{{ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ }} محمد:18 فالناس جميعا ينتظرون يوم القيامة ويؤمنون به ، إلا قلة من المنافقين الذين علي الرغم من تحقق علامات الساعة التي ابلغنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا انهام منكرون لها فيتحداهم الله تعالي يومئذ، أين ذهب نكرانكم للحق؟. ليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة.
ولكن أين تذهب حقوق المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل يدفن معهم في التراب بعد الموت؟.
إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة، إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة، أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير، هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟ إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ.
ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته.
وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إن الاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر وقلوبهم بعالم آخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء سعيهم في عمرهم القصير المحدود.
وبذلك يسمو الإنسان عن الطين الذي خلق منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا، والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.
18 محمد *أضغط هنا لعرض كامل السورة تفسير بن كثير يقول تعالى مخبراً عن المنافقين في بلادتهم وقلة فهمهم، حيث كانوا يجلسون إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويستمعون كلامه فلا يفهمون منه شيئاً، فإذا خرجوا من عنده { قالوا للذين أوتوا العلم} من الصحابة رضي اللّه عنهم { ماذا قال آنفاً} ؟ أي الساعة لا يعقلون ما قال، ولا يكترثون له، قال اللّه تعالى: { أولئك الذين طبع اللّه على قلوبهم واتبعوا أهواءهم} أي فلا فهم صحيح ولا قصد صحيح، ثم قال عزَّ وجلَّ: { والذين اهتدوا زادهم هدى} أي والذين قصدوا الهداية، وفقهم اللّه تعالى لها، فهداهم إليها وثبتهم عليها وزادهم منها، { وآتاهم تقواهم} أي ألهمهم رشدهم. وقوله تعالى:{ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة} ؟ أي وهم غافلون عنها { فقد جاء أشراطها} أي أمارات اقترابها، كقوله تعالى: { أزفت الأزفة} ، وكقوله جلت عظمته: { اقتربت الساعة وانشق القمر} ، وقوله سبحانه وتعالى: { أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} . فبعثة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أشراط الساعة لأنه خاتم الرسل، الذي أكمل اللّه تعالى به الدين، وأقام به الحجة على العالمين، وقد أخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأمارات الساعة وأشراطها وهو عليه السلام الحاشر الذي يحشر الناس على قدميه، والعاقب الذي ليس بعده نبي، روى البخاري عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال بأصبعيه - هكذا بالوسطى والتي تليها - (بعثت أنا والساعة كهاتين). ثم قال تعالى: { فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} ؟ أي فكيف للكافرين بالتذكر إذا جاءتهم القيامة، حيث لا ينفعهم ذلك؟ كقوله تعالى: { يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى} ، وقوله عزَّ وجلَّ: { فاعلم أنه لا إلا إله إلا اللّه} هذا إخبار بأنه لا إله إلا اللّه، ولهذا عطف عليه قوله عزَّ وجلَّ: { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} وفي الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي)، وفي الصحيح أنه كان يقول في آخر الصلاة: (اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت إلهي لا إله إلا أنت)، وفي الصحيح أنه قال: (يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فإني