المعترضون: مصر غير آمنة والإيرانيون يحملون اجندة في مصر المؤيدون: نسمح للإسرائيليين بالسياحة فهل نستعدي إيران لسواد عيونهم؟!
كتب – السيد حامد
منذ أن أعلنت الحكومة عن عودة السياحة الإيرانية إلى مصر ، والجدل محتدم ما بين مؤيد ومعارض. الجانب الأول يري أن السياح الإيرانيين لن يأتوا إلى مصر إلا وهم يحملون هدفا واحدا وهو نشر المذهب الشيعي ، ووصف أحد مشايخ السلفيين أن الشيعة أخطر على الإسلام من الكفار، فهم ليسوا بمسلمين، إنما هم مرتدون وخارجون عن الملة.. وشارك في الهجوم بعض القوي المدنية التي رأت في الساحة الشيعية استعداء لدول الخليج وخاصة الإمارات.
الجانب المؤيد رأي أن الدولة الفاطمية حكمت مصر أكثر من مائتي عام ولم تفلح في نشر مذهبها بين المصريين ، كما أن مصر تسمح للسياح اليهود والصهاينة والملحدين ، ولم يفلح أي من هؤلاء في تحقيق أغراضهم .. فلم نمنع السياح الشيعة المسلمين؟! .
شبكة الإعلام العربية "محيط" حاولت في هذا التحقيق أن تستطلع رأي بعض الخبراء للوصول إلى رؤية أعمق .
الدكتور محمد عفيفي - رئيس قسم التاريخ في كلية الآداب جامعة القاهرة - قال أن المناخ السياسي والديني محتقن في الوقت الحالي ، وبالتالي فإن الإقدام على جلب سياحة شيعية يؤدي إلى زيادة هذا الاحتقان مع القوي السياسية المختلفة سواء كانت دينية مثل حزب النور أو غيره أو مدنية. كما أن تلك الخطوة سوف تؤدي إلى استعداء دول الخليج على مصر..
وأضاف أن الوضع الأمني لا يساعد على السياحة الشيعية ، فماذا سيحدث إذا قام أحد المتشددين باغتيال بعض السياح. وبالتالي فالتوقيت سيئ. ولابد أولا من ترتيب البيت من الداخل ثم النظر فيما بعد في موضوع جلب السياحة الشيعية.
وأشار إلى أنه يؤيد السلفيين في اعتراضهم وتخوفهم من نشر المذهب الشيعي ، وذلك لأن البلد منهكة في الوقت الحالي ، لكن حينما تستقر الأوضاع يمكن أن نفكر في موضوع السياحة الشيعية.
الدكتور عطية القوصي- أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة القاهرة- بدأ حديثه بالقول " يا أهلا بالسياحة الشيعية ، فهي تمثل دخل للبلد ، في وقت توقفت فيه السياحة " متسائلا: أليس الإيرانيون مسلمون ، سيأتون إلى مصر لزيارة معالمها السياحية ، ثم يغادرون مرة أخري إلى بلادهم.
وانتقد القوصي ما يتم تداوله في وسائل الإعلام من هجوم على السياحة الشيعية ، واصفا ذلك الهجوم بمحاولة التفريق بين المسلمين ، بين الشيعة والسنة ، "هذا تهريج من الأخوة السلفيين" ما مضيفا أن السعودية ، والتي تعد معقل السلفيين ، تسمح للإيرانيين ، بأداء الحج والعمرة ، وأكبر الأعداد من الحجاج تأتي من إيران.
وأكد أن مصر تسمح للإسرائيليين بالقدوم إليها ، وكانوا قبل عامين يأتون إلى البحيرة للاحتفال بمولد أبو حصيرة ، وسط مجتمع من الفلاحين البسطاء ، وهم للآن يأتون إلى سيناء ، ويفعلون بها ما يفعلون دون أن يعترض أحد ، أفلا نسمح للإيرانيين المسلمين؟!
وقال أن إسرائيل وأمريكا ربما يكونا من يقفا وراء ما يحدث من تهييج ضد السياحة الشيعية ، مبررا ذلك بالمشاكل السياسية بين الكيان الصهيوني وحليفتها أمريكا مع النظام الإيراني. وهدف الدولتين هو تخويف مصر من الإيرانيين ، كما أن دول الخليج تدعم فكرة الخوف من السياحة الشيعية نظرا لمشاكلهم مع إيران ، أي أن السياسة أصبحت تتدخل في السياحة.
