إن أي مسئول في حقل العمل يحيط به فريق من العاملين يشيرون عليه أو يساعدونه في أداء المهام التي هي عادة ما تكون مهمة المؤسسة التى يقودها ... ومن واقع تجاربنا في الحياة يتأكد لنا كل يوم صدق خبر الصادق المصدوق رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث جاء في الحديث الشريف (ما استخلف من خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصمه الله عز وجل) رواه بخارى.
وقد سمعنا عن فريق الشر كيف يحيك الدسائس ويوسوس للمسؤلين كشيطان مريد فيقطع كل مساعى الخير لدى المسئول ويلقى في أذنيه بالسم الذى يظهر في القرارات التى يملؤها الغضب والسخط على بعض الناس ممن هم حوله أو التابعين لولايته وتحت مسئوليته ومن عجيب ما رأيناه أن أحد المسؤلين رق قلبه لخصومه يريد أن يصطلح معهم فيتدخل البعض ليؤكدوا أن الإحسان مع هؤلاء لايجدى بل سيزدهم طغياناً فينصرف المسئول عن فعل الخيرات !!
قال الله تعالى (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )
وتتضح تلك الظاهرة أكثر في الولايات العامة إذ تجد المستشارين كثيرون على بعض الحكام أو الرؤساء بمعادة تيار بأكمله لكونه خطراً على نظام الحكم بزعمهم و أن وجوده يضر بالأمن القومي للبلاد !!
يقدمون من الادلة الكاذبة ما يصدقها صاحب القرار فيبادر إلى خصومة مع هؤلاء ثم يكتشف الحقيقة بعد فترة من الزمان يكون قد فات أوان الاصلاح وتفاقمت الأوضاع حتى وصلت إلى درجه الورطة أو الأزمة وقد يمتد أثر البطانه السيئة بأن تشير على رئيس كي يقدم النصيحة لدولة المجاورة بتجويع الشعب حتى لايتفرغ للعمل السياسي وينشغل بلقمة العيش يجرى وراءها ويلهث !!
والعجيب أن بطانة الخير تكون أقل نفوذاً عند المسئول لأنه ينظر إلى من يحدثه عن التسامح على أنه شخص غافل خامل طيب السريرة لا يفطن إلى المكائد ولا يدرك أبعاد الصراعات !!
ومن هنا تكون الغلبة للشر ما لم يكن المسئول حصيفاً يعرف كيف ينظر وممن يسمع فالبون شاسع بين المحسن والمسيء وبين المنصف والمعتدي ...فكل هذا مطلوب من كل مسئول في قطاعه ليمحص الأقوال والمقترحات ويعمل بالصالح منها .
ولا شك أن أخطر البطانات التى يتخدها الإنسان هي أن يجعل من أعدائه أصدقاء يسمع لهم ويشاورهم ويكاشفهم بما في نفسه ويعمل على إرضائهم .
ويقول الله تعالى محذراً المؤمنين من ذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُون )
فليحذر كل من يتعامل مع الأعادى من أضرار مخالطتهم أو تبادل النصيحة معهم فينعكس ذلك سلباً على قرارته ثم سلوكه فلا يرى إلا ما يراه عدوه ولايحدث إلا بما أرشده إليه .
فهذه نقمة من الله تصيب العبد لكونه أخل بمنهج الله في اتخاذ مشورته وبطانته التي يجب أن تكون من بني جلدته وعلى دينه وملته فينصحون له في أمانة وهم عليه مشفقون ويراعون ما أمر الله به ولا يورطونه في مواقف تجر عليه المفاسد والمتاعب .
هذا ونسأل الله تعالى التوفيق إلى الأخذ بالمرشد وتقديم بطانة الخير واستبعاد بطانة الشر وعدم الأخذ برأيها لأننا بحاجة أكثر إلى التسامح وعدم الانتقام كي نتقدم إلى الأمام وقد صفت القلوب وتطهرت النفوس واجتمعب الكلمة على طاعة الله تعالى .
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه