* الإفراج عن " الشيخ " ليست مسئولية الإسلاميين وحدهم ولكنها مسئولية كل صاحب ضمير حر فى هذا الوطن ! * عشرون عاماً من التعذيب الممنهج على أيدى السجان الأمريكى لشيخ فى ال 75 من عمره يعانى 9 أمراض مزمنة مع فقدانه للبصر .. ثم بعد ذلك نتحدث عن الديمقراطية الأمريكية ! * سبل الإفراج عن الشيخ تتحدد فى (تدخل فورى من د. مرسى – حصار سلمى للسفارة الأمريكية – خطة إعلامية واسعة لتبيان مظلمته – تحرك واسع ومخلص من تلامذته فى الحركات الإسلامية)
عشرون عاماً من الاعتقال والتعذيب هى زمن الغربة الذى عاشه الشيخ عمر عبد الرحمن فى واشنطن ؛ عشرون عاماً ، ولا أحد يجرؤ على أن يجبر قادة أمريكا على احترام شرعية حقوق الإنسان فى هذا الرجل ، الذى سجن ظلماً ، بتهمة مفتعلة هى المساهمة والتحريض على تفجير مركز التجارة العالمى ، وذلك بعد أن تم استدراجه عبر عميل مصرى كان يقيم فى واشنطن عام 1994 ؛ عشرون عاماً – أو أقل قليلاً – والشيخ يرسل آلاف النداءات ، والمناشدات وأبناؤه يعتصمون ويتظاهرون ، قبل الثورة (ثورة يناير الذى يعد الشيخ بجهاده ضد نظامى السادات وحسنى مبارك ، شريكاً فاعلاً فيها مهما اختلفنا فى تقييم أدوات هذا الجهاد أو حتى رفضناها) عشرات الوعود من ثوار وحكام ما بعد 25 يناير ولا إجابة أمريكية واحدة محترمة تقدر للرجل شيبته ، أو حتى تدرك أبسط قيم الإنسانية حين تعامل رجل تجاوز ال 75 من عمره ويعانى من 9 أمراض مزمنة ومؤلمة كل مرض منها يستدعى خروجه فوراً من هذا المعتقل غير الآدمى ، ومنها أمراض (سرطان البنكرياس – القلب – السكرى – الروماتيزم – الصداع المزمن – آلام مزمنة للمفاصل أدت إلى عدم القدرة على الحركة إلا على كرسى متحرك) فضلاً عن حالته المعروفة من فقدان للبصر ، كل هذا والرجل يجبر على أن يعيش فى زنزانة منفردة مع حراس لا يتحدثون اللغة العربية ويتعمدون إهانته شخصياً وإهانة مصحفه وكتبه الإسلامية وطريقة صلاته ويحولون بينه وبين (الوضوء) يحرمونه من التواصل ليس مع أهله فى مصر فقط بل حتى مع المحامين الأمريكان ، بل وسجنوا محاميته المناضلة الحقوقية (إلين ستيوارت 66 عاماً) بتهمة مساعدة الشيخ عبر توصيل رسائله إلى أهله ؛ فأى ديمقراطية أمريكية أو غربية تلك التى يتحدثون عنها !! وهل يجوز لمن يفتقدها تجاه شيخ تجاوز ال 75 عاماً أن يصدرها لبلاد حرة مثل بلادنا ؟! .