سنة ، وبنت القاهرة والأزهر والعديد من209وأضاف أن الدولة الفاطمية حكمت مصر المساجد والجوامع ، ولم تحاول خلال ذلك فرض خلالها مذهبها الشيعي على المصريين ، وإنما كان الدخول فيه اختياريا ، فلما جاء صلاح الدين الأيوبي وقضي على الدولة الفاطمية لم يعترض أحد من المصريين ، وتحول الجامع الأزهر الشيعي إلى خدمة المذهب السني.
وأشار إلى أن وصف الدولة الفاطمية بالدولة العبيدية وأنها تنتسب لعبد الله بن ميمون اليهودي يعد كلاما فارغا من مضمونه ، ومجرد تخريفات من بعض المؤرخين السنيين ، فالخلاف بين الشيعة والسنة يتمحور حول آل البيت ، فهم يقولون " لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلى ولي الله"..ونحن نؤمن بمثل ما يؤمنون باستثناء جملة "على ولي الله" ، فهل نحزن لاحترامهم لآل البيت ، في الوقت الذي نحتفل فيه أيضا بآل البيت ونقيم لهم الموالد؟!.
وقال أن الشيعة فرق ، وأكثرها اعتدالا الفرقة الأمامية أو الأثني عشرية الموجودة حاليا في إيران وبعض دول الخليج ، صحيح أن هناك فرق خارجة مثل الدروز ، مثلما يوجد في المذهب السني أيضا متشددين.. والشيعة في إيران يعترفون بالمذهب السني ، ويصلون وراء الإمام السني ، ويقيمون صلاة الجمعة منذ حكم الخميني إيران.
وعن استعداء مصر لدول الخليج بفتح أبوابها أمام السياحة الشيعية ، قال القوصي أن دول الخليج كلها يعيش فيها شيعة ، كما أن تلك الدول رفضت مساعدة مصر ، فالسعودية والإمارات لا يريدان للأوضاع في مصر أن تستقر ، والإمارات تضخ مليارات الجنيهات لإفشال حكم الإخوان وإفلاس مصر اقتصاديا. فهل نعادي إيران من أجل عيون دول لا تريد مساعدتنا ، أضف إلى ذلك أن إيران تريد مساعدتنا اقتصاديا وتكنولوجيا ، كما تقف ضد أطماع إسرائيل وأمريكا ، وإذ لم نكن ضدها فعلي الأقل نقف على الحياد.
الدكتور ضياء زهران – الباحث في وزارة الآثار - قال أن الفاطميين أقاموا العديد من المشاهد ، واحتفلوا بالعديد من الموالد والمناسبات ولم يستطيعوا خلال أكثر من مائتي عام نشر مذهبهم بين المصريين ، حتى الأزهر الذي بنوه لنشر التشيع تحول إلى خدمة المذهب السني في عهد دولة المماليك ، وحينما ألغي صلاح الدين الأيوبي المذهب الشيعي لم ينطق مصري واحد بالاعتراض مما يدل على الفشل في نشر التشيع بين المصريين في مدة مائتي عام ، فكيف يتصور ضعاف الإيمان والنفوس أن باستطاعة سياح إيرانيين أن ينشروا التشيع في فترة إقامة لا تزيد عن أيام.
وقال أنه يرحب بالسياحة من أي مكان بشرط احترام قوانيننا وأعرافنا وبما يصب في صالح كل المستفيدين والعاملين في مجال السياحة ، مضيفا أن السياحة الإيرانية ستمثل مصدر دخل كبير لمصر ، فالمعروف أن السياح الإيرانيين من أكثر السياح بذخا وصرفا للأموال في البازارات والمطاعم السياحية.
وأضاف زهران أن للشيعة تواجد في مصر منذ عهد الرئيس السادات ، متمثلا في الشيعة البهرة ، وهؤلاء حاولوا أن يشتروا أراضي ومباني بجوار جامع الحاكم بأمر الله ، ولم يستطيعوا.
الدكتور سامح البنا – أستاذ الآثار الإسلامية في جامعة أسيوط – رحب أيضا بالسياحة الشيعية ، مؤكدا أن المصريين من الصعب تحويلهم عن المذهب السني المعتدل ، مضيفا أن السائح يأتي لمصر ببرنامج سياحي محدد ، يستغرق عدة أيام ، ومع انقضائها يعود إلى بلاده.
وقال أن من حقنا أن نخاف إذا تم إنشاء مدارس إيرانية في مصر ، أما في حالة السياحة فأننا نسمح للسياح من كل الجنسيات ومن مختلف الملل ، وحتى الملحدون يأتون إلى مصر للسياحة ، وكذلك الصهاينة ، والذين يمثلون أكبر خطر على مصر ، فهل نعترض الآن على السياحة الشيعية.