رصدت صحيفتا "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" الأمريكيتان اليوم الاثنين تداعيات الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى العراق لإقناعه بوقف شحنات الأسلحة الإيرانية التي تمر عبر أراضيه إلى سوريا، وحاولتا رصد ملامح تراجع النفوذ الأمريكي في العراق. فمن جانبها، ذكرت "نيويورك تايمز" أنه منذ أن قررت وزارة الخارجية الأمريكية تقليص تواجدها بالعراق، بدأ مسئولوها عاجزين على بسط نفوذهم في مجرى الأحداث بقضيتين تمثلان مخاوف ملحة لواشنطن وهما؛ التسامح العراقي في مسألة مرور شحنات الأسلحة الإيرانية إلى سوريا وإصدار مذكرات الاعتقال بحق رموز سياسية سنية بعينها من قبل الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أوردته على موقعها الالكتروني - أن زيارة كيري إلى العراق أمس تعد الأولى لوزير خارجية أمريكي منذ عام 2009، حيث أنها جاءت في وقت تزداد فيه المخاوف بشأن دور العراق في الأزمة السورية في ظل تراجع النفوذ الأمريكي في بغداد عقب سحب القوات الأجنبية منه عام 2011.
وتناولت الصحيفة أحاديث وسائل الإعلام العراقية حول زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخيرة إلى المنطقة، والتي أشارت معظمها إلى أن أوباما زار المنطقة وتجاهل العراق، بل وأنه لم يذكرها قط في خطاباته رغم الاحتجاجات والتفجيرات التي هزت العراق بالآونة الأخيرة.
وأشارت إلى أن شحنات الأسلحة الإيرانية، التي تشكل أهمية كبرى لدى قوات الرئيس السوري بشار الأسد، تمثل تحديا هائلا أمام إستراتيجية أوباما لسوريا، موضحة أن كيرى جدد بالعراق رغبة الإدارة الأمريكية في تغيير حسابات الأسد وإقناعه بالتخلي عن السلطة.
وأردفت الصحيفة الأمريكية تقول "إن كيري عندما كان سيناتورا ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي دعا إلى ربط العلاقات مع بغداد بمدى رغبة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في تفتيش حمولات الطائرات الإيرانية المتجهة إلى سوريا عبر العراق...بيد أنه عندما أصبح وزيرا للخارجية بدا أقل تصامدية ، حيث دعا إلى ضرورة أن تلعب العراق دورا في المناقشات الدولية الدائرة حول مستقبل سوريا عقب تنحي الأسد".
واعتبرت أنه بغض النظر عما إذا كانت ستؤثر جهود كيري في هذا الشأن على المالكي، فإن هناك حقيقة تتمثل في خوف العراق من احتمالات أن يؤدي انتصار المعارضين في سوريا إلى تقوية شوكة العراقيين السنة لذلك تميل حكومة المالكي إلى دعم نظام الأسد.
إلى جانب ذلك، ذكرت الصحيفة أن تعهدات الولاياتالمتحدة بتقديم المساعدة في تشكيل ديمقراطية مستدامة في سوريا لاقت شكوكا واسعة النطاق من جانب المسئولين العراقيين.
بدورها، رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن رغبة حكومة نورى المالكي العراقية في ترضية إيران فيما يخص دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد تعد اختبارا حاسما للعلاقات الأمريكية - العراقية عقب مرور عقد على الغزو الأمريكي للعراق الذي أصاح بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.
وأرجعت الصحيفة في تعليق لها أوردته على موقعها الالكتروني - سبب التقارب بين طهران وبغداد بشكل جعل إيران الحليف الأقرب للعراق بالمنطقة إلى خوفهما من تنامي مشاعر غضب السنة في سوريا ومدى تأثير ذلك على استقرار الحكومتين الشيعيتين في بغداد وطهران.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة العراقية لم تبد أي التزام عام يؤكد ميلها نحو تحدي إيران عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ، مستشهدة على ذلك بعدم ظهور أي مسئول عراقي بجانب وزير الخارجية الأمريكي خلال مؤتمره الصحفي ببغداد.
وفي سياق متصل، كشفت "وول ستريت جورنال" النقاب عن قيام مسئولي مكافحة الإرهاب بالعراق والولاياتالمتحدة بزيادة عملياتهما المشتركة خلال الأسابيع الأخيرة في محاولة لمنع مقاتلي القاعدة من عبور الحدود من العراق إلى سوريا والعكس.