***
* إننا من المختلفين فكرياً وسياسياً مع الشيخ ومدرسته الإسلامية ، ولكن الضمير والوازع الأخلاقى الذى ينبغى أن يحرك أصحاب الأقلام كافة ، يجبرنا أن نعلى من مظلمته ونطالب بإنصافه والإفراج عنه ؛ وليسمح لنا القارىء فى هذا المقام أن أعيد بعض سطور من مقال مطول لنا عن الشيخ كتبناها عنه عام 2009 مطالبين بالإفراج عنه ونشرته جريدة (صوت الأمة فى 30/3/2009) ، قلنا فيها نصاً : أن مأساة الشيخ عمر عبد الرحمن في ظني، نستطيع قراءتها من أكثر من زاوية، ونستشف منها أكثر من دلالة:
فأولاً: الشيخ عمر عبد الرحمن ألقي في السجن بناء علي تهمة ظالمة، مثل أغلب المعتقلين العرب والمسلمين هناك وفي مقدمتهم معتقلي (جونتانامو)، تهمة قامت علي الوشاية، وتم استدراجه من الخرطوم بالسودان إلي واشنطن، والدفع بأحد الجواسيس الأمنيين المصريين عام 1994 لتوريط الشيخ في تهمة التحريض علي العنف وارتكاب جرائم ضد الحكومة الأمريكية، منها التحريض علي تفجير مركز التجارة العالمي، في تمثيلية وهمية لا تستند إلي أدلة مادية قاطعة، وحاول الرجل أن يدافع عن نفسه، فلم تساعده اللغة ولا القوانين ولا الروح العنصرية الأمريكية، ولعبت وقتها الحكومة المصرية دوراً في إثبات التهم عليه، ورفضت تسلمه رغم عرض واشنطن ذلك عليها أكثر من مرة، إننا إذن أمام مؤامرة علي رجل لم يرتكب جريمة، وكل تهمته أنه كان معارضاً سياسياً لنظام الحكم في بلده، وأعطاه القضاء قرار براءة في التهمة الوحيدة التي وجهت إليه إبان أحداث تنظيم الجهاد لعام 1981، مؤامرة في تقديرنا يراد بها أن تنتهي بإنهاء حياته وليس بالإفراج الصحي عنه وطرفا المؤامرة حتى لا تضيع منا الخيوط هما الحكومة المصرية والحكومة الأمريكية، ولا داعي لأن يبرأ البعض من قيادات الجماعة الإسلامية حكومتنا من دم الشيخ، وإلصاقها في الأزهر مثلاً (كما فعل بيان أخير منسوب للجماعة الإسلامية) وكأن الأزهر وشيخه لو طالب أمريكا بالإفراج عن الشيخ لاستجابت؟! إن الأمر أمر سياسة أيها الأخوة لا أمر دين، الأمر هنا أمر إعدام للشيخ، وإهدار لدمه كي يموت هناك، رهيناً للمحبسين محبس السجن، ومحبس الغربة الظالمة، وليس محبس فقدانه للبصر كما يتخيل البعض!! .
ثانياً: إذا كانت الدولة المصرية، قد تخلت عن دورها في الإفراج عن هذا الشيخ المريض السجين لدى ظلمة، وقتلة، ليس مستبعداً منهم أن يكونوا قد جعلوه حقلاً لتجاربهم الطبية القاتلة، فهم سفلة، وعنصريون، وكارهون بالفطرة لكل من هو عربي ومسلم، إذا كانت حكومتنا تخلت عنه وعن عشرات الشباب المصري المعتقل في جونتانامو، فإن الواجب الشرعي، والإنساني، يطالب منظمات المجتمع المدني، وحقوق الإنسان أن تتدخل، وتنشط في تبني قضيته، والتي أثبتت منظمات حقوقية أمريكية عديدة أنها قائمة علي تهم ظالمة وجزافية، وأنها قضية سياسية بالأساس وليست جنائية يمكن تفهم دوافعها وأسبابها. إن الحكومة المصرية التي سبق وسكتت عن جريمة إسقاط طائرتها في أمريكا ووافقت الأجهزة الأمريكية المجرمة علي تحميل الطيار (البطوطي) مسئولية تفجيرها لأنه قال [توكلت علي الله]، لن يمكنها الحديث في قضية متهم برئ، قال للجاسوس المصري الذي استدرجه لهذه القضية، أيضاً ما يشبه [توكلت علي الله] فتم تأويلها وتوظيفها للحكم عليه بالمؤبد. إن دور الكتاب الشرفاء، هنا مطلوب، ودور الجماعات الإسلامية، مطلوب، وإذا كانت ثمة قنوات سياسية خلفية قد فتحت لهم مع النظام المصري، فنحن ندعوهم إلي الاستفادة منها فشيخهم في خطر، ودعواتهم لا تصل إليه لأنها لازالت دون المستوى المطلوب " .
