"التوك توك" اختراعا عجيبا اتخذ اسمه من "صوته" فهو مسخ غير معترف به بين المركبات، هو بالأصل وسيلة رخيصة للمواصلات إلا أنه عرف طريق النجومية فقط حينما دخل "بلاد الأهرامات" رغم أنها هي من اخترعت "العجلات الحربية"!! التزم خلال رحلته فى دول العالم الثالث بنظام تلك الدول إلا أنه "تمكن" من فرض نظامه هو بعد غزوه لأرض الكنانة..!!
صار يعيث فى شوارعنا فسادا، يخرج لك من حيث "أن تتعفف أنت من أن تواجهه"، يسير عكس التيار، يلتزم بقواعد المرور حين يستشعر الخطر إلى جوار الشاحنات و" الحافلات"، و إذا ما أطمئن أو استهان بمن يشاركه الطريق قطعه عليه وسار فى أى إتجاه يريده فالطريق ملكه ولا يتحدث مطلقا عن قانون المرور إلا إذا أصيب!!
لا ترى منه الكثير ولكنك تسمع منه ضجيجا مزعجا كلما مر عليك، والغريب أنه فى معظم الأحيان تصدر عنه نفس الألحان الصاخبة كل مرة دون تغيير، موسيقى شعبية، موسيقى التكنو، أو حتى آي الذكر الحكيم حسبما يساير مزاج "القائد" فهو بالأصل لا يعرف غيرها!!
يهتم صاحبه دائما بنظافة "مظهره" فهو الأصل فى "السبوبة"!
شريك أساسى فى معظم الجرائم، فهو أداة تنتشر في كل أرجاء مصر إلا أنها لازالت مركبة "غير شرعية" رغم أن "قطع غيارها" تدخل بطريقة شرعية!!، ولطالما طالبنا تقنينها حتى نحاسبها ولكن هذا اصطدم "بمصلحة" البعض فظل هكذا حتى أصبح رمزا لكل ما هو "عشوائى" وصورة لكل ما هو "إجرامي" فى هذا الوطن!
أبطاله هم شباب العشوائيات من العاطلين والمظلومين فى كل زمان، فهم فقط من يستطيعون "حشد" الركاب التي تكتظ بها "دوائرهم" ليكسبوا منهم الكثير، ولا شك أيضا أن الأجرة البسيطة و "تقديم التسهيلات" وسيلة جذب إضافية خاصة أن زبائنهم عادة من البسطاء من أبناء هذا الوطن وللأسف فهؤلاء البسطاء أيضا هم أول ضحايا "مواقع" التوك توك وجرائمه.!!
أما عن ثقافة "التوك توك" فحدث ولا حرج، فهو بمثابة "سوق عكاظ" مفتوح ولكنه على الطريقة الشعبية المصرية. حيث لا يخلو "التوك توك" من الملصقات و الشعارات والأشعار والأمثال الشعبية والأدعية الدينية و نحوها ...ولا يشترط أبدا أن يكون قائده ملماً بما هو مكتوب عليه فهو مكتوب فقط "للزبائن"!!
العجيب أنه في الأزمات هو أول من يحصل على الوقود بل و يتاجر به فى السوق السوداء رغم كل ما هو مكتوب عليه من شعارات!!
اكلنا نتخذ من "التوك توك" منهاج حياة،
كلنا يتصرف تصرفات أشبه بحركته فى طرقنا تماما، بل أصبح هو حياتنا دون أن ندرى..!!
الكل صوته عالى أكبر بكثير من حجمه.
الكل يريد الطريق وحده دون غيره.
الكل يسير عكس الاتجاه ويكسر القوانين والأعراف حتى يصل لغايته قبل غيره حتى "يلهف" الزبون!
والكل يتحدث فقط عن القانون و إعلاء كلمته حينما يتعدى عليه منافسه!!
الكل مراهق فى تصرفاته يعتمد فقط على خفة حركته دون أن يحسبها!
الكل يشارك فى ذبح الوطن فلا أتذكر أنى سمعت مرة واحدة جملة مفيدة فى بناء الوطن سوى النوايا..!
الكل يحمل شعارات لا يعمل أبدا بها.
الكل يتاجر بالبسطاء وهم أول من يدفع ثمن حماقتنا من أموالهم بل و من أرواحهم!!
الكل يتحدث عن الفساد و هو أول الفاسدين!!
لقد تحول "التوك توك" من مجرد أداة لتوصيل البشر فى الحارات والأزقة إلى أسلوب حياة....!!!
حقا إننا نغير هويتنا فعلا من "بلاد الأهرامات" إلى "مملكة التوك توك"!!
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه