يوافق اليوم الأربعاء الاحتفال باليوم العالمي لرفض تشويه الأعضاء التناسلية للإناث المتعارف عليه بمصطلح "ختان الإناث" الذى ترعاه اليونيسف إحدى منظمات الأممالمتحدة ، للدفاع عن حقوق الطفولة ، والتي تسعى للقضاء على ممارسة هذه العادة الضارة والخطيرة التى تتعرض لها فتاة كل 15 ثانية في مناطق مختلفة من العالم. فقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يهدف إلى إنهاء عمليات ختان الإناث، وعين يوم السادس من فبراير/ شباط من كل عام "يوماً دولياً لعدم التسامح" إزاء هذه الممارسة، التي وصفت ب"البغيضة" ، وهو يوم توعية عالمي ترعاه اليونيسف في 6 فبراير من كل عام.
وجاءت الفكرة من سيدة نيجيريا الأولى ستيلا أوباسانجو في مؤتمر اللجنة الأفريقية الدولية المعنية بالممارسات التقليدية التي تؤثر في صحة المرأة والطفل، وذلك في مايو 2005.
وفي هذا اليوم العالمي ورغم الفتاوى الدينية المناهضة لختان الإناث من القضاء على هذه العادة المتوارثة منذ آلاف السنين ، إلا ان لم تفلح في البعد عن رفض العادة الضارة .
عواقب وخيمة
ويوضح صندوق الأممالمتحدة للسكان أن غالبية الفتيات اللواتي يتعرضن للخطر نتيجة تلك الممارسة تصغر أعمارهن عن 15 عاماً، وينتمون إلى 28 بلد في أفريقيا، وبعض البلدان في الشرق الأوسط وآسيا. وأعلى النسب تتواجد في بلدان مثل جيبوتي، ومصر، واريتريا، وغينيا، ومالي، وسيراليون، والصومال، والسودان وتبلغ نسب أدناها بين الدول المسجلة لحالات من هذه الممارسة في الكاميرون، وأوغندا، وتوجو، واليمن.
والمفارقة تكمن في أن ظاهرة ختان الإناث أدينت بالعديد من المعاهدات والاتفاقيات، التي صدقت عليها الحكومات في معظم البلدان التي تنتشر فيها تلك العادة، إلا أن تقلص الانتشار لا يزال طفيفاً رغم الإجماع الدولي بأن الختان ينتهك حق الفرد في الصحة، والأمان، والسلامة البدنية، وحقه في عدم التعرض لأية معاملة تتسم بالتعذيب، أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الإهانة، وكذلك حقه في الحفاظ على حياته إذا تعرض لممارسة قد تفضي إلى الوفاة.
وقد أثبتت الأبحاث القائمة على الأدلة أن الختان له عواقب وخيمة على صحة المرأة والطفل، تبدأ من الألم والصدمة العصبية، وصولاً إلى زيادة حالات وفيات الرضع. وعواقب الختان طويلة الأجل وتشمل العدوى المزمنة وما يصاحبها من آلام، والاضطراب النفسي نتيجة للصدمة العصبية.
"يوم التدوين"
وعلى الرغم من اضمحلال نسب ممارسة ختان الإناث حول العالم، الا أن النسب لاتزال هائلة في مصر، حيث أطلق ائتلاف الجمعيات المناهضة لختان الإناث، حملة تزامنت مع احياء العالم ليوم مكافحة ختان الاناث، على أن تستمر اليوم وغداً بعنوان "يوم التدوين ضد ختان الإناث في مصر" ، بهدف التوعية بتلك الممارسة الضارة من خلال مواقع التواصل الاجتماعية، ومن المقرر أن يقوم النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خلال يومي 6 و7 بالتدوين والتغريد ضد ختان البنات في مصر.
وتنتشر عادة ممارسة الختان بين الإناث في مصر، حيث تعد نسبته مرتفعة بالرغم من المؤشرات الحديثة توضح أن الظاهرة بدأت في التناقص بين الفتيات والنساء من الجيل الجديد. ووفقاً لتقرير المسح الديموجرافي والصحي لمصر عام 2008، بلغ معدل انتشار ختان الإناث 91,1٪ بين النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15-49 سنة، بينما بلغ 74 ٪ بين الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-17 سنة. ويتوقع التقرير، أن ينخفض المعدل على مدى السنوات الخمس عشرة القادمة بين الفتيات في سن 15- 17 ليصل إلى 45٪.
وفي يونيو عام 2008، وافق مجلس الشعب على تجريم ختان الإناث في قانون العقوبات من خلال الحكم بالسجن لمدة 3 أشهر كحد أدنى، وسنتان كحد أقصى، أو بدفع غرامة تتراوح بين 1000 جنيه مصري كحدٍ أدنى، و5000 جنيه مصري كحد أدنى.
