ضبط سائق تاكسي وسحب رخصته لاستغلاله مواطنة مريضة في بني سويف    الهيئة العامة للاستثمار تشهد توقيع عقد بين السويدي للتنمية الصناعية واستثمار بولندي يُعد الأول من نوعه في قطاع الأغذية    ميناء السخنة يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأعمق حوض    المغرب: ارتفاع عدد قتلى السيول في آسفي إلى 37    منتخب مصر يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة نيجيريا وديًا .    الوطنية للإعلام تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    وزير الأوقاف: على المفتي فهم أحوال الناس ومقاصد الشرع وعدم الانعزال عن الواقع    الأسهم الأسيوية تتراجع بضغط خسائر التكنولوجيا وسط مخاوف تقييمات الذكاء الاصطناعى    أسعار الخضراوات والفاكهة والأسماك والدواجن اليوم الإثنين فى الفيوم    الرقابة المالية: الهيئة نجحت في تحقيق هدف «ديمقراطية الاستثمار»    اعرف الرابط الرسمى للتقديم على وظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    فيديو.. عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى خلال عيد الحانوكا    مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يحذر الإسرائيليين بالخارج من حضور احتفالات غير مؤمَّنة    وزيرة التخطيط توقع مذكرتي تفاهم لتبادل الخبرات وتعزيز الاستثمارات بين مصر وألبانيا    «إكسترا نيوز» ترصد حجم إقبال أبناء الجالية المصرية بالأردن على انتخابات النواب    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 15 ديسمبر.. نصف نهائي كأس العرب.. ومانشستر يونايتد    الزمالك: لن نمانع رحيل عدي الدباغ فى انتقالات يناير    كأس عاصمة مصر.. عودة شريف وياسين مرعي لتدريبات الأهلي استعدادا لمواجهة سيراميكا    العثور على جثمان مواطن مسن فى مصرف المياه بقرية حاجر المساوية بمدينة إسنا    تحذير هام من الأرصاد| نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية والأمواج ترتفع 3 أمتار    المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لمتهمين بالاتجار فى المواد المخدرة بسوهاج    تأجيل محاكمة هدير عبد الرازق وطليقها أوتاكا فى نشر فيديوهات خادشة ل 22 ديسمبر    إخماد حريق داخل عقار فى الهرم دون إصابات    ضبط كميات شيبسي ومقرمشات منتهية الصلاحية في حملة رقابية بالفيوم    «معلومات الوزراء» يستعرض دراسة شبابية حول دمج ذوي الهمم بالتعليم الابتدائي في صعيد مصر    «التعليم»: التعامل بمنتهى الحزم مع أي سلوكيات غير لائقة أو مخالفات بالمدارس    خالد الصاوي يودع إيمان إمام شقيقة عادل إمام والجنازة اليوم    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    متحدث الوزارء: الهدف من خطة لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة هو رفع مستوى المعيشة للسكان    جائزة ساويرس تعلن القوائم القصيرة لفروع شباب الأدباء والكتاب    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    5 محافظات ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل بالمرحلة الثانية.. اعرفها    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي استعدادات عقد اجتماع مجلس التنسيق الأعلى    مفتي الجمهورية ينعى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    ثقافة البحيرة تنظم ندوة توعوية عن الأمراض المزمنة    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    الحضري يكشف أسباب الخروج المبكر لمصر من كأس العرب    وزيرة التنمية المحلية تستعرض تقريرًا حول نتائج المرور الميداني على 10 مراكز تكنولوجية بمحافظة أسيوط    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية يزور مستشفى قصر العيني التعليمي    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية في زيارة رسمية لمستشفى القصر العيني    تجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العيني    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى محافظه المنيا    4 يناير بدء امتحان نصف العام فى المواد غير المضافة و10 للمواد للأساسية    المؤبد لتاجر سلاح في قنا    «فرنس إنفو»: تشيلي تدخل حقبة جديدة بعد انتخاب «أنطونيو كاست» رئيسا البلاد    من سوريا إلى أستراليا.. تحركات خطيرة من داعش    صحة قنا.. قافلة طبية مجانية لمدة يومين بدنفيق في قنا    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 15 ديسمبر 2025    مرشح اليمين المتطرف يفوز برئاسة تشيلي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    كابال ينهي سلسلة 5 تعادلات.. يوفتنوس ينتصر على بولونيا في ريناتو دالارا    العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام    احتفالية استثنائية ومفاجآت كبرى بالعاصمة الجديدة ابتهاجًا بالعام الجديد    هل تصح صلاة المرأة دون ارتداء الشراب؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثنائية إخناتون
نشر في محيط يوم 23 - 03 - 2013

لم يتعمد الفنان الذى نحت تماثيل "اخناتون" لأن يبرزالصفات الملكية، وإنما عبر عن الواقع برؤية ذاتية أكثرعاطفية وأكثرإنسانية، تدل على تشبع الإحساس بالطابع الشعبى. إذ كانت الفكرة الأساسية أن ما يحيط بالفنان هو امتداد لذاته، ولذلك استطاع أن يعكس عالمه الداخلى وتأملاته الورعة .
حددت "الآتونية" خصائص "الفن الإخناتونى" الجديد .أما جذور"الآتونية" فترجع إلى المجتمعات البدائية "الطوطمية" التى كانت "الأم" تهيمن عليها، ولم تكن تتمتع "الأبوية" فيها بمركزيتها أو بتفوقها المعتاد. ونظراً لتميز "المرأة" بالخصائص الإنسانية والعاطفية ولتوافقها الغريزى مع إيقاع الطبيعة، استطاعت أن ترعى حياة المجتمع، حيث وسعت دائرة ذاتها مع نمو عاطفة "الحب".
إن تغلب الرؤية الحسية والعاطفية على أسلوب نحت التماثيل "الإخناتونية" يفسر ما تتميز به من أساليب "التحريف" التى قصد بها التعبير وببلاغة عن المشاعر والأفكار. وتبعاً لهذا الطراز انتصر العنصر الذاتى والعاطفى - الانفعالى فى الفن الذى يؤكد على الحقيقة النفسية والروحية، فى مقابل "المثالية" التى كانت تميز الفن الفرعونى فى فترات سابقة منذ الدولة القديمة.
لقد أفسح الفنان مجالاً لحدسه، وعمق صلته بعالمه الروحى. أما التشويه فى تماثيل "إخناتون" فيتجلى فى شكل البطن المنتفخة والمتدلية بإنبعاج، مع الوجوه المعروقة، وفى العيون اللوزية الحالمة، والشفاه السميكة والسيقان الهزيلة والأوراك والأرداف الممتلئة، إذ أنها كلها تشير إلى مستودع الخلق وإلى مصدر الحياة. الذى كانت تمثله الإلهة" نيت " حينما اتخذت منذ عصر الدولة القديمة بصفتها أم "رع" والأم البدائية، وكانت مصر فى عصرالأهرامات دولة إله الشمس.
هكذا تفتقر تماثيل "إخناتون" للإشارات الذكورية التى تحدد هوية "الفرعون" .
ان النمط "الرمزى" الجديد يعكس مسائل مفاهيمية، تجسدها مبالغات شكلية غريبة عن الفن فى المراحل السابقة. والطبيعة "ثنائية الجنس" تتعلق بتصور الإله "آتون" كينبوع لقوة "الوجود" التى تمثل مفهوما ً شمولياً، يجمع بين العنصرين المتناقضين - المتكاملين (الإلهى/البشرى).
وفى التمثال "الإخناتونى"يقابل الطبيعى المثالى ويجتمع الإلهى مع الإنسانى ،مثلما يواجه العقلانى/ الحدسى فى ثنائيات متعارضة- متكاملة، بالإضافة إلى السمو بالتمثيل الفنى فوق التمييز بين الجنسين (الذكروالأنثى). وقد جسدت المشاهد الملكية - العائلية فى فن "العمارنة" فكرة "أسرة الفرعون" التى تمثل الوسيط بين الآلهة والبشر. ومع تخلى"إخناتون" عن ألقاب مثل "ملك الملوك" و"حاكم الحكام"كان فى نفس الوقت يتحدى النظام الأبوى فى تصور"الإله" مما أثر على الأسلوب الفنى فى عصره الذى غلبت عليه الصفات الأنثوية. ومع تفعيل دورالخيال والاستبصار كثمرة لاتحاد الشعور مع اللاشعور،أصبح لزاماً إجراء تحريفات فى الشكل حتى يعطى صورة لفكرة الثنائية المتضادة (الذكر/الأنثى) (الخير /الشر) (الإله /الشيطان) .
وبينما تمثل "الديانة الأبوية" فى الصورالفنية بملامح ذكورية تعبيراً عن الإرادة والقوة، فإن الإله الجديد "آتون" ذو طبيعة "واحدية" تجمع بين علامات لها دلالتها الأنثوية ودلالات أخرى ذكورية، أى تنطوى على العنصرين (الذكر والأنثى) اللذين يتعايشان كثنائية متكاملة فى البدن الواحد (الجسد والروح). وبالدعوة ل"الآتونية " تحول "إخناتون "إلى إله أرضى وأصبح الولاء له شرطاً للخلود فى عالم" آتون". وجوهر "الآتونية " هيمنة "الأم" التى تستمر إلى ما بعد الطفولة.
وتغلب على الرؤية " الأنثوية " للكون استعادة زمن الفطنة اعتماداً على حرية الخيال وسعة القدرة على الحدس، التى تتعارض مع الهيمنة "الذكورية" المهمومة بالسيطرة على الوجود المادى. وهذا يفسر لماذا نحت "إخناتون" فى النقوش البارزة أوالتماثيل وهو يظهر مودة نحو بناته وزوجته "نفرتيتى" بطريقة مختلفة عن صورة "الفرعون" التقليدية التى رسمت لأسلافه من الملوك مثل أبيه " أمنحتب الثالث" على عكس صورة الزوجة التى تظهر غالباً كإمرأة مهيمنة .
أما دكتاتورية "إخناتون" فتشهد عليها محاولاته لفرض رؤيته وعقيدته الخاصة على الحياة والفن، حتى كاد ان يقضى على الصيغة المتوارثة فى "اللاوعى الشعبى" والمتمثلة فى "التعددية " والمساواة وخرقه لحدود الفئات المتعارضة. واليوم مرة أخرى يواجه الكثيرون فى المجتمع فرض رؤية خاصة، تهمش فكرة الاختلاف، وتتعارض مع مبدأ "التعددية" و"قبول الآخر" والتواصل بفضل تبادل الأفكار وتعايش المعتقدات، والذى تحتمه طبيعة الحياة. وكان الأولى تدعيم "التسامح" ونبذ الفكرة الأحادية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.