لليهود الصهاينة عدة أسانيد وحجج يستخدمونها لابتزاز العالم، ولتبرير مشروعهم الاستيطاني العنصري على أرض فلسطين العربية؛ محور هذه الحجج الصهيونية يدور حول: الاضطهاد بشتى تعريفاته الإنسانية والمادية والدينية.
أبرز وأهم حجج اليهود الصهاينة فى العصر الحديث كانت "أحداث النازي"، حيث كان هتلر يؤمن بفكرة الجنس الأعلى والتخلص من الأجناس الأقل وعزلها، وكان من ضمن توصيفه للأجناس الأقل: البولنديون – الشعوب السلافية (شرق أوربا)- الغجر – الهنود- الباكستان- اليهود.
التوظيف الصهيونى للأحداث:
لكن الجنس أو العرق الوحيد الذى استفاد من "أحداث النازي" كان اليهود – بغض النظر عن انطباق شروط القومية عليهم-؛ فقالوا أن اليهود تعرض منهم 6 مليون للاضطهاد والحصار والقتل؛ ثم الحرق فى أفران هتلر! مع الوضع فى الاعتبار أن هذه ال 6 مليون عدد مبالغ فيه جدا؛ وأن هتلر لم يكن يوجه أفكاره عن الجنس الأعلى لليهود بعينهم، بل شملت خططه كل الأعراق المذكورة، وكذلك شملت خططه إخصاء المرضى النفسيين، والمرضى العقليين، والشواذ.
لكن الجماعة الوحيدة التى استفادت من أحداث النازي وفكره العنصرى؛ كانت يهود الصهيونية حيث استخدمتها فى اتجاهين رئيسيين يصبان فى خدمة الصهيونية السياسية،
الأول: ابتزاز أوربا وألمانيا من خلال التركيز على عقدة الذنب واضطهاد اليهود فى الحرب العالمية الثانية والمطالبة بتعويضات ضخمة،
والثاني: استخدام عنصرية هتلر لتبرير عنصرية اليهود فى تعاملهم مع الفلسطينيين ورغبتهم فى التخلص الجماعي منهم (الترانسفير) مثلما كان يرغب هتلر فى التخلص من الشعوب الأقل تماما.
اليهودى التائه:
أما الهولوكوست الشرقي أو الفزاعة التى تستخدمها الدولة الصهيونية ضد العرب، فتتمثل فى المطالبة بتعويضات عن أملاك مزعومة تخلى عنها اليهود قبل هجرتهم إلى فلسطينالمحتلة، وفى ذلك شك. معروف على مر التاريخ أن اليهود بعد خروجهم وشتاتهم التاريخى الأخير من فلسطين ( سنة 70 ميلادية على يد هادريان الروماني) أصبحوا يعملون فى مهن تجارة المال التى تقوم على السمسرة والخبرة التجارية ليس إلا، فكان اليهودى يستعد للرحيل فى أي وقت وارتبطت به صفة "اليهودى التائه" أو اليهودى الجوالة الرحال الذى لا يستقر فى مكان بعينه، حتى إن كانت له مصالح ترتبط بأملاك إقليمية ثابتة، كان يملك خططا تسيلها بسهولة وسرعة! لأنه فى قرار نفسه يعلم أن الرحيل قد يأتي فى أي وقت.
ما بين النكسة والعدوان:
الفترة الدالة على حقيقة اللغط الدائر عن أملاك اليهود فى مصر هى 1948-1956م، وهى الفترة بين إعلان إقامة إسرائيل دولة الصهيونية (حرب النكسة) وبين اشتراك هذه الدولة الصهيونية فى العدوان الثلاثي على مصر، عندما أعلنت الدولة الصهيونية كان الكثير من يهود مصر يؤمنون بالصهيونية ويدعمونها سرا وعلانية؛ مما تسبب فى حالة من الانفصال والعزلة غير المعلنة بعد حرب 1948م وانتصار صهيونية اليهود.
هنا شعر اليهود بأن الرحيل أصبح حتميا، إما لدولة المشروع الصهيونى أو بسبب تنامي العداء غير المعلن لدور يهود مصر فى خدمة الصهيونية، خاصة بعد فضيحة "لافون" 1954م التى تورط فيها يهود مصريون، المهم أن التوجه الاستراتيجي لدى يهود مصر هذه الفترة كان منصبا على الاستعداد للرحيل فى سرية تامة، بعد تهريب كافة أموالهم وتسييل أصولهم.
والمثال الأبرز على ذلك بنك "موصيرى" المملوك بالكامل ليهود مصريين أسسته عائلة موصيرى، حيث قام هذا البنك فى الفترة المعنية من 1948-1956 بتهريب ما يفوق أصوله للخارج، عن طريق حيلة ذكية هى إعطائه قروض وسلف لأعضاء مجلس الإدارة اليهودى وبشكل قانوني تماما.
وكذلك كان الحال مع معظم المؤسسات اليهودية حيث استغلت هذه فى الفترة الزمنية التى تلت حرب 48 وسبقت حرب 56 فى تهريب معظم رؤوس أموالها، بل وكل ما استطاعت تهريبه.
مطالبات وحقوق مصرية:
والحقيقة أن لمصر حقوقا مسلوبة لدى الصهيونية وإسرائيل وليس العكس، لقد تحولت أرض أم الرشراش المصرية إلى ميناء إيلات التابع للدولة الصهيونية، ويجب الشروع فى إجراءات المطالبة الدولية باسترداد هذا الميناء بما عليه من منشآت تعويضا عن فترة الاحتلال الطويلة.
وهناك عمليات القتل والتعذيب التى مورست فى حق الأسرى المصريين فى حروب 1956 و 1967، والتى تستحق المطالبة بالتعويضات المادية والاعتذار الرسمي عنها.
ناهيك عن الحقوق والأرض والأملاك العربية المسلوبة فى فلسطين وسوريا ولبنان، التى كان يجب المطالبة بها! والدور العدواني الذى تمارسه إسرائيل ضد مصر فى القرن الأفريقي، والعديد من المبيدات والبذور المسرطنة الواردة من إسرائيل لمصر، والتى يمكن بسهولة إثبات قانونية المطالبة بتعويضات عن الأضرار التى نجمت عنها فى حق المواطن المصرى.
تعويضات تاريخية عن ذهب مصر:
والأولى أن تطالب القيادة السياسية المصرية بتعويضات من إسرائيل (بزعمها أنها تمثل العرق والديانة اليهودية التاريخية) عن سرقة قبائل بنى إسرائيل للذهب المصرى، عند الخروج من مصر والمذكور وقائعه فى التوراة! ألم يقم مشروع الصهيونية على دعاوى دينية وتاريخية من جانب اليهود فى التوراة، إذن من حقنا كمصريين أن نطالب بتعويضات عن سرقة الذهب المصرى مع قبائل بنى إسرائيل فى أثناء الخروج مع موسى عليه السلام! أقيمت الصهيونية استنادا للتوراة، وهم يطالبون بحقهم فى الأهرامات (التى يزعمون المشاركة فى بنائها)! لذا الحق المصرى الأكيد هو المطالبة بتعويضات عن سرقة الذهب المصرى فى خروج اليهود الأول من مصر، وهو ما كان أولى المطالبة بتعويضات عنه، لا المطالبة بدفع التعويضات المزعومة للدولة الصهيونية عن خروج اليهود الثاني من مصر!