وفي عام 2007، أصدر مفتي الجمهورية، فضيلة الشيخ علي جمعة، فتوى تدين ختان الإناث، كما صدر بيان عن المجلس الأعلى لمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، يوضح أن ختان الإناث لا أساس له في جوهر الشريعة الإسلامية أو أي من أحكامه الجزئية.
غير ملزمة دينيا
ويقول منسق برنامج مناهضة ختان الإناث في مصر مجدي حلمي "لدينا فتوى بأن عادة ختان الإناث غير ملزمة دينيا. هذه الفتوى صادرة من الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف".
وأضاف حلمي حسبما جاء بموقع "سكاي نيوز" :"لكن هذه الفتوى، وعلى الرغم من صدورها من أعلى المؤسسات الدينية لم تقض على هذه العادة".
ورأى أن "عادة الختان ممارسة إفريقية اجتماعية بدرجة كبيرة جدا، وهي متوارثة منذ أجيال وإن كانت فريضة دينية لكانت الفتاوى الدينية التي تناهضها قد أدت إلى الامتناع عنها والقضاء عليها تماما".
ولم يكن الختان محظورا من قبل منظمة الصحة العالمية، لكن وقوع وفيات بسبب سوء تطبيقه في الأرياف وتلوث الجروح والآثار النفسية المترتبة عليه دفع المنظماتِ الدولية إلى رفضه وتجريم القائمين على تنفيذه.
ويضيف حلمي أن "هذه العادة تمارس لأن هناك اعتقاد خاطئ بأن الختان يؤدي إلى تهدئة البنات جنسيا وبالتالي يسهم في عفتهم".
وأكد قائلا :"نحن من جانبنا نحاول أن نثبت خطأ هذا المعتقد عن طريق الشرح المبسط للحقائق العلمية التي تثبت أن الرغبة الجنسية تأتي من المخ والحواس وليس من الأعضاء التناسلية".
وتنتشر عملية الختان بشكل رئيسي في إفريقيا، خاصة في غرب القارة، بينما تندر أو تكاد تنعدم في جنوبها. ويحدد حلمي أن "هناك نحو 27 دولة في أفريقيا تمارس هذه العادة".
آخر الاحصائيات
وبمناسبة هذا اليوم العالمي أصدرت منظمة الاممالمتحدة للامومة والطفولة (يونيسيف) بالتعاون مع صندوق الاممالمتحدة للسكان تقريرا حول ظاهرة ختان الاناث حول العالم والتقديرات الحديثة لها .
وأكد اليونيسيف في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء - أن حوالى 120 مليون فتاة وامرأة فى 29 بلدا قد تعرضن لعملية الختان فى الوقت الذي تواجه ما يقارب 30 مليون فتاة تحت سن الخامسة عشرة هذا الخطر الصحى .
وذكرت المنظمتان في تقريرهما الصادر بمناسبة اليوم العالمي لمواجهة ظاهرة تشويه الاعضاء التناسلية للاناث - أن نسبة تقدر بحوالي 36 % من الفتيات بين سن 15 الى19 عاما فى 29 بلدا من بلدان افريقيا والشرق الأوسط قد تعرضن للختان وذلك مقابل نسبة قدرها 53% للنساء فى الفئة العمرية ما بين 45 الى 49 عاما .
وأكدت المنظمة الأممية أنه فى الوقت الذي أحرز فيه تقدما كبيرا نحو اتجاه المجتمعات في غالبية دول العالم إلى مواجهة تلك الظاهرة غير الصحية والتي تؤثر بشكل سلبي على حياة الإناث وتعرضها للخطر ، فقد أشارت إلى أن البرنامج المشترك لليونيسيف وصندوق الاممالمتحدة للسكان تؤكد مستويات الاستجابة له أن إنهاء هذه الظاهرة المجتمعية خلال السنوات القادمة هو امر ممكن .
فى ذات الاطار، ففى حين ذكرت المنظمة الدولية فى تقريرها أنه ومنذ عام 2008حين بدأ البرنامج المشترك لمنظمتا الاممالمتحدة لمواجهة الظاهرة فإن حوالى 10الاف من المجتمعات المحلية فى 15 بلدا تمثل حوالى 8 ملايين نسمة قد تخلت عن هذه الممارسة ذلك اضافة الى 1775 مجتمعا فى جميع انحاء القارة الافريقية فقد اعلنت هى الاخرى علنا عزمها القضاء على هذه الظاهرة .