استغفر اللّه وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)، وعنه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (وعليكم بلا إله إلا اللّه والاستغفار، فأكثروا منهما، فإن إبليس قال: إنما أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا اللّه والاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنهم مهتدون) ""أخرجه الحافظ أبو يعلى""، وفي الأثر المروي: (قال إبليس: وعزتك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال اللّه عزَّ وجلَّ: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني)، والأحاديث في فضل الاستغفار كثيرة جداً، وقوله تبارك وتعالى: { واللّه يعلم متقلبكم ومثواكم} أي يعلم تصرفكم في نهاركم، ومستقركم في ليلكم، كقوله تعالى: { وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار} ، وقوله سبحانه وتعالى: { وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} وهذا القول هو اختيار ابن جرير، وعن ابن عباس رضي اللّه عنهما { متقلبكم} في الدنيا و { مثواكم} في الآخرة، وقال السدي: متقلبكم في الدنيا ومثواكم في قبوركم، والأول أولى وأظهر، واللّه أعلم. تفسير الجلالين { فهل ينظرون } ما ينتظرون، أي كفار مكة { إلا الساعة أن تأتيهم } بدل اشتمال من الساعة، أي ليس الأمر إلا أن تأتيهم { بغتة } فجأة { فقد جاء أشرطها } علاماتها: منها النبي صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر والدخان { فأنَّى لهم إذا جاءتهم } الساعة { ذكراهم } تذكرهم، أي لا ينفعهم . تفسير الطبري وَقَوْله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلْ يَنْظُر هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ اللَّه مِنْ أَهْل الْكُفْر وَالنِّفَاق إِلَّا السَّاعَة الَّتِي وَعَدَ اللَّه خَلْقه بَعَثَهُمْ فِيهَا مِنْ قُبُورهمْ أَحْيَاء , أَنْ تَجِيئهُمْ فَجْأَة لَا يَشْعُرُونَ بِمَجِيئِهَا . وَالْمَعْنَى : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة , هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة . و { أَنْ } مِنْ قَوْله : { إِلَّا أَنْ } فِي مَوْضِع نَصْب بِالرَّدِّ عَلَى السَّاعَة , وَعَلَى فَتْح الْأَلِف مِنْ { أَنْ تَأْتِيَهُمْ } وَنَصْب { تَأْتِيَهُمْ } بِهَا قِرَاءَة أَهْل الْكُوفَة. وَقَدْ : 24288 - حُدِّثْت عَنْ الْفَرَّاء , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَر الرُّؤَاسِيّ , قَالَ : قُلْت لِأَبِي عَمْرو بْن الْعَلَاء : مَا هَذِهِ الْفَاء الَّتِي فِي قَوْله : { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا } قَالَ : جَوَاب الْجَزَاء , قَالَ : قُلْت : إِنَّهَا إِنْ تَأْتِيهِمْ , قَالَ : فَقَالَ : مَعَاذ اللَّه , إِنَّمَا هِيَ " إِنْ تَأْتِهِمْ " ; قَالَ الْفَرَّاء : فَظَنَنْت أَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ أَهْل مَكَّة , لِأَنَّهُ قَرَأَ , قَالَ الْفَرَّاء : وَهِيَ أَيْضًا فِي بَعْض مَصَاحِف الْكُوفِيِّينَ بِسَنَةٍ وَاحِدَة " تَأْتِهِمْ " وَلَمْ يَقْرَأ بِهَا أَحَد مِنْهُمْ. وَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِكَسْرِ أَلِف " إِنْ " وَجَزْم " تَأْتِهِمْ " فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة ؟ فَيُحْمَل الْخَبَر عَنْ اِنْتِظَار هَؤُلَاءِ الْكُفَّار السَّاعَة مُتَنَاهِيًا عِنْد قَوْله : { إِلَّا السَّاعَة } , ثُمَّ يُبْتَدَأ الْكَلَام فَيُقَال : إِنْ تَأْتِهِمْ السَّاعَة بَغْتَة فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا , فَتَكُون الْفَاء مِنْ قَوْله : { فَقَدْ جَاءَ } بِجَوَابِ الْجَزَاء .