صدر حديثاً عن دار الشروق كتاب "متاهات الوهم" للروائي الدكتور يوسف زيدان. تدور صفحاتُ هذا الكتاب بقارئه فوق المدارات التي تأخذ بالعقل الجمعي، العربي والمصري، إلى التيه الجماعي المؤدي بالضرورة إلى حالة (الخَبَل العام) بسبب اصطخاب أفكارنا حول محاور وهمية واعتقادات خيالية لا يؤكدها إلا التاريخ الرسمي المغلوط.. والفصول السبعة للكتاب، تسعى لتبديد هذه (التوهمات) وتثير شغف القارئ إلى إعادة النظر في خرافاتٍ تخايل الأذهان، ويؤسس عليها وعيٌ مغلوط يتوسل بالمغالطات إلى تحقيق الطموحات المرادة من هؤلاء الساعين إلى تجهيل الناس لإحكام القياد حول رقابهم؛ ومن ثمَّ إلى السيطرة التامة عليهم.
يقول زيدان: "خلال إعدادي هذا الكتب ، كانت ترن في أذني عبارة العماد الأصفهاني وتتردد أصداؤها في أعماق ذاتي، حيث يقول هذا الرجل النابه : «إنه لم يُرَ أحدٌ كتب كتابًا وعاد إليه (بعد فترة) إلا وقال: لو غيرت هذا لكان أحسن، ولو عدلت ذلك لكان يُستحسن. وهذا دليل على استيلاء النقص على جملة البشر". وهذا معنى عميق، لو كان كاتبه أفصح لجعل ختام عبارته: "وهذا دليلٌ على طلب الكاتب ، للكمال المستحيل".
كذلك صدر لزيدان عن دار الشروق كتاب "دوامات التدين"، ويؤكد أن معنى الدين يختلف بطبيعة الحال عن مفاهيم التدَيُّن. فالدينُ أصل إلهيٌّ والتدَيُّن تنوع إنساني، الدين جوهر الاعتقاد والتدين هو نتاج الاجتهاد.
ومع أن الأديان كلها، تدعو إلى القيم العليا التي نادت بها الفلسفة (الحق، الخير، الجمال) فإن أنماط التدين أخذت بناصية الناس إلى نواحٍ متباعدة ومصائر متناقضة، منها ما يوافق الجوهر الإلهي للدين و يتسامى بالإنسان إلى سماوات رحيبة، ومنها ما يسلب هذا الجوهر العلوي معانيه و يسطح غاياته حتى تصير مظهرًا شكلانيًّا، و منها ما يجعل من الدين وسيلة إلى ما هو نقيض له.
وفصولُ هذا الكتاب، و إن كانت تستعرض في الأساس خبرات "التدين" عبر خبرات مختلفة ، إلا أنها تسعى من وراء ذلك إلى استكشاف الآثار العميقة، شديدة الأثر، التي قد تأخذنا إليها التجارب التطبيقية لمفهوم "الإيمان" والاتجار به، فتُدير الرؤوس وتبدد فرص النجاة من الغرق، مثلما تفعل الدوامات والأعاصير والريح الصرصر العاتية.