***
* تلك كلماتنا عن الشيخ قبل أربع سنوات ، نشرناها فى عهد الرئيس المخلوع (حسنى مبارك) ويؤسفنى أن أقول (ما أشبه الليلة بالبارحة) فلايزال الشيخ فى السجن الأمريكى ولازالت السفيرة الأمريكية وطابور الساسة الأمريكان (من جون كيرى إلى هيلارى كلينتون) يزورون مصر ويدخلون مقرات الأحزاب الإسلامية والعلمانية دون أن يقل لهم أحد كلمة واحدة عن هذا الشيخ الأسير ودون ضغوط حقيقية عليهم لكى يفرجوا عنه ويفكوا كربه فالرجل بالفعل فى محنة كبرى ويكفى كلماته المعبرة التى قالها قبل سنوات فى رسالة لزوجته وأولاده [ أعيش فى كرب شديد ودعوات الأخوة الصالحين فى مصر لا تصلنى ] ؛ وكيف تصله والجميع (إسلامى وغير إسلامى) غارق حتى أذنيه فى البحث عن مصالحه ومصالح حزبه وجماعته ، إن قضية الإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن، فى تقديرنا أضحت مسئولية الجميع، مسئولية الحكم والمعارضة مسئولية الوطنيين من القوى القومية واليسارية قبل (الإسلاميين) لأنها قضية إنسان معزول ،مريض، بلا حول ولا قوة ، يعذبه نظام أكبر وأجرم دولة فى عالمنا المعاصر ،إن عمر عبد الرحمن يواجه وحده قسوة وإجرام أوباما وأجهزة مخابراته وسفارته ذات الوظيفة التجسسية وذات الدور التاريخى فى ضرب الثورة وإهانة الشعب العربى .
* إن بقاء الشيخ عمر عبد الرحمن فى المعتقل الأمريكى حتى اليوم ، معناه أن يموت الرجل فى سجنهم،معناه أن ينال حريته عن جريمة لم يرتكبها،بعد أن يكون قد فارق الحياة،وفى هذا ظلم بين،من العار أن يسكت عليه من يمتلك ضميراً حراً بعيداً عن انتمائه الأيديولوجى .
* إن سبل الإفراج عن الشيخ عديدة ، لعل أهمها أن يتحرك رئيس الدولة د. محمد مرسى – فوراً - لينفذ وعده الذى أعلنه عندما كان يدلى بالقسم أمام الجماهير بعد انتخابه فى 30/6/2012 . ونحسب أن بإمكانه ذلك إن هو لوح للأمريكان بقوة ، ثم يأتى دور القوى الوطنية والحركات الإسلامية عبر اعتصام وحصار سلمى واسع النطاق ومخلص للسفارة الأمريكية بالقاهرة أى لا يستهدف الظهور الإعلامى فقط ، بل يستهدف إجبار الأمريكان عبر سفارتهم أن يفرجوا عن الرجل وهو حقه القانونى الذى تعلمه جيداً الخارجية الأمريكية ولديها الوثائق والدساتير لذلك ؛ إن الحصار أو الاعتصام السلمى الجديد لسفارة واشنطن ، مع حملة إعلامية منظمة من صحافتنا الوطنية كلها باعتبارها قضية إنسانية ينبغى أن نتجاوز فيها خلافتنا وانتماءاتنا الأيديولوجية .
* إن تم ذلك ، وفوراً ، فإن الرجل سيرى النور وسيعود إلى بلده من ذلك المعتقل شديد العنصرية ، والإجرام ، فلنتحرك ، ولندافع عن حرية الشيخ عمر عبد الرحمن ، ولو بكلمة ، فهذا هو الجهاد الحقيقى ، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون .