 11 شخصا من المرتبطين بعناصر تنظيم القاعدة ممن أطلق سراحهم من قبل وذلك في تبادل لإطلاق النار على الحدود السعودية اليمنية.
خلافات أم مكافأة؟ وجاء القرار الملكي المفاجيء ليثير تكهنات خاصة خاصة وان القرارت في المملكة لا تذكر اسباب الاعفاء او الاقالة الا ان الفترة الماضية بدأت تظهر خلافات ولاية العهد والتوريث جلية من خلال تصريحات لاعضاء في الاسرة الحاكمة او من خلال الاقالات والتعينات الاخيرة.
ويرجح مراقبون ان الإعفاء او الإقالة جاءت عقب خلافات ربما بين الأمير خالد سلطان وعمه ولي العهد ووزير الدفاع الحالي الامير سلمان بن عبد العزيز ، ويرجح المراقبون ان الامير خالد كان يطمح بان يكون وزيرا للدفاع عقب وفاة والده الأمير سلطان وانه لم يستطع التعايش مع كونه لم يحصل على منصب وزير الدفاع عقب تعيين عمه الامير سلمان في ولاية العهد، وانه كان من المتوقع ان يتنازل عن منصب وزير الدفاع ولا يحتفظ بالمنصبين، مما زاد من شعور الامير خالد بالغبن، خاصة وان القرار الملكي تضمن جملة "وبناءً على ما عرضه علينا ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بكتابة رقم" ، وهو ما يرجح وجود خلافات بين الامير خالد وعمه الامير سلطان، مما يرجح ان الاعفاء جاء بناء على طلب ولي العهد الامير سلمان.
ونقلت صحيفة "القدس العربي" عن المراقبون ان ما زاد شعور الامير خالد بالغبن هو تعيين الامير محمد بن نايف في منصب وزير الداخلية وتعيين نجل الامير متعب في منصب وزير البلديات عقب وفاة والده، خاصة وانه كان للامير خالد دور كبير في الحرب على الحوثيين وفي عقد صفقات تسليح للجيش السعودي زادت من قراته.
ويرى اخرون ان العاهل السعودي يريد ان يكافيء الامير فهد بن عبد الله على النجاحات التي حققها في وزارة الطيران المدني من تحديث ورفع لمكانة الخطوط السعودية.
تغييرات بالدولة وبهذا التغيير تكاد كل أجهزة الدولة السعودية قد نالها نصيب من تغيير وتبديل، إذ إنه في عهد الملك عبدالله الذي بدأ من منتصف العقد الماضي شهد الداخل السعودي سلسلة من التحديثات على مستوى الأنظمة والشخوص، إلا أن السنتين الأخيرتين تعتبران الأكثر زخماً من حيث تحديث "البنى الإسمية" في أكثر من 40 جهازاً حكومياً.
ويظهر أن التدوير في المناصب معدوم، فلم تشهد كل هذه التغييرات نقل أمير من منطقة إلى أخرى أو محافظ مؤسسة إلى مؤسسة أخرى، في حين أن الأمير أحمد بن عبدالعزيز كان الوحيد الذي تعيّن، وفقد منصبه خلال هذه المدة القصيرة، بعدما تسلم وزارة الداخلية في مايو/أيار 2012 وطلب الإعفاء في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه بحسب الأمر الملكي.
وعلى مستوى الأمراء من أبناء الأسرة المالكة بدا الباب مفتوحاً أكثر من ذي قبل لوجوه من الجيل الثالث، إذ دخل ثلاثة للمرة الأولى خلفاً لسلفٍ من الجيل الثاني، وهم الأمير بندر بن سلطان رئيساً للاستخبارات العامة خلفا لعمه الأمير مقرن، والأمير محمد بن نايف وزيراً للداخلية خلفًا لعمه الأمير أحمد، والأمير خالد بن بندر أميراً لمنطقة الرياض خلفًا لعمه الراحل الأمير سطام.
فيما دخل أربعة للمرة الأولى على سدة حكم المناطق، وهم سعود بن نايف للمنطقة الشرقية، وخالد بن بندر أميرًا لمنطقة الرياض، وفيصل بن سلمان أميرًا لمنطقة المدينةالمنورة، وتركي بن عبدالله نائبا لأمير منطقة الرياض.
كما طالت التغييرات أيضاً الشأن العسكري، فبرزت أربعة تغييرات في مجلسي الخدمة العسكرية و الهيئة العامة للشئون العسكرية، وتعيين نائب جديد للاستخبارات السعودية، وأخيرًا تعيين قائد جديد للقوات البرية في الجيش العربي السعودي.
شخصية استراتيجية كما نص الأمر الملكي على أن "يُعين الأمير فهد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود نائباً لوزير الدفاع بمرتبة وزير" . والأمير فهد بن عبد الله، هو ابن الأمير عبد الله بن محمد الأخ غير الشقيق للملك الراحل فهد بن عبد العزيز ويتبوأ حالياً منصب رئيس هيئة الطيران المدني.
وقيل عن الامير فهد انه إدارة فذة، وشخصية استراتيجية من الدرجة الأولى على كافة الأصعدة، مع الكثير من الهدوء الذي قد تفتقه ابتسامة واثقة، تلك هي مجمل ما يتميز به الأمير فهد بن عبد الله بن محمد.
والأمير فهد بن عبد الله كان يدير قطاع الطيران المدني باعتبار أن ذلك القطاع كان تحت دائرة إشرافه فترة توليه منصب مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام السابق لشئون الطيران المدني
ومنذ حوالي عام ونصف عينه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رئيسا للهيئة العامة للطيران المدني بمرتبة وزير ، وحينها نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن المهندس عبد الله رحيمي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني الأسبق، الذي عمل معه لأكثر من 8 سنوات :"يعد الأمير فهد بن عبد الله ابنا للطيران المدني من خلال خبراته العسكرية وبداياته كطيار حربي، ومن ثم تدرجه في وظيفته الإدارية، حيث يشهد له بالقدرات العسكرية مرورا بإدارته للعمليات الحربية التي تعتبر موقعا استراتيجيا مهما في القطاع العسكري، وبذله لجهود كبيرة جدا حتى توليه منصب مساعد وزير الدفاع والطيران لشؤون الطيران المدني".
وأكد الرحيمي أن الأمير فهد بن عبد الله يعتبر داعما جيدا للمرؤوس متى ما تولدت بينهما ثقة جيدة، عدا عن دعمه كافة المبادرات الجديدة.
ابن الطيران المدني، يعد عقلية متميزة وخبرة فنية كبيرة تزخر بالكثير من المعلومات المتعلقة بالطيران بما فيه من الملاحة الجوية وغيرها، إلى جانب دعمه غير المحدود إداريا، ورسم استراتيجيات الهيئة العامة للطيران المدني على مدى الأعوام المقبلة، التي تعيشها حاليا الهيئة من إعادة هيكلتها بالكامل وتقسميها إلى قطاعات مستقلة تبدأ باستقلالها تدريجيا وفصل قطاعها التنظيمي عن العملياتي والملاحة الجوية.
والذي يتابع أعمال الأمير فهد بن عبد الله في مجال الطيران المدني، لن يتمكن من التوصل إلى عدد محدد للقرارات السليمة التي اتخذها طوال فترة انخراطه في العمل بها، حيث إنها أشبه ب"مسبحة" متصلة لا نهاية لها، تعمل بالكامل من أجل الارتقاء بمستوى خدمات الهيئة العامة للطيران المدني.