استمرار المعارك بين مقاتلي المعارضة المسلحة بسوريا, والقوات الموالية للنظام, أجبر الأخيرة على التفكير في فرض منطقة عازلة بعمق 8 كيلومترات لفصل مركز مدينة دمشق عن الريف الثائر. وانتشرت الحواجز الأمنية في كل مكان من العاصمة السورية دمشق وأصبحت جزءاً من المشهد اليومي لسكانها. ففي تاريخ 24-4-2011, أي بعد شهر وعشرة ايام من انطلاق الانتفاضة الشعبية في سوريا ضد نظام الحكم، أقامت أجهزة الامن أول حاجز عسكري لها في مدينة دوماً, ثالث المناطق التي شاركت في حركة الاحتجاجات, هذا الحاجز كان إعلاناً لانتشارها في كل أرجاء البلد
وتشير صحيفة "الحياة" اللندنية انه في آخر نقطة تفتيش قُبيل الوصول إلى إحدى ضواحي ريف دمشق, عُلِّق لوحٌ خشبي وثُبِّت بمتانةٍ بأكياس من التراب, وضعِت صورة للرئيس السوري بشار الأسد، كُتبت عليها عبارات على جوانبها الأربعة: إلى اليسار كتبت جملة "نحن جنود الأسد"، والى يمين اللوح كُتب "الله للعبادة والجيش للبسالة والأسد للقيادة"، وكتبت عبارة "الأسد أو لا أحد" في الجهة العليا للصورة أما في أسفل اللوح فقد كُتِب "الله سوريا بشار وبس".
معاناة الطلبة والموظفين وتقول لما (22 عاماً - طالبة سنة ثالثة، هندسة العمارة في جامعة دمشق) من سكان مدينة صحنايا ل"الحياة" انها تخرج من المنزل مبكرة لتصل الى كليتها بسرعة، بسبب مرورها ب 6 حواجز و11 دبابة يومياً ، مشيرة إلى ان نظام الحياة لديها تغير ولابد من تعديله.
وتضيف لما: "من بيتي الى جامعتي كنت أصل خلال نصف ساعة. الآن احتاج الى ساعتين ونصف الى ثلاث ساعات. في الكثير من الاحيان ينقطع الطريق ولا أستطيع العودة الى بيتي واضطر ان انام عند زميلاتي".
ويقدر النشطاء المعارضون عدد الحواجز الرسمية في دمشق بقرابة 300 حاجز عسكري وأمني؛ عدا تلك التي أقامتها اللجان الشعبية بإيعاز من الأجهزة الأمنية لحماية "الشوارع من الارهابيين". وأرهق انتشار هذه الحواجز الطلبة والموظفين بالدرجة الاولى بسبب تنقلهم اليومي, والتفتيش يؤدي الى ازدحام مروري خانق؛ ومشهد طوابير السيارات المزدحمة أصبح روتينياً.
توفيق (46 عاماً - موظف في دائرة حكومية) قال إن تلك الحواجز تظهرُ قوة النظام في مدينة دمشق فقط، لأنه فقد سيطرته على اكثر من 60 في المائة من ريف دمشق.
وأضاف ل"الحياة": "الحواجز في العاصمة اغلبها شكلية والهدف الأساسي منها استعراض عضلات النظام وعرقلة السير وازعاج الناس".
وتابع قائلاً: "السلطة تكذب بادعاء وجود عصابات ارهابية، فإلى الآن لم نشهد تفجيراً ارهابياً مثلاً على جبل قاسيون او في مناطق تجمع الاجهزة الامنية".
ولم ينس توفيق شرحَ مأساته اليومية، إذ يقول:"«أخرج من بيتي في الساعة السابعة صباحاً لأصل الى دوامي الساعة الثامنة والنصف. قبل ذلك طبعاً كان الطريق يستغرق حوالى 15 او20 دقيقة. والسبب يعود الى حاجز العدوي والفيحاء كونهما يدققان كثيراً ويؤخران السير".
انتشار الحواجز وتتراوح أعداد عناصر الحاجز الواحد بين خمسة وعشرة أشخاص يلبسون الزي العسكري بالهندام الميداني كاملاً، يقفون في ستار صنع من اكياس الرمل وفي بعض الاحيان من التراب, يفتشون السيارات ذهاباً وإياباً. يطلبون إبراز البطاقة الشخصية, ثم تبدأ الأسئلة المعتادة: من أنت... من أين أنت قادم والى أين تذهب. يطلبون فتح صندوق السيارة, ويفتشونها, لتبدأ طوابير السيارات تباعاً بالتزايد.
ساحة الامويين ليست افضل حالاً, اذ انتشر فيها حاجزان، الاول على الطريق المؤدي الى الجمارك, والآخر في بداية المدخل المؤدي الى منطقة أبو رمانة أحد الشوارع الراقية في العاصمة. أما ساحة السبع بحرات التي كانت تتألق بتدفق مياهها وطريقها الدائري, فتحولت الآن بسبب الحواجز الى موقف للشاحنات الضخمة التي احتلتها وقطعت بذلك كل الطرق وأبقت على مدخل شارع الباكستاني المؤدي الى شارع بغداد, والطريق القادم من المزرعة والميسات الى شارع العابد.