احمد عبد المعبود مهندس في أسمنت طره يجالسنا علي المقهي يوم السبت وتكون كلمته الأولي بعد ان يسحب كرسياً شفتوا باسم امبارحً ومثله د.حسين ناصر أخصائي العظام الذي بمجرد ان يراني داخلا الاسانسير يصيح ًالله يخرب عقله باسم ده مش ممكن اما بواب عمارتنا فيمتنع عن الرد علينا عبر الديكتافون الذي يربطنا به لانه مشغول بباسم ..هذه بعض نماذج من المصريين الذين يتابعون باسم يوسف. في الثامنة مساء كل جمعة تخلو شوارع القاهرة جزئيا من زحامها التقليدي ،ويزداد الإقبال علي المقاهي التي يرفع أصحابها اسعار الشاي والقهوة وبقيه المشروبات لأنهم يعرفون سبب الازدحام الأسبوعي ..الطلاب والمدرسون يحاولون استقطاع ساعة ونصف من وقت الدروس الخصوصية وينضمون الي المشهد المصري المسائي يوم الجمعة لمتابعة باسم يوسف وبرنامجه الأشهر ًالبرنامجً...
لم يكن باسم نجما تليفزيونيا في شهرة عماد وعمرو أديب او لميس الحديدي او وائل الابراشي او حتي عمرو الليثي نجوم ألتوك شو الليلي في مصر..لكنه ما ان ظهر حتي استولي علي شعبيه كاسحه ..
ربما يكون باسم قد استفاد من خبرته القصيرة في قناه "أون تي في" التي قدم فيها برنامجه لكن توهجه الحالي يرجع الي عوامل كثيرة يجئ في آخرها مؤهله العلمي كطبيب قلب..
ويبدو ان هذه المهنة السامية مازالت قادرة علي استيلاد مواهب وتفريغ أجيال من العباقرة ..فإبراهيم ناجي الشاعر ويوسف ادريس الأديب والصحفي ومصطفي محمود المفكر العظيم ويحيي الفخراني الممثل سبقوا باسم يوسف في التألق والشهرة وتخرجوا مثله من كليه الطب..
أعود للبرنامج الذي استحوذ علي قلوب ربات البيوت وأصحاب المعاشات والشباب من الجنسين وأساتذة الجامعة ورواد المقاهي ولا انسي العمال والفلاحين وساكني العشوائيات ، فأقول ان السر في نجاحه لايمكن في وسامة يوسف او خفة دمه الشديدة او سرعة بديهته فقط وانما نجاحه يعتمد علي جرأته التي تصل لحد التهور وقدرته علي اصطياد زلات لسان المشاهير وبناء مشاهد ساخرة عليها وتركيز الضحك في كبسولات او لنقل رصاصات تقتلك من الضحك و تغتال خصومه من الغم ..
ما يقدمه باسم ليس كوميديا سياسية التي تلجأ احيانا للرمز حتي لا تقع تحت طائله القانون ،وانما هو يدخل علي الخصم باسمه وفيديو له او مقاطع من خطبه كما يحدث مع الرئيس محمد مرسي الذي اصبح مادة تندر اسبوعية لباسم ومن ثم يكون الحديث عن الرئيس النكتة المفضلة لقطاعات عديدة من الموظفين والمدرسين والصحفيين وكلهم ينسبون التهريج والنكت الي باسم حتي لا يشتبكوا مع زملائهم المنتمين للإخوان الذين يكرهون باسم كراهيه التحريم ..
هاتفت باسم تليفونيا وقلت له ًمش كفاية بقي معارك مع الاخوان والرئيس ومذيعي المحطات الفضائية فقال ًليس هناك عداء متعمد ضدهم والبرنامج لا يقتصر عليهم بل انني أسخر احيانا من فنانين وزملائي المذيعين في نفس المحطة التي اعمل بها ..قاطعته لكن زملائك يغضبون والأستاذ عماد رفع قضية ضدك ..أجاب ده كان في اول اسبوع لان ستايل البرنامج كان صادما للجميع ،وبعد ذلك هدأت الامور ..
نعم هناك قضايا كثيرة مرفوعة ضد باسم ولكنه واثق انه سيكسبها..لماذا؟لانه لا يسب ولا يقذف وانما يعلق علي تناقضات للمشاهير ويسخر من تحولاتهم المؤيدة لمبارك ثم اللاعنة له ..القانون لا يجرم ان تقول رأيك او تعلق علي حدث او خطاب او حوار او غير ذلك..
سألت الفقيه القانوني د.شوقي السيد عما يطلقون عليه إهانات باسم يوسف للرئيس فأجاب انه اذا سخر باسم من الرئيس دون ان يسوق دليلا علي ما يعلق عليه او ينتقده فإنه يمكن ان يواجه تهمة الاهانة لكن طالما يقدم فقرات او مقتطفات من أقوال وافعال وأحاديث للشخصيات العامة فإن ذلك يخضع لحرية التعبير المكفولة دستوريا..التعليق ممكن ان يكون ساخرا او سياسيا او تاريخيا والاهانه لاتتحقق الا بمقال او رأي شخصي يتطوع به المذيع من عنده..
علي ايه حال سيواصل باسم يوسف اطلاق رصاصاته الساخرة علي خصومه فيرديهم وفي الوقت ذاته يضفي بهجه علي كثير من البيوت المصرية التي تبحث عن بسمة لايمكن ان تجدها في المسارح التي ارتفعت اسعار تذاكرها او السينيمات .. ولاننس أيضاً انه يتحدث بلسان حال كثير من المصريين ويعبر عنهم بخفة دم المصريين..
نجاح باسم ليس في جرأته اللامحدودة وانما في انه يعرف جيدا مفاتيح الشخصيات التي قرر مهاجمتها..يذاكر تصريحاتها وانفعالاتها ثم يفاجئها بالقنبلة كما فعل مع مرتضي المنصور المحامي الشهير الذي هدد باسم بالويل والثبور وعظائم الامور اذا ًجاب سيرتهً ولم يخش باسم التهديد فجاب سيرته والف عليها اغنية ساخرة وكان لسان حاله يقول له ارفع قضيهً..واعتقد انها ستكون قضية خاسرة ..
بقي ان تعرف ان نجاح ًالبرنامجً يرجع الي انه مسجل وليس علي الهواء وهناك مستشار قانوني يراجع الشريط ثلاث مرات قبل اذاعته وينتهي منه يوم الأربعاء ويتولى حذف الكثير من تعليقات باسم ..انه النموذج التليفزيوني لعملاق الكتابة الساخرة احمد رجب ..