يشكل الحوار الوطني والمصالحة بين القوى السياسية باليمن مرحلة مهمة، ويعد عصب المرحلة الثانية من تنفيذ المبادرة الخليجية بشأن حل الأزمة اليمنية بما يحقق الأمن والاستقرار المنشود في ربوع البلاد. فعلى صعيد الحوار أحد أهم بنود المبادرة الخليجية، تشير مصادر يمنية مسئولة باللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني إلى احتمال عقد المؤتمر مع نهاية شهر فبراير أوائل مارس المقبلين ، في ظل العديد من الصعوبات السياسية والاقتصادية ، الأولى بسبب عدم اتفاق القوى السياسية المختلفة على نسب المشاركة وعلى موضوعات الحوار ، والثانية بسبب عدم توفير التمويل الدولي اللازم لأعمال المؤتمر وتمويل للجان المكلفة بمعالجة ملف الأراضي وتعويض المتضررين وصرف مستحقات المبعدين من وظائفهم.
القضية الجنوبية
وفى إطار النقطة الأولى ، فقد دعا المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية في اليمن، القوى السياسية بمناطق الجنوب إلى تقديم مشروعهم ورؤيتهم لحل القضية الجنوبية وتقديمها على طاولة الحوار الوطني الشامل المرتقب "، ويترتب على ذلك التفاهم على شكل الدولة وعلى طبيعة النظام السياسي ومنهجية وأسلوب إدارتها"، مطالبا الجميع بأن يستعدوا للتعاطي بإيجابية مع مدخلات ومخرجات الحوار الوطني والالتزام بمضامينها وطي صفحات الماضي المؤلمة واستخلاص عبرها لبناء الحاضر والتأسيس لمستقبل مشرق لليمن الجديد".
وأكد المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية باليمن - فى بيان له أن اليمن اليوم يقف على أعتاب مرحلة فاصلة وحاسمة والجميع يتهيأ للدخول في حوار وطني عام وشامل هادف وبناء لإنقاذ الوطن ثم المضي قدما باتجاه إعادة بنائه والشروع في تنميته.
وشدد البيان على الوضوح والصدق والإخلاص والصراحة في العلاقات التكتيكية والنفعية والمصلحية بين مختلف القوى الوطنية الفاعلة على الساحة ، مع ضرورة ترجيح مصالح الوطن الاستراتيجية وأهمها أمنه واستقراره والسعي الحثيث لحل القضايا الوطنية الإستراتيجية وفي مقدمتها القضية الجنوبية حلا عادلا ومنصفا .
ذكرى الثورة
وعلى صعيد متصل أحيت حركة 15 يناير في العاصمة اليمنية صنعاء، الذكرى السنوية الثانية لانطلاق الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام حكم الرئيس علي عبدالله صالح بخطاب وحدوي صارخ، وذلك بعد أقل من مضى 48 ساعة على مهرجان ضخم سلمى للحراك الجنوبي في عدن دعما لمطالب انفصال الجنوب عن الشمال.. بالتزامن مع تقارير عن تأجيل جديد لمؤتمر الحوار الوطني المتعثر، وهذه المرة إلى مارس.
وفى إطار الاستعداد لمؤتمر الحوار الوطني التقى الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادي، مع عدد مع ممثلي عدد القوى السياسية حيث تم بحث عدد من الموضوعات المتعلقة بآلية عقد المؤتمر وكيفية تحديد نسب المشاركة لكل القوى السياسية .. إلى جانب الأمور الموضوعة الخاصة ببنود وجدول أعمال المؤتمر ، فى إطار التحضيرات الجارية حاليا.
وفي سياق متصل ، بتهيئة الأجواء لعقد المؤتمر ، كان مجلس النواب اليمنى برئاسة يحيى على الراعى قد أحال مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية إلى لجنة الشئون الدستورية والقانونية ولجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان ولجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية لمناقشته ودراسته وتقديم نتائج بما يتم التوصل إليه إلى المجلس لإبداء الرأي فيه.
ويستهدف مشروع القانون إلى وضع نهاية لأسباب الانقسام والصراع بين أفراد المجتمع اليمني وإدراكا للمعاناة التي تعرض لها كثيرا نتيجة للصراعات السياسية في الماضي والحاضر وحقه في تحقيق العدالة والتعويض المناسب وتأكيدا على ما التزمت به الأطراف السياسية الموقعة على مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية والآلية التنفيذية للعملية الانتقالية الموقعة عليها في مدينة الرياض بتاريخ 23 نوفمبر 2011 .
رؤية مستقلة
وفى هذا الصدد يؤكد الدكتور محمد المخلافي وزير الشئون القانونية في حكومة الوفاق الوطني ، أن اليمن يحتاج فعلا إلى مشروع قانون عدالة انتقالية ومصالحة وطنية مبني على رؤية يمنية مستقلة وليس على أفكار نمطية مستوردة لا تتماشى بالضرورة مع الواقع اليمني. ويرى الوزير - في تصريح صحفي له مؤخرا - ضرورة أن يكون مشروع المصالحة استجابة لضرورات التعايش الاجتماعي السلمي ، مؤكدا أنه ليس بالإمكان بناء أي دولة دون وجود مجتمع مترابط يتقاسم مفاهيم وقيم ومصالح عليا واحدة وموحدة وبعض تلك التجارب كانت قد فشلت لسبب أساسي يكمن في قيامها باستنساخ التجارب التي سبقتها دون الأخذ بعين الاعتبار للخصوصية الثقافية التي تحدد الطرق المثلى للتصالح.
ويأتى مشروع القانون تنفيذا لأحد بنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية ، وتحدد المبادرة عددا من الخطوات التي يجب اتخاذها قبل عام 2014 مثل إعادة هيكلة الجيش المنقسم، وتنظيم حوار وطني لجميع القوى السياسية متمثلة في حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك، والحوثيين الذين يسيطرون على أجزاء من شمال اليمن، والحراك الجنوبي الذي يدعو للانفصال، والشباب والنساء وغيرهم من الفصائل السياسية الأخرى، للاتفاق على وضع نظام مناسب للحكم وصياغة دستور جديد سيحدد النظام الانتخابي الجديد.
وكان مستشار الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر ومبعوثه إلى اليمن قد دعا ، كافة الأطياف وجميع الأطراف السياسية اليمنية على التعامل مع العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية بجدية بما يتفق مع الأعراف والقوانين الدولية وعلى نحو يساهم في إنجاح عملية انتقال السلطة وتعميق الديمقراطية ، وقد لوح في تصريح له خلال إحدى زياراته لليمن ، إلى إمكانية أن يفرض مجلس الأمن عقوبات ضد معرقلي التسوية السياسية في اليمن تحت البند السابع.