عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ , أَنَّهُ خَرَجَ فِي جِنَازَةٍ فِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ , فَصَلَّى عَلَيْهَا فَانْصَرَفَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِحَاجَةٍ , فَضَرَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْكِبِي , وَقَالَ : أَتَدْرِي بِكَمِ انْصَرَفَ هَذَا ؟ قُلْتُ : لا أَدْرِي ، قَالَ : انْصَرَفَ بِقِيرَاطٍ ، فَقُلْتُ : ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَمَا الْقِيرَاطُ ؟ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَانْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ ، فَإِنِ انْتَظَرَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ ؛ وَالْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَعْجَبُ مِنْ قَوْلِي : مِثْلُ أُحُدٍ ، حَقٌّ لِعَظَمَةِ رَبِّنَا أَنْ يَكُونَ قِيرَاطُهُ مِثْلَ أُحُدٍ , وَيَوْمُهُ كَأَلْفِ سَنَةٍ " . معنى الحديث: من صلى على جنازة مسلم ، ثم تبعها حتى يُفرغ من دفنها ، فله قيراطان من الأجر كل قيراط مثل جبل أحدفإن صلى عليها ، ثم تبعها إلى المقبرة ولم يمكث معها ، حتى يفرغ من دفنها ، بل انصرف قبل دفنها ، لم يأخذ الأجر كاملاً، فعلق القيراطين بالصلاة عليها وحضور دفنها.
قال النووي رحمه الله : "واعلم أن القيراطين بالدفن إنما هما لمن صلى عليها , فيحصل له بالدفن والصلاة جميعاً قيراطان , وبالصلاة على انفرادها قيراط , وقد جاءت روايات الحديث في الصحيح ببيان هذا.. وفيما يحصل به قيراط الدفن وجهان...., قلت : والصحيح أنه لا يحصل إلا بالفراغ من الدفن لرواية البخاري ومسلم : (ومن تبعها حتى يفرغ من دفنها فله قيراطان) ، وفي رواية مسلم (حتى يفرغ منها) ...
ثم قال رحمه الله : والحاصل أن الانصراف عن الجنازة مراتب : 1 ينصرف عقب الصلاة . 2 ينصرف عقب وضعها في القبر ، وسترها باللبن قبل إهالة التراب . 3 ينصرف بعد إهالة التراب وفراغ القبر . 4 يمكث عقب الفراغ ، ويستغفر للميت ويدعو له ، ويسأل له التثبيت . فالرابعة أكمل المراتب ، والثالثة تحصل القراطين ، ولا تحصله الثانية على الأصح ويحصل بالأولى قيراط بلا خلاف".