هاجم الدكتور صلاح فضل أستاذ النقد الأدبي تيار الإسلام السياسي في مصر، معتبرا أنه يقفز على الديمقراطية ويدغدغ مشاعر الناس بالدين بدلا من المشاريع الجادة للنهضة . في حين اعتبر الدكتور حسام عقل أستاذ النقد الأدبي ، خلال مناظرة جمعتهما بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اعتبر الناقد أن التيار اليساري والليبرالي عليه هو الآخر أن يقدم مراجعات لأدائه وأن ينتبه لتاريخ الليبرالية الحقيقي الذي قدمه العقاد وسعد زغلول ومحمد حسين هيكل في الماضي . كما حذر من خطورة استنساخ تجارب العنف اليساري القديمة والتي نراها في ظاهرة "بلاك بلوك" بشوارع مصر . وقد أكد الدكتور صلاح فضل أن مشكلة الدستور هي سبب من أسباب الاضطرابات التي تشهدها الآن، قائلا :حاولنا وضع معايير للجمعية لكن حزب الحرية والعدالة رفض، وبعد مضي شهرين اتضح أن غياب المثقفين والقانونيين قد أثر على الجمعية فشكلوا لجنة استشارية وكنت عضو فيها وعندما انتهينا من تقريرنا بضرورة تعديل 66 مادة من الدستور عرضناه على المستشار حسام الغرياني لعرضها على الجمعية، فطلب منا أن نترك الأوراق، فقلنا أننا لابد أن نعرضها على الجمعية لتوضيح وجهة نظرنا في تعديل كل مادة، فرد علينا قائلا: الوقت ضيق .. وتم إخراج الدستور على عجل وبه ثغرات تفتح أبواب جهنم، رغم أن الدستور كان من الممكن أن يخرج مرضيا للجميع لو كان هناك قليل من التريث. من جانب آخر، أكد فضل على الموروث الثقافي والديني والفني الذي تميزت به أمتنا منذ أقدم العصور، وقد أضيف لهم البعد العلمي والمعرفي ، وإبداعات التكنولوجيا . ودعا فضل لتأصيل مفاهيم الديمقراطية ببلادنا، والتي تفرض علينا احترام وقبول الآخر والتعايش السلمي والحرية الإنسانية . وبخصوص الحرية، قال فضل : علينا أن ندعم التداول السلمي للسطة، والحرية الاقتصادية المشروطة بالعدالة الاجتماعية لمحاربة التوحش الرأسمالي، وكذلك الحريات الثقافية والاجتماعية. وعن المواثيق البشرية أي وثائق حقوق الإنسان والمرأة والطفل قال فضل أنه كان سعيد عندما قرأ كتاب في صغره في علم الاجتماع بعنوان "حقوق الإنسان في الإسلام"، ومن وقتها علمت أن المبادئ الأساسية التي انتهت لها المواثيق البشرية موجودة في الإسلام ولكن يفهمها المستنيرون وليس المتعصبون. وأضاف فضل : "لا أعرف لماذا أجد بعض المتأسلمين اليوم ممن يتخذون الدين للتجارة السياسية يقفون ضد المواثيق العالمية لحقوق الإنسان، أقول لهم لن يستطيع أي إنسان أن يفرض علينا شيئا لا يتوافق معنا، كما شدد على أنه لابد وأن ينبذ المجتمع دعاة الفرقة بين المسلم والمسيحي، مشيرا إلى أنه لا يعرف كيف خرج هؤلاء على المجتمع بدعوات متخلفة وتعتبر عار على تاريخ مصر فينبغي أن نبرأ ممن يقولها، مستنكرا من يقول أن إلقاء التحية على المسيحيين حرام،، ومطالبا بإلقاء مثل هذه الدعوات في القمامة لأنها تخالف موروث شعب عريق يرسخ للتعايش. من جانبه أكد الدكتور حسام عقل مدرس النقد الأدبي، بكلية الآداب بجامعة عين شمس، انه يختلف مع بعض ما يطرحه الدكتور صلاح فضل، وقال إن الوطن المصري يمر بمرحلة محتقنة، حيث تصور الكثيرون أن المشكلة تكمن في إزاحة الطاغية واكتشفنا بعدها أننا دخلنا في الاختبار الثاني وهو تعايش الفرقاء. وتساءل هل يمكن لهذا الثالوث اليساري والليبرالي والإسلامي أن يجلسوا إلى طاولة واحدة ويصنعوا عقد اجتماعي جديد؟، خاصة وأننا نحتاج كل واحد منهم فاليساري نحتاجه من اجل العدالة الاجتماعية أما الليبرالي فنحتاج منه الحريات المدنية أما الإسلامي فنريد منه الوسطية المعتدلة لعمل المنظومة الوطنية .. هل يمكن أن نصنع ذلك من خلال حوار خلاق؟، هذا هو الاختبار الذي علينا أن نجتازه. ووصف عقل ما يحدث في مصر الآن بين التيارات الإسلامية والتيار الأخر بالشيطانية حيث يتحدث الإسلاميين على الآخرين بمنطق الإلحاد والكفر والآخرين يتكلمون على الإسلاميين أنهم خارجين على العصر والوقت، وهذا ما يعانيه الوطن المصري ولذلك مهمة المثقفين إعادة مصر كوطن واحدا للجميع.
