في البداية أتسائل هل نجحت الثورة المصرية؟.. الإجابة.. أشك في ذلك وشواهدي على ذلك كثيرة ومتعددة.. أولها كل من تم تقديمه للمحاكمة بتهمة قتل الثوار في جميع محافظات مصر حصلوا على البراءة، وعاد جميع الضباط الأشاوس القتلة إلى مناصبهم في جهاز الشرطة بل الكثيرين منهم حصلوا على ترقيات وزيادة في مرتباتهم؛ أما الدليل الآخر هو أن الرئيس المخلوع، والعادلى، وصفوت الشريف، وزكريا عزمي، وفتحي سرور،... وغيرهم من رجال فساد عصر مبارك قبلت «محكمة النقض» الطعن في الإحكام التي صدرت ضدهم، وسيتم إعادة محاكمتهم مرة أخرى أمام دوائر أخرى وسيحصلون على البراءة أيضا؛ بل الآن الكثيرين منهم في بيوتهم عفواً في قصورهم وفيلاتهم بعد إخلاء سبيلهم. سيحصلون على البراءة وتقفل قضايا قتل الثوار، وستغلق قضايا نهب وسرقة أموال المصريين على مدار 30 سنة، و"كل ما سنستفيده شوية فلوس عبيطة سيدفعها المجرمون اللصوص".. رد هدايا الأهرام والأخبار سداد قيمة شقق أو فيلات تحصلوا عليه بدون وجه حق.. شوية حاجات تافهة تسدد أو تسترد وينتهي الأمر.
طبعاً أسباب نجاح القتلة والمجرمون في الإفلات من حبل المشنقة يكمن في أن النائب العام السابق عبدالمجيد محمود سلق التحقيقات، ولام يبدي أي اهتمام أو حرص بجمع المعلومات والأدلة التي تدين هؤلاء وهى كانت كثيرة، ولو وضعت تحت بصر القضاء المصري لأعدم هؤلاء القتلة 1000 مرة؛ لكن قدموا إلى المحاكمات بأدلة ضعيفة واهية قادتهم إلى البراءة وضياع حق المصريين وإهدار دم الشهداء الإبرار.
وأسأل مرة أخرى هل نجحت الثورة المصرية؟
أقولها بكل قوة لا لم تنجح الثورة.. فبعد هذه الثورة لم يتحقق شيء مما كان يحلم به المصريون، لا عيش، ولا حرية، ولا عدالة اجتماعية، والسبب الوزارة الفاشلة التي تدير البلاد ويرأسها د هشام قنديل قليل الخبرة، والذي يقودنا إلى التهلكة والتردي الاقتصادي بمباركة الرئيس محمد مرسى قليل الخبرة أيضا.
لم تنجح الثورة إلى الآن لأنها أتت برئيس قليل الخبرة عديم الحلم فهو ليست له خبرات سابقة، فلم يكن رجل دولة ولا الذين من حوله كانوا رجال دولة بل أنهم هواه يجربون، ويحاولون، وكلهم غير قادرين على إدارة البلاد ووضع رؤى وبرامج وخطط تخرج البلاد من عثرتها.
وفشل الرئيس محمد مرسى في جمع شمل البلاد، وأصر على الفرقة بين شركاء الوطن، وكل يوم تزداد الفجوة والفرقة.
لم تنجح الثورة لأن الرئيس أصر على تمرير الدستور رغم رفض الكثيرين، لم تنجح الثورة لإصرار الرئيس على إسناد مهمة التشريع لمجلس الشورى المنتخب ب 6% من المصريين، وإصراره على تمرير قانون التظاهر الاستبدادي الذي هو في جوهره قانون يمنع التظاهر ويحرم المصريين من التعبير عن رأيهم وهذا حقهم الدستوري.
لم تنجح الثورة لان شعاراتها لم تتحقق حتى الآن «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» ...فلا وجدنا عيش لنأكله ولا حرية نتنفسها.. والعدالة اجتماعية غائبة عن المشهد... الواسطة والمحسوبية مستمرين كما كانوا من قبل بل وازداد الأمر بجاحة.. معظم الشعب يعانى من البطالة وعدم القدرة على العيش وتلبية أدنى متطلبات الحياة، والمسئولين وأولادهم فوق الناس، بل وصل الأمر بأحد المسئولين وقال نحن أسياد البلد.
هل تغير شيء بعد الثورة؟
لا لم يتغير الأمر كما هو بل ازداد سوءاً كل الأمر إننا غيرنا نظام فاسد مستبد ديكتاتوري وجئنا بنظام جاهل ضعيف فاشل، لا يحمل أي رؤى سياسية ولا اقتصادية، لا برامج أو مشروعات كبرى و"لا حاجة خالص".. الاقتصاد المصري يعانى، والشعب المصري يعانى ولا يجد قوت يومه، القوانين يتم تفصيلها وحياكتها حسب المطلوب، المعارضة ببغاوات تبحث عن منصب وكرسي، هدفها السلطة ويتحرق الناس ويموتوا أيه المشكلة، لا الحكومة والنظام يهمهم الشعب، ولا المعارضة يهمها الشعب وآلام الناس ومتاعبها.. الكل يلهث وراء السلطة والكرسي والمناصب.
فهل نستطيع أن نقول نجحت الثورة المصرية؟
لا لم تنجح بعد ونحتاج أن يتم تعديل مسارها وتحقيق أهدافها المبدئية عيش حرية عدالة اجتماعية، وعندما تتحقق تلك الشعارات سنكون على أول طريق النجاح، وإذا لم تتحقق تلك الأهداف سنكون أمام ثورة جديدة وعنيفة لن يكون شعاراتها كسابقتها والمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية؛ بل سيكون شعارها الهلاك للجميع.. نعم وسيهلك الجميع ونتمنى ألا يحدث ذلك.