وَقَوْله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلْ يَنْظُر هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ اللَّه مِنْ أَهْل الْكُفْر وَالنِّفَاق إِلَّا السَّاعَة الَّتِي وَعَدَ اللَّه خَلْقه بَعَثَهُمْ فِيهَا مِنْ قُبُورهمْ أَحْيَاء , أَنْ تَجِيئهُمْ فَجْأَة لَا يَشْعُرُونَ بِمَجِيئِهَا . وَالْمَعْنَى : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة , هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة . و { أَنْ } مِنْ قَوْله : { إِلَّا أَنْ }فِي مَوْضِع نَصْب بِالرَّدِّ عَلَى السَّاعَة , وَعَلَى فَتْح الْأَلِف مِنْ { أَنْ تَأْتِيَهُمْ } وَنَصْب { تَأْتِيَهُمْ } بِهَا قِرَاءَة أَهْل الْكُوفَة. وَقَدْ : 24288 - حُدِّثْت عَنْ الْفَرَّاء , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَر الرُّؤَاسِيّ , قَالَ : قُلْت لِأَبِي عَمْرو بْن الْعَلَاء : مَا هَذِهِ الْفَاء الَّتِي فِي قَوْله : { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا } قَالَ : جَوَاب الْجَزَاء , قَالَ : قُلْت : إِنَّهَا إِنْ تَأْتِيهِمْ , قَالَ : فَقَالَ : مَعَاذ اللَّه , إِنَّمَا هِيَ " إِنْ تَأْتِهِمْ " ; قَالَ الْفَرَّاء : فَظَنَنْت أَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ أَهْل مَكَّة , لِأَنَّهُ قَرَأَ , قَالَ الْفَرَّاء : وَهِيَ أَيْضًا فِي بَعْض مَصَاحِف الْكُوفِيِّينَ بِسَنَةٍ وَاحِدَة " تَأْتِهِمْ " وَلَمْ يَقْرَأ بِهَا أَحَد مِنْهُمْ. وَتَأْوِيل الْكَلَام عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ بِكَسْرِ أَلِف " إِنْ " وَجَزْم " تَأْتِهِمْ " فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة ؟ فَيُحْمَل الْخَبَر عَنْ اِنْتِظَار هَؤُلَاءِ الْكُفَّار السَّاعَة مُتَنَاهِيًا عِنْد قَوْله : { إِلَّا السَّاعَة } , ثُمَّ يُبْتَدَأ الْكَلَام فَيُقَال : إِنْ تَأْتِهِمْ السَّاعَة بَغْتَة فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا , فَتَكُون الْفَاء مِنْ قَوْله : { فَقَدْ جَاءَ }بِجَوَابِ الْجَزَاء .' وَقَوْله : { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا } يَقُول : فَقَدْ جَاءَ هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ السَّاعَة وَأَدِلَّتهَا وَمُقَدِّمَاتهَا , وَوَاحِد الْأَشْرَاط : شَرْط , كَمَا قَالَ جَرِير : تَرَى شَرَطَ الْمِعْزَى مُهُور نِسَائِهِمْ وَفِي شُرَط الْمِعْزَى لَهُنَّ مُهُور وَيُرْوَى : " تَرَى قَزَم الْمِعْزَى " , يُقَال مِنْهُ : أَشْرَطَ فُلَان نَفْسه : إِذَا عَلَّمَهَا بِعَلَامَةٍ , كَمَا قَالَ أَوْس بْن حُجْر : فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسه وَهُوَ مُعْصِم وَأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وَتَوَكَّلَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24289 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا } يَعْنِي : أَشْرَاط السَّاعَة . 24290 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة } قَدْ دَنَتْ السَّاعَة وَدَنَا مِنْ اللَّه فَرَاغ الْعِبَاد . 24291 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا } قَالَ : أَشْرَاطهَا : آيَاتهَا . وَقَوْله : { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا } يَقُول : فَقَدْ جَاءَ هَؤُلَاءِ الْكَافِرِينَ بِاَللَّهِ السَّاعَة وَأَدِلَّتهَا وَمُقَدِّمَاتهَا , وَوَاحِد الْأَشْرَاط : شَرْط , كَمَا قَالَ جَرِير : تَرَى شَرَطَ الْمِعْزَى مُهُور نِسَائِهِمْ وَفِي شُرَط الْمِعْزَى لَهُنَّ مُهُور وَيُرْوَى : " تَرَى قَزَم الْمِعْزَى " , يُقَال مِنْهُ : أَشْرَطَ فُلَان نَفْسه : إِذَا عَلَّمَهَا بِعَلَامَةٍ , كَمَا قَالَ أَوْس بْن حُجْر : فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسه وَهُوَ مُعْصِم وَأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وَتَوَكَّلَا وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24289 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا } يَعْنِي : أَشْرَاط السَّاعَة . 24290 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَة } قَدْ دَنَتْ السَّاعَة وَدَنَا مِنْ اللَّه فَرَاغ الْعِبَاد . 24291 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطهَا } قَالَ : أَشْرَاطهَا : آيَاتهَا . ' وَقَوْله : { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ }يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَمِنْ أَيّ وَجْه لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّه ذِكْرَى مَا قَدْ ضَيَّعُوا وَفَرَّطُوا فِيهِ مِنْ طَاعَة اللَّه إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَة , يَقُول : لَيْسَ ذَلِكَ بِوَقْتٍ يَنْفَعهُمْ التَّذَكُّر وَالنَّدَم , لِأَنَّهُ وَقْت مُجَازَاة لَا وَقْت اِسْتِعْتَاب وَلَا اِسْتِعْمَال . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24292 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ }يَقُول : إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَة أَنَّى لَهُمْ أَنْ يَتَذَكَّرُوا وَيَعْرِفُوا وَيَعْقِلُوا * -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } قَالَ : أَنَّى لَهُمْ أَنْ يَتَذَكَّرُوا أَوْ يَتُوبُوا إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَة . 24293 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } قَالَ : السَّاعَة , لَا يَنْفَعهُمْ عِنْد السَّاعَة ذِكْرَاهُمْ , وَالذِّكْرَى فِي مَوْضِع رَفْع بِقَوْلِهِ : { فَأَنَّى لَهُمْ } لِأَنَّ تَأْوِيل الْكَلَام : فَأَنَّى لَهُمْ ذِكْرَاهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَة . وَقَوْله : { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَمِنْ أَيّ وَجْه لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللَّه ذِكْرَى مَا قَدْ ضَيَّعُوا وَفَرَّطُوا فِيهِ مِنْ طَاعَة اللَّه إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَة , يَقُول : لَيْسَ ذَلِكَ بِوَقْتٍ يَنْفَعهُمْ التَّذَكُّر وَالنَّدَم , لِأَنَّهُ وَقْت مُجَازَاة لَا وَقْت اِسْتِعْتَاب وَلَا اِسْتِعْمَال . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24292 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله :{ فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } يَقُول : إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَة أَنَّى لَهُمْ أَنْ يَتَذَكَّرُوا وَيَعْرِفُوا وَيَعْقِلُوا * -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } قَالَ : أَنَّى لَهُمْ أَنْ يَتَذَكَّرُوا أَوْ يَتُوبُوا إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَة . 24293 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } قَالَ : السَّاعَة , لَا يَنْفَعهُمْ عِنْد السَّاعَة ذِكْرَاهُمْ , وَالذِّكْرَى فِي مَوْضِع رَفْع بِقَوْلِهِ : { فَأَنَّى لَهُمْ } لِأَنَّ تَأْوِيل الْكَلَام : فَأَنَّى لَهُمْ ذِكْرَاهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَة . ' تفسير القرطبي قوله تعالى { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة} أي فجأة. وهذا وعيد للكفار. { فقد جاء أشراطها} أي أماراتها وعلاماتها. وكانوا قد قرؤوا في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء، فبعثه من أشراطها وأدلتها، قاله الضحاك والحسن. وفي الصحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بعثت