وأضاف عقل أن الليبرالية الحالية ليست كالليبرالية التي كانت في مطلع القرن الماضي بل أصبحت أكثر تسطيح ، متحدثا عن ليبرالية محمد حسنين هيكل التي كانت ناطقة بالنضج واستشهد بالمقالة الشديدة التي كتبها هيكل حول فساد القصر وعندما طلب النقراشي باشا وقتها منه الاعتذار ، رفض هيكل وقال تذكر أني أتحدث عن صاحبة الجلالة قاصدا الصحافة وهذه هي الليبرالية الحق.
فالليبرالية التي جعلت العقاد يدفع 9 شهور من حياته في السجن لرفضه أن تسحق القوانين وكذلك ليبرالية سعد زغلول الذي استطاع أن يخوض الانتخابات وهو يضمن الرصيد الشعبي، لم تعد موجودة، فالليبرالية الآن استطاع مبارك أن يستثمرها وكان المثقفون جزء من هذا المشهد وقبل رحيل مبارك عقد لقاء مع 13 مثقفا وخرج أحدهم بعنوان "إنسانية رجال الرئيس" ولم يكن دم خالد سعيد قد جف بعد . وأكد عقل أن وظيفة المثقفين هي صناعة عقد اجتماعي جديد من خلال تبصير الناس بمعني الحرية وتجلياتها السياسية والحياتية . وقال عقل إن استنساخ تجارب اليسار العنيف لمصر، أمر مرفوض يهدد أمن مصر، مؤكدًا على أن تجربة "البلاك بلوك" هي استنساخ للغلو والتزمت وعلينا أن نرفضه. وكشف عقل عن أنه بعد حوار دار بينه وبين عصام العريان ومع أبو العز الحريري وقيادات حزب الغد، وجد أن العيب يكاد يكون قاسم مشترك بين الثلاث ومشتركين في إغراق مصر بسبب دخولهم في تنظير سياسي شديد الخطورة. وأكد عقل أن الأفكار التي تظهر لبعض المنتمين للتيار الإسلامي وقد تكون صادمة يمكن حلها بالحوار وقال " كان لي تجربة في الحوار مع بعضهم فبعد الثورة بعض الشباب قاموا بتغطية التماثيل في الإسكندرية بناء على فتوى بتحريمها من احد الدعاة الإسلاميين، وبدأت الأجواء تتكهرب، ووجدت النخبة المثقفة أضعف من أن تعالج الموقف، فخاطبت صاحب فتوى التحريم ودار حوار بيننا لمدة نصف ساعة وقلت له من سيسمع الفتوى من الممكن أن يتجه ليهدم أبو الهول في حين أن عمرو بن العاص عندما جاء مصر لم يمس أي شيء له علاقة بالفراعنة، وبالفعل بعد حواري معه، أصدر فتوى أخرى بأن التماثيل في مصر ليست شرك بل تراث .. وهكذا تمكنت من حل المشكلة بالحوار وليس بالاتهامات المتبادلة. كما أوضح عقل أن أزمة الدعوات المتزمتة التي تعارض الإسلام الصحيح الذي تربى عليه في كتب محمود شلتوت على سبيل المثال هي أن الأزهر لم يعد لدوره منذ الستينات.. إذن لا تكمن المشكلة في تقديري إلا في شيء واحد انه حتى الآن لم يحدث حوار ولم يجلس الفرقاء على طاولة واحدة، ومع ذلك فأنا متفائل من أنهم سيجلسون على طاولة واحدة بعد أن دفع الكل الثمن. وتابع: عندما كنا في الميدان وقت الثورة لم يكن هناك لافتات أيدلوجية وبدأ الفلول باللعب على التفرقة فلابد من قرع جرس الإنذار، إما التعايش أو الموت فإما نموذج تركيا أو لبنان .. ولكني متأكد من أن مصر قادرة على اجتياز كبوتها .