عبارة نسمعها دائماً في مجال الخدمات الإجتماعية حيث يقولها الناس لمن وقع في ضائقة مالية لطمأنته وتعويضه عما أصابه من أضرار . ولكني أتكلم اليوم في مقالى هذا حول قضية أخرى تدور حول هذا المعنى ...فالمواطن الذي يعيش في مجتمع أو الشخص الذي يعيش في أسرة لايصح له أن يتحرك بما يضر من حوله من إخوانه ولقد تعرضنا في حياتنا العملية إلى مواقف لم نكن نرغب فيها ولكن فرضها علينا آخرون فكم من شقيق تشاجر مع جيرانه وتسبب في إقحام أسرته في معارك معهم سقط فيها القتلى والجرحى من الجانبين .
وكم من أبن سلك طريق الجريمة فسرق الأموال وتناول المخدرات مما تسبب في إحراج أسرته وإرهاقهم خلفه مادياً ومعنوياً وكم من أبنة لم تقدر مقام أسرتها فانحرفت أخلاقياً وأصبحت سيرتها على لسان الجيران مما ألحق العار بعائلتها المحترمة .
وهكذا نشاهد مآسى كثيرة يصنعها الأفراد وتنعكس التبعات على غيرهم من الناس وكل ذلك محظور شرعاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى رواه ابن ماجه وصححه الألبان (لاضرر ولا ضرار) ، فهو يحث على أن يراعى الشخص حقوق الآخرين ممن هم حوله فلا يجر عليهم الأذى أو يتسبب في التعدى على حقوقهم مثلما يحب ألا يتعدى عليه أحد من الناس يقول الإمام الغزالى [فإذا تعدى في حسبته إلى أقاربه وجيرانه فليتركها فإن إيذاء المسلمين محظور ]
إن سائق العربه الذي يرى أن يسير في عرض الطريق لايتوقف عند إشارة مرور أو ربما يسير في الإتجاه المعاكس هو مخطئ بلا ريب ويعطل مصالح الناس ويعرض حياتهم للخطر .
فحرية المواطن لابد وأن تكون مقيدة بحقوق الآخرين فليس له أن ينظر إلى حريته بشكل منفصل عن الواقع المحيط به فيفرض على من حوله مواقفه التي يرفضونها ولو فعل كل أحد ذلك لأصبح المجتمع فوضى شاملة وتوقفت حركة الحياة تحت دعوى كل منا يصنع ما يشاء !!
وقد يظن بعض الأفراد أنهم يقومون بواجبات عليهم فلا ينظرون في عواقب الأمور ولايعرفون أحكام المآلات وكيف أنها تلحق بحكم الواقع فيتحركون بحسن النوايا وذلك لا يصلح في منظور الشريعة ولا يجوز إمضاؤه لقول الإمام ابن تميمة رحمه الله [ والواجبات والمستحبات لا بد وأن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة فمتى كانت مفسدة الأمر أعظم من مصلحته لم يكن مما أمر الله تعالى به ]
وهو كلام صريح لشيخ الإسلام يؤكد فيه على المعنى الذي نشير إليه من اعتبار للمصالح والمفاسد عند أداء الواجبات وكذلك المستحبات من الأعمال التى قررتها الشريعة .
ولا تشفع للإنسان حسن نيته إذ لا بد وأن يراعى شرطى قبول العمل وهو أن يكون خالصاً أي لله تعالى وصواباً أي على سنة نبيناً صلى الله عليه وسلم فعلى الإنسان العاقل ألا يبادر إلى فعل الشئ قبل أن يراجع صحة موقفه وذلك يتحقق باستشارة أهل العلم والاختصاص قبل الإقدام فقد لا تكون في العمر فسحة ليتوب أو يستسمح من تجاوز في حقهم وربما رفض الآخرون التسامح معه خاصة إذا كانت فعلته قد جلبت عليهم شراً مستطيراً و أوصدت أمامهم أبواب خير كثير ...
ومما لا شك فيه أن هناك من التصرفات الفردية التي وقعت عبر التاريخ تؤكد على أنها أضرت بفاعلها وبمن ينتمي إليهم وألحقت المطاعن على أصل المنهج الذى يدين به واستغلها الأعادى في حشد الخصوم والضرب في المقاتل وتكوين الرأي العام المناهض .
وأخيراً نختم في إشارة عاجلة إلى كل من لا ينتبه إلى رعاية حقوق الآخرين نقول له انتبه فلست وحدك لا تدخن السجائر في بيتك فتؤذي زوجتك وأبناءك ولا ترفع صوت المذياع فتؤذي به غيرك من السكان ، ولا تلقى بالقمامة في الشارع فتسد الطريق على المارة .
إن المرأه التي تخرج من بيتها في زينة وملابس خليعة تفتح أبواب الشر والفتنة أمام الناس وقد تعرض نفسها إلى التحرش الخادش للحياء أو التعليقات التي تهينها وتهين أهلها ، وهكذا في كل تصرف يلزم أن تراعى أيها المواطن أنك لست وحدك ؛