اشتدت معركة دمشق، كما تزامن ذلك مع انهيارات للنظام في حلب وريف ادلب والمناطق العسكرية فيهم، وأعلن عن البدء في عملية تحرير حماه.
لم يعد النظام قادرا على تلقي الضربات، وقد بات عاجزا عن تأمين وصول ضيف له عبر مطار دمشق الدولي، فظهر عجزه بينا.
النظام، وحلفائه، وندمائه اضحوا يبحثون عن طوق نجاة، فتارة نجد تصريحا للشرع، ثم حسن نصر الله، ثم المالكي، فلافروف، ثم عاموس جلعاد، وكلهم يتكلم عن وصول الحل العسكري لجدار مسدود من طرفي الصراع. قد يكون الحائط مسدودا امام النظام وجيشه، اما الثورة وجيشها فحائط النظام كله ثغرات، وكما قال جيفري وايت في احد تحليلاته ان النظام يفقد بمعدل 1000قتيل شهريا و 4000 آلاف جريح ولا يستطيع تعويضهم، بينما الجيش الحر يفقد ما معدله 800 شهيد، و لايجد صعوبة البتة في النقص الذي يحصل في الرجال، بل ان سيطرة الجيش الحر –والكلام ليجفري وايت ايضا- على مخازن السلاح استطاع تحييد سلاح الجو الى حد كبير، وان لم يستطع الجيش الحر التعامل حتى الان مع القصف المدفعي، وان كان –جيفري وايت ايضا- سيستطيع قريبا ايجاد الحل المناسب للتعامل مع سلاح المدفيعة.
ضعف النظام واضح، بين للعيان، والمجتمع الدولي يريد سيطرة على المخرجات، وللسيطرة على المخرجات لا بد من حل سياسي عبر ماراثونات تفاوضية تفضي في النهاية الى حكومة توافقية مع الحفاظ على هيكلية الجيش والقوى الامنية المجرمة.
ما الحل امام النظام؟
كما رأى الثوار ان تحرير حماه سيشغل النظام عن معركة دمشق، فقد اختار النظام استخدام نفس الخطة، والتي تقتضي بمفهومه ضرب كل منطقة رخوة غير محصنة جيدا، واحداث مجازر كبيرة فيها، كما حصل في مجازر المخابز في حلفايا وتلبيسة ثم في اقتحام دير بعلبة يوم امس.
النظام من وراء هجومه على مناطق رخوة، وعمل مجازر كبيرة تحدث صدى عالميا، يهدف اشياء منها:
-- الهروب الى الامام، كي يوصل رسالة الى المجتمع الدولي "أنا موجود". وانه ليس بالضعف الذي يجعله ورقة للتفاوض، بل هو موجود ومازال قادرا على التفاوض.
-- كما يهدف الى رفع معنويات انصاره، وانه مازال قادرا على الضرب بقوة رغم كل الهزائم والتراجع في مناطق شتى على امتداد الرقعة السورية.
ماالعمل بالنسبة للجيش الحر؟
للاسف ما زالت كثير من كتائب الجيش الحر في بعض المناطق المحررة، تظن ان لكل منها دولة. وتحسب ان النظام قد تهاوى، وتحررت الارض.
سوريا اكبر من بقاع محررة هنا او هناك، لن تتحرر سوريا الا بمقتل بشار، وانكفائه بكل اسلحته عن كل المدن، والارياف. عندما تصبح كل الحواجز داخل المدن وحولها، وعلى الطرق الدولية هي حواجز للجيش الحر فعندها تكون قد تحررت سوريا.
ان اقتحام دير بعلبة، ثم لوم الريف الشمالي، ليس سوى صورة صغيرة يمكن ان تتكرر في اماكن عدة. اين هم كل كتائب حمص الاخرى؟، لماذا لم تكن اصلا كتائب دير بعلبة منسقة مسبقا، مع الريف الشمالي، ومع كتائب حمص الاخرى؟، ام ان لكل مجموعة قائد ملهم، لا يقبل ان يسود سواه؟!!!، وهل كانت كتائب دير بعلبة موحدة اصلا قبل الهجوم؟.
الهدف ليس لوم دير بعلبة او الريف الشمالي او غيرهم، لكن هناك حقائق يجب ان نعيها جيدا:
-- ان المعركة هي معركة كل الشعب بمدنه وريفه وبواديه.
-- ان النصر هو نصر للامة، وان الهزيمة –والتي لن تحصل بحال بإذن الله- هي هزيمة للامة، ولن تتوقف بعدها انهار الدماء الزكية.
-- ان اية منطقة مهما كانت محصنة، ومهما كان عندها سلاح، فهي ضعيفة عندما لا تنسق مع اخوانها في الكتائب الاخرى.
-- ان اية منطقة ضعيفة هي منطقة قوية فاعلة بتكافل اهلها ووحدتهم، وضربهم ضربة رجل واحد، وهذا ما كان عندما هزم مدنيون عزل، بحناجرهم كل ارهاب النظام وبطشه، لانه كانوا يدا واحدة على من عاداهم.
-- ان بقاء حالة التشرذم، يمكن ان يحول قطاعات من الثورة الى عصابات مسلحة، تفض عنها حاضنتها الاجتماعية مما يؤدي الى افولها، ثم هزيمتها. لا نطلب وحدة كاملة تحت قيادة واحدة، بل تنسيق بقيادة مشتركة حقيقية لكل منطق. وان نترفع عن الصغائر وهوى النفس، وان يعذر بعضنا بعضا، وان نحسن الظن، وان نبني جهازا امنيا قويا ستحتاجه الكتائب ايما احتياج في قابل الايام.
اخيرا، كما ان شعار الثورة "يالله مالنا غيرك يالله"، فإن الله يقول في كتابه"واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا"، ويقول "ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص"، ويقول "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".
جشينا الحر البطل: انتم بعد الله الامل، فكونوا على قدر المسؤولية التي انتم اهل لها، واعلموا ان قوتكم بعد الله، ثم وحدتكم هي في احتضان الشعب لكم، فحذار من التشرذم ثم فقدان حاضنتكم لا سمح الله.