أنا والساعة كهاتين) وضم السبابة والوسطى، لفظ مسلم : وخرجه البخاري والترمذي وابن ماجه. ويروى (بعثت والساعة كفرسي رهان). وقيل : أشراط الساعة أسبابها التي هي دون معظمها. ومنه يقال للدون من الناس : الشرط. وقيل : يعني علامات الساعة انشقاق القمر والدخان، قال الحسن أيضا. وعن الكلبي : كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام، وقلة الكرام وكثرة اللئام. وقد أتينا على هذا الباب في كتاب التذكرة مستوفى والحمد لله. وواحد الأشراط شرط، وأصله الأعلام. ومنه قيل الشرط، لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها. ومنه الشرط في البيع وغيره. قال أبو الأسود : فإن كنت قد أزمعت بالصرم بيننا ** فقد جعلت أشراط أوله تبدو ويقال : أشرط فلان نفسه في عمل كذا أي أعلمها وجعلها له. قال أوس بن حجر يصف رجلا تدلى بحبل من رأس جبل إلى نبعة يقطعها ليتخذ منها قوسا : فأشرط نفسه فيها وهو معصم ** وألقى بأسباب له وتوكلا { أن تأتيهم بغتة} { أن} بدل اشتمال من { الساعة} ، نحو قوله { أن تطؤوهم} [الفتح : 25] من قوله { رجال مؤمنون ونساء مؤمنات} [الفتح : 25]. وقرئ { بغتة} بوزن جربة، وهي غريبة لم ترد في المصادر أختها، وهي مروية عن أبي عمرو. الزمخشري : وما أخوفني أن تكون غلطة من الراوي عن أبي عمرو، وأن يكون الصواب { بغتة} بفتح الغين من غير تشديد، كقراءة الحسن. وروى أبو جعفر الرؤاسي وغيره من أهل مكة { إن تأتهم بغتة} . قال المهدوي : ومن قرأ { إن تأتهم بغتة} كان الوقف على { الساعة} ثم استأنف الشرط. وما يحتمله الكلام من الشك مردود إلى الخلق، كأنه قال : إن شكوا في مجيئها { فقد جاء أشراطها} . قوله تعالى { فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم} { ذكراهم} ابتداء و { أنى لهم} الخبر. والضمير المرفوع في { جاءتهم}للساعة، التقدير : فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة، قال معناه قتادة وغيره. وقيل : فكيف لهم بالنجاة إذا جاءتهم الذكرى عند مجيء الساعة، قاله ابن زيد. وفي الذكرى وجهان : أحدهما : تذكيرهم بما عملوه من خير أو شر. الثاني : هو دعاؤهم بأسمائهم تبشيرا وتخويفا، روى أبان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة يا فلان قم إلى نورك يا فلان قم لا نور لك) ذكره الماوردي. تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي الحديث هنا عن الكافرين الذي لا يلتفتون إلى أدلة وجود الله في الكون، ولا إلى معجزات الرسل فيؤمنون بهم ويصدقونهم، ولا إلى أحكام الله فيعملون بها، هؤلاء القوم ماذا ينتظرون؟ { فَهَلْ يَنظُرُونَ... } [محمد: 18] أي: ينتظرون { إِلاَّ 0لسَّاعَةَ... } [محمد: 18] الساعة بالنسبة لهم يعني الموت، لأن الزمن ينتهي بالنسبة للإنسان بالموت، فمَنْ مات قامت قيامته، والمرء لا يعرف أجله ولا متى يموت، لأن الله أخفاه واحتفظ به لنفسه سبحانه، فلا يطلع عليه أحد. إذن: طول العمر وقصره نحن لا دخْلَ لنا به، ولا نتحكم فيه، لأنه متروك لمن بيده الأعمار والآجال، لكن بيدك عرضه بأنْ تشغل عمرك بعمل الخير، وتوسِّع دائرة الخير في حياتك وتنفع الآخرين، كما يمكنك أنْ تضيف لحياتك بُعداً آخر، بأن تفعل من الخير ما يبقى ذكراً لك بعد موتك، وذُخْراً لك عند ربك. فإذا علمتَ أن العمر نفسٌ يدخل ولا يخرج، أو طرفة عين لا تعد كنت على حذر من أنْ تموت على معصية الله، على حذر من أنْ تؤخر التوبة أو تسوِّف فيها، لأنك لا تضمن متى يداهمك الموت. فحين تسمع نداء الصلاة قُمْ ولبِّ النداء، ولا تقل الوقت طويل، وسوف أصلي، معك مال وتقدر أنْ تحج لا تقل أحج العام القادم، لأنك إذا كنتَ لا تضمن عمرك لحظة، فكيف تضمنه بعد عام؟ صحيح ليس في تأخير هذه الأعمال عقوبة لكن يفوتك بالتأخير فضل الصلاة لوقتها وفضل الجماعة. لذلك ورد في الحديث الشريف: " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ". البعض فهم من الحديث " اعمل لدنياك " أي: ما يكفيك طوال العمر، لكن المراد بالعمل هنا: اعمل للدنيا على رسلك ولا تستغرق فيها، وما فاتك منها اليوم تدركه غداً. يعني على مهل و تأخذ المسألة من أول صفقة. والذي يُعاب في السَّعي من أجل الدنيا أنْ تستحوذ الدنيا على كلِّ اهتمامك وتأخذ كل وقتك وتريدها على عجل. والأخطر من ذلك أن نستعين بالنعمة وبالمال على المعصية أو نروج السلعة بشيء محرم شرعاً، فتنقلب النعمة في أيدينا إلى نقمة. لذلك يقول تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى 0لَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ 0للَّهِ كُفْراً... } [إبراهيم: 28] ككثيرات من بناتنا الآن نراهن كايسات عاريات يُظهرنَ ما حباهن الله من جمال، وبدل أنْ تشكر النعمة بصيانتها تَكْفُرها بتبرجها. وياليت الضال يضل في نفسه، أنما الأدهى من ضلاله أنْ يكون مثالاً لغيره فتشيع الفتنة في المجتمع، لذلك يقول تعالى في تتمة الآية: { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ 0لْبَوَارِ } [إبراهيم: 28] ما هي دار البوار؟ { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ 0لْقَرَارُ } [إبراهيم: 29]. فهذه الفتن تعصف بالشباب خاصة في مراحل المراهقة وعدم وجود فرصة عمل وهم ما يزالون عالة على أهاليهم، لذلك نقول لبناتنا: أتقين الله فالشباب معذور غلبان كفاه أنْ يدافع سُعار المراهقة، فلا تُهيجنَّ فيه سعاراً جديداً بما تفعلْنَ من التبرج والسُّفور وعدم التحشم.وأذكر مرة أنهم أرادوا أنْ يكرموا أحد رجالهم البارزين فأقاموا له حفلاً وأحضروا فيه الراقصات وما إلى ذلك، فقلت: سبحان الله أهكذا يكون تكريم البارزين عندنا، ثم أمسكت بصاحبنا وقت له (يا سلام الرقص الليلة كان حلواً، فالبنت كانت (تتشخلع) بورع وتتثنَّى بتقوى)!! إية حكايتكم بالضبط؟ نعم: { وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ 0لْبَوَارِ } [إبراهيم: 28]. وقوله تعالى: { أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً... } [محمد: 18] يعني: فجأة { فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا... } [محمد: 18] أي: علاماتها وسماتها المميزة لها المنذرة بقربها، وقد ذكر لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفاً من هذه العلامات، فقال: " نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ". صحيح، فالرأس على شكل (مش عارف إيه والشفايف حمَّروها)، والحواجب دقَّقوها.. إلخ يُغيِّرَ خَلْق الله ويستعنَّ بنعمة الله على معصية الله، وهذه من علامات الساعة. لذلك نسأل الله الهداية لبناتنا، وأنْ تحفظ كُلٌّ منهن جمالها، وأنْ تجعل حمد الله على النعمة طاعةً له سبحانه، وألاَّ تجعل نعمة الله عليها مُسمَّمة بمعصيته وأقول لأولياء الأمور: اتقوا الله في البنات ولا تضطروهن للعمل في الإعلانات الخليعة لأنها محرمة، ومَنْ يأكل منها إنما يأكل سُحْتاً من حرام. كذلك من أشراط الساعة التي أخبر بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذارأيت شُحاً مطاعاً، وهَوى مُتبعاً، وإعجابَ كل ذب رأي برأيه فانتظر الساعة ". وقال: " إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة " وغير ذلك من العلامات. وقوله سبحانه: { فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ } [محمد: 18] يعني: كيف أو من أين لهم التذكُّر وقد فات أوانه وباغتتهم القيامة، أنّى لهم التذكر، وأنّى لهم أنْ يستأنفوا عملاً صالحاً. ثم يختمها بقضية القضايا التي إنْ صَلُحَتْ صَلُح للإنسان كلُّ شيْ، فيقول: { فَ0عْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَٰهَ إِلاَّ 0للَّهُ... } [محمد: 19]. www.alro7.net