في العدد الجديد من مجلة "تراث" الإماراتية، كتب الدكتور معجب الزهراني، وهو أكاديمي ومفكر سعودي يقول : المرأة الشجرة اختفت اليوم من فضاءات الحياة لانقراض العمل الفلاحي ولانتشار العباءات السوداء الكئيبة من جهة اخرى . كلما رأيت صورا فوتوغرافية أو تلفازية لنساء الأرياف الشامية واليمنية والمغربية تذكرت أجمل الكائنات في قريتنا "قرية الغرباء" انطويت على حزني عن تقدم ثقافة الحواضر الحجازية العريقة وثقافة الأرياف العملية النشطة لتقود عمليات التطور والتحول حصل ما يشبه الردة إلى مزيج متنافر من الأزياء البدوية المتقشفة والأزياء الدينية المتزمتة والأزياء الغربية الحديثة المنمطة المسطحة . ويختتم بقوله : لا أظن أن الأنظمة التي تنشغل بملابس النساء أكثر من انشغالها بالتنمية ومحاربة الفقر والفساد تعمر طويلا لأنها أنظمة تشتغل ضد منطق التاريخ ومنطق الحياة ! وستعود الأشجار الجميلة إلى الحقل ذات يوم .
يتناول العدد أيضا الكشف عن أقدم مساجد الإمارات، فقد عثرت فرق التنقيب على بقايا مسجد قديم يعود تاريخه إلى ما قبل 500 سنة ، ليعد أقدم مسجد بدولة الإمارات على الإطلاق، ويقع بإمارة رأس الخيمة، ويرجح أنه يعود لعام 1512.
ملف العدد أعده الشاعر عبدالرحيم الخصار بعنوان "تجليات التراث العربي لدى عرب امريكا" ويفتتحه بقصة ذلك العبد العربي الذي كان أول من تطأ قدمه أرض أمريكا من بني جلدته، واسمه "الزموري" استقدم من المغرب سنة 1528م ثم ستتوالى هجرات العرب الشوام والمشارقة هاربين من استبداد العثمانيين الذين كانوا يفرضون سيطرتهم على عدد من البلدان العربية آنذاك .
ويؤسس "المتحف العربي الأمريكي" في ديربورن بولاية ميتشجن لنماذج مختلفة من التراث العربي من خلال لوحات ومقاطع من الكتب المقدسة وخرائط ومجسمات وكتب لجبران واسطوانات لأم كلثوم ونماذج للمعمار والزخرفة في دول شمال إفريقيا.
ومع الأسف يؤكد الدكتور خالد سليكي رئيس المركز المتوسطي للدراسات أن ماكينة الغرب تفرض على المهاجر الاندماج فيها وعدم التفكير طويلا في هويته الأصلية، وعادة يتمسك بعض العرب بعاداتهم وتقاليدهم بشكل هامشي نراه بالمساجد مثلا وفي المناسبات هروبا من التهميش الثقافي .
المجلة الصادرة عن نادي "تراث" الإمارات ، استضافت في عددها الأخير الكاتب الجزائري محمد ونيسي، وهو المعني بالتنقيب في الثقافة الأمازيغية وهو يؤكد أن إعادة قراءة التاريخ بروح العصر هو المخرج الوحيد لأزمة الهوية . ووصف الواقع اللغوي في الجزائر بالتردي بسبب تخبط المنظومة التربوية .
وضمن باب الرحلات "ارتياد الآفاق" نقرأ بالمجلة : في أحد أيام صيف عام 1955 وصل إلى أبوظبي مؤرخ وكاتب انجليزي يدعى رودريك أوين ضمن دولة في شبه الجزيرة العربية، وقد نشر رحلته في كتاب تحت عنوان "the golden bubble" " وتكررت رحلة أوين لتصبح ثلاث رحلات آخرها عام 1989 فأصبحت مادة قيمة للمؤرخين المهتمين بتاريخ المنطقة .. وقد تتبعت الباحثة شمسه الظاهري خطى أوين المثيرة .
وفي العدد نقرأ في باب "قال الراوي" ما يؤكده الباحث الدكتور محمد عبدالحافظ أحد أشهر المهتمين بالسيرة الهلالية، أن النساء يحتللن بطولة المشاهد المركزية في سيرة بني هلال على نحو فريد لا نظير له في التراث العربي برمته، إلا في "ألف ليلة وليلة " بينما مثل الرجال حراسا للسيرة الهلالية ورواة ومؤدين لها على نحو أتاح لهم حرية صوغها في أشكال شعرية تتسم بالفحولة كالمربع والموال والفرادي والقصيد البدوي التقليدي.
أخيرا في العدد تقرأ أن الخيول العربية الأصيلة ثبت أن لديها تركيبا جينيا يتيح لها نوعا رابعا من الحركة لا يتاح لغيرها من السلالات .
يذكر أن كتاب العدد وضع تحت اسم "شهرزاد الحكايات" لمفيد نجم وهو قراءة في بنية الحكاية الشفاهية الإماراتية .
المجلة تحت إشراف الدكتور راشد المزروعي، وإدارة وليد علاء الدين .