أودعت محكمة القضاء الإداري (دائرة الاستثمار) برئاسة المستشار حمدي ياسين اليوم حيثياتها الكاملة في أحكام بطلان خصخصة الشركات الثلاث طنطا للكتان ومصر شبين الكوم للغزل والنسيج والنصر للمراجل البخارية . وأكدت المحكمة في الحيثيات على عدة مبادئ هامة منها "ان الخصخصة ليست شراً ولا خيراً مطلقا ،إنما الشر كله في الفساد الذي شاب بعض عمليات الخصخصة سواء من القائمين عليها او من بعض المستثمرين المتلاعبين" ،موضحة ان قواعد تقييم الشركات التي قررتها اللجنة الوزارية للخصخصة الصادرة بتاريخ 23 نوفمبر 2003والمعتمدة من مجلس الوزراء في 6 يناير 2004 شابها الانتقاء العشوائي لقواعد متفرقة لا رابط بينها سوى التخلص من شركات القطاع العام .
وتعاملت مع الشركات سواء الخاسرة او الرابحة او قليلة الربحية معاملة واحدة وعلى اساس القيمة الدفترية ،وقد وجدت تلك القواعد مساندة ودعم من الدكتور جودت الملط رئيس "الجهاز المركزي للمحاسبات" باعتباره عضو اللجنة الوزارية للخصخصة .
فاقر الملط بعد ذلك أسلوباً عشوائياً استثنائيا مبررا ذلك بكونه ضرورة للتخلص من النزيف الدائم للخسائر بالرغم ان الشركات التي تم تخصيصها غير خاسرة وتحقق أرباحا حتى لو كانت قليلة . وأشارت المحكمة ان تلك القواعد سمحت للمستثمر المشتري بتصفية جانب من العمالة بناء على رغبته المطلقة وتحمل الشركة القابضة لتكلفة المعاش المبكر ،وخصم تلك التكلفة من ثمن الشراء، كما سمحت للمستثمر بتغيير الغرض من استخدام ارض الشركة المباعة بالمخالفة للقانون .
وشاب القواعد تفريط خطير بشان منح الجمعيات العامة لشركات قطاع الأعمال العام برئاسة وزير الاستثمار حق الموافقة على ثمن لبيع الشركات يقل عن القيمة الدفترية وهو ما أطلق العنان للشركات القابضة بجمعياتها العامة لبيع الشركات التابعة لها وهي من الأموال الدولة بسعر غير مقيد بحد ادني . وطالبت المحكمة حكومة "ثورة 25 يناير" بسرعة التدخل لفحص وتقييم برنامج الخصخصة الذي تم تنفيذه منذ عام 1991 وحتى الآن، والذي دفع بالاقتصاد إلى الجمود والركود خاصة ان الدولة لم تستخدم حصيلة الخصخصة في بناء مشروعات إنتاجية جديدة وكانت اقرب لاستهلاك رصيد الأصول التى بنتها الأجيال والحكومات السابقة ومحاسبة كل من ساهم في تجريف الاقتصاد القومي . وألزمت المحكمة الجهة الإدارية متمثلة في رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء ووزير قطاع الأعمال ومحافظي المنوفية والغربية والجيزة باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على مقار ومعدات ووثائق الشركات الصادر أحكام ببطلان بيعها . كما أكدت المحكمة على مبدأ هام يتمثل في ان الأصول المؤممة والأصول المنزوع ملكيتها للمنفعة العامة لا يجوز تغيير الغرض منها او بيعها كما لا يجوز ان تخضع للتسجيل بالشهر العقاري او السجل العيني او للرهن وهو ما حدث مع شركة "النصر للمراجل "والتي انتزعت الدولة ملكيتها للمنفعة العامة ثم قامت بخصخصة الشركة وتغيير نشاطها وبيع معداتها وعمالها وعقودها وأخيرا محاولة التصرف في ارض الشركة .
تواصل معنا وشارك برأيك عبر صفحة "شبكة الإعلام العربية" - محيط على